واشنطن قلقة من تسرب إسلاميين في الجيش الباكستاني

اعتقال 4 ضباط بعد الهجوم على قاعدة كراتشي البحرية > «الجهاد المسلح» يثنى عليه في المقررات الدراسية بين قادة وصفوف الجيش

TT

يشعر كبار مسؤولي الجيش الباكستاني بحرج بالغ من الهجوم على أسامة بن لادن فضلا عن سلسلة الهجمات التي يشنها المسلحون على مواقع أمنية حيوية والقلق بشأن اختراق صفوفهم من قبل إسلاميين يعاونون المسلحين في حملة ضد الدولة. تزايدت بواعث القلق لتصبح أكثر حدة منذ مقتل بن لادن في موقع يبعد أقل من ميل عن أكاديمية باكستان العسكرية المرموقة. وما عزز الشعور بالقلق هجوم مسلحين على قاعدة بحرية في كراتشي خلال الأسبوع الحالي، الذي يعتقد أنه تطلب مساعدة من عناصر داخل القاعدة على حد قول مسؤولين.

وذهل أشفق كياني، رئيس أركان الجيش الباكستاني، الذي أعرب عن غضبه صراحة مثل الحكومة المدنية من العملية السرية التي نفذتها الولايات المتحدة، من مكان اختباء بن لادن، حيث قال للمسؤولين الأميركيين في اجتماع مؤخرا إن الأولوية كانت «لترتيب البيت الداخلي» بحسب أحد كبار المسؤولين في الاستخبارات الباكستانية نقلا عنه.

وقال المسؤول الذي رفض ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع: «نحن نتعرض لهجمات، والمهاجمون يحصلون على معلومات سرية للغاية عن أهدافهم». ويزعم مسؤول رفيع المستوى في الجيش الباكستاني أن صفوف الجيش قد تطهرت من الإسلاميين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ومنذ ذلك الحين، يردد كبار مسؤولي الدولة تصريحات تؤكد التزام القوات المسلحة بمحاربة المتطرفين، وأن الترسانة النووية الباكستانية في أيد أمينة.

لكن لم يكن ذلك كافيا لإقناع المسؤولين الأميركيين، حيث استمروا في الضغط على باكستان لتعزيز حملتها للقضاء على أفراد الجيش والاستخبارات الذين يتعاونون مع الجماعات المسلحة. وأكدت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، خلال زيارة غير معلنة إلى إسلام آباد يوم الجمعة الماضي، على المطالب الأميركية بمزيد من التعاون من قبل باكستان في الحرب ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان والجماعات الإسلامية المسلحة الأخرى التي تضرب بجذورها في باكستان. وقال الأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، إن الولايات المتحدة تنتظر من الحكومة الباكستانية اتخاذ خطوات حاسمة خلال الأيام المقبلة.

ليس من الواضح حقيقة التزام كياني والقادة العسكريين الآخرين بتطهير صفوفهم من تلك العناصر. ويقول مسؤولون أميركيون ومحللون باكستانيون إن دعم الاستخبارات الباكستانية للجماعات المسلحة المتطرفة خاصة التي تشن هجمات على الهند وأفغانستان يأتي في إطار سياسة الأمر الواقع التي تتبعها باكستان وليست حالات فردية من عناصر مارقة. لكن كياني تحت الضغط الشديد من المواطنين الباكستانيين الذين فاض بهم الكيل من هجمات المسلحين ومن المنتقدين داخل الإدارة الأميركية الذين يرون اختباء بن لادن في مدينة بها وجود عسكري كبير دليل قاطع على أن باكستان تشترك في لعبة مزدوجة.

ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يملكون أي دليل يؤكد علم مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى أو في الحكومة المدنية بمكان اختباء بن لادن، رغم أنهم ما زالوا يفحصون المعلومات الاستخباراتية التي تم تجميعها خلال العملية. بينما يقول البعض إنهم يشكون في كياني أو أحمد شجاع باشا، رئيس الاستخبارات الباكستانية، يجد البعض الآخر صعوبة في تصديق أنهم لم يكونوا يعرفون بمكان اختبائه لأن كياني يشغل منصب رئيس الاستخبارات منذ عام 2005 وهو الوقت الذي يعتقد فيه أن بن لادن اتخذ فيه أبوت آباد ملاذا له. وقال أحد المسؤولين الأميركيين السابقين الذين عملوا عن كثب على قضايا باكستانية: «أعتقد أنه كان في مكان يتمتع بالحماية»، في إشارة إلى بن لادن.

لكن تصر باكستان على النفي، في الوقت الذي يقر فيه مسؤولون في الجيش الباكستاني بتعاون عناصر في الاستخبارات الباكستانية مع مسلحين. وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى إن المحاكم العسكرية أدانت خلال السنوات الماضية عددا من الجنود لتورطهم في هجمات على أهداف أمنية، لكن لم يتم الإعلان عن هذه الأحكام. وبدأت التحقيقات خلال الأسبوع الحالي مع 4 ضباط في البحرية الباكستانية، ألقي القبض عليهم للاشتباه في علاقتهم بمسلحين، بشأن صلتهم بالهجوم على القاعدة البحرية في كراتشي، على حد قول مسؤول أمني آخر.

وقال المسؤول العسكري رفيع المستوى إنه يعتقد في انتشار الجهاد المسلح الذي يثنى عليه في المقررات الدراسية بين قادة وصفوف الجيش، مما يجعل من مهمة الكشف عنهم مهمة مخيفة وكريهة بالنسبة للجيش الباكستاني.

يعتقد أن لدى الاستخبارات الباكستانية ذراعا تعرف باسم «جناح إس» معنية بالعلاقات مع التنظيمات المسلحة. يعتقد بعض المحللين أن هذا الجناح يتمتع باستقلالية نسبية سواء بحكم الغرض من إنشائه أو بحكم العادة مما يتيح للمسؤولين رفيعي المستوى مساحة الفرصة للنفي عندما ينكشف أمر التعاون بين الاستخبارات والمتمردين. على سبيل المثال يقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يعتقدون أن باشا أو كياني كانا يعلمان بتخطيط المسلحين الباكستانيين للهجوم على مومباي عام 2008. لكن أشار المدعون الفيدراليون ضمنا إلى الاستخبارات الباكستانية في محاكمة في شيكاغو اعترف فيها الشاهد الأساسي بحصوله على أموال من الاستخبارات الباكستانية للمساعدة في الترتيب للحصار.

وأكد مسؤولون أميركيون منذ عملية الهجوم على بن لادن أنه من الممكن حرمان باكستان من مليارات الدولارات التي تحصل عليها في إطار المعونة الأميركية إذا تبين أنها كانت تؤوي زعيم تنظيم القاعدة.