دراسة: 92% من السعوديين يعتقدون أن المدارس الأهلية تحابي في إعطاء الدرجات

كشفت أن المدارس الحكومية تقوم على التلقين والطرح التقليدي

المدارس الأهلية تراعي سيكولوجية المتعلم، وتحابي في إعطاء الدرجات، بحسب الدراسة
TT

كشفت دراسة تربوية أن 92 في المائة من السعوديين يفضلون إلحاق أبنائهم بالمدارس الأهلية، معتقدين أنها تحابي في إعطاء الدرجات، على الرغم من توفيرها بيئة تعليمية فاعلة تحاكي سيكولوجية المتعلم.

وقالت منى السديري، أكاديمية بجامعة القصيم ومعدة الدراسة التربوية، إنه على الرغم من مجانية التعليم في السعودية والمستوى التعليمي المميز في البعض منها، فإن الكثير من الأسر السعودية، وحسب استطلاعات عامة، تفضل إلحاق أبنائها بالمدارس الأهلية، ويظل الكثير منهم يتسابقون لحجز أماكن لأبنائهم على الرغم من ارتفاع رسومها، فهم يرون أن المدارس الحكومية لا يمكنها تأهيل الطالب تأهيلا جيدا وتعليمه بشكل كاف, فالصرامة التي تتميز بها هذه المدارس لا يمكنها التغلب على الجوانب السلبية العميقة في عمليتها التربوية, مثل الازدحام الشديد في الفصول الدراسية، مما يعيق عملية التدريس واستيعاب الطلاب وقدرتهم على الفهم والتركيز والتفاعل.

وأوضحت السديري أن دراستها كانت ميدانية، وزعت فيها 500 استبانة متفرقة على أولياء أمور، تمخض عنها أن 92 في المائة من السعوديين يعتقدون أن المدارس الأهلية تحابي أبناءهم في الدرجات، وأن 8 في المائة لا يعتقدون ذلك، وأن الأعداد الكبيرة في الفصول الدراسية الحكومية تسبب تجاهل المعلم لعضوية الطلاب الصفية، ومستوى أدائهم والمشكلات التي تعيقهم تعليميا, مبينة أن الاهتمام هنا ينصب فقط على الطلاب المتفوقين وطلاب الصفوف الأمامية والمشاغبين في الصف, وهذا ما يؤثر وبشكل كبير على التعلم لدى الطلاب وتدهور مستواهم بعد ركون المعلم إلى الأسلوب النمطي الروتيني الممل في طرق تدريسه، التي لا تنجب سوى طلاب يعتمدون على قدراتهم العقلية وبعض المعارف التي يتلقوها في مراحل سابقة.

وأشارت الباحثة إلى ضعف وسائل وطرق التدريس المتبعة في بعض المدارس الحكومية والقائمة على التلقين والطرح التقليدي الخالي من الإثارة الصفية وعناصر التشويق أثناء سير الدرس المحفزة لدافعية التلاميذ ونشاطهم، التي تمثل أحد أهم الأسباب الدافعة لتفضيل النوع الأهلي من التعليم؛ فبعض المعلمين في المدارس الحكومية يعتمدون طرق تدريسية منفرة للتلاميذ، مع اختلاف التركيز على جوانب الضعف لديهم والإكثار من انتقادهم والاستهزاء بأفكارهم وأقوالهم وأفعالهم وممارسة الضغط النفسي, أو ممارسة عنف بدني باستخدام الضرب - أحيانا - في معاقبة الطلاب في حال تقصيرهم أو صدور سلوك غير تربوي, ويعتبر هذا السلوك سلوكا غير مهني ومؤذيا ومهينا لمشاعر الطالب، مما ينعكس سلبا على تحصيله الدراسي وتفاعله مع زملائه ومعلميه.

وأضافت الدراسة أن احتضان هذه المدارس لكمّ هائل من الطلاب ذوي الأعداد الكبيرة يزيد من الهوة بين الطلاب والفروق بينهم، ويسمح بالمزيد من الإشكالات والخلافات والعنف, فمثل هذه التجمعات الكبيرة يقابل الطلاب فيها طلابا آخرين، يشابهونهم في الوضع والخصائص، فتتطور حدة العنف وتتسع, فتأخذ هذه الجماعات حيال العنف شللا وتحالفات تعزز انتماءهم للجماعة وإحساسهم بتقديرهم لذواتهم, خصوصا أن هذه الحاجة تظهر بشكل جلي في المراحل المتوسطة والثانوية, مما يعزز عندهم تلك التوجهات والسلوكيات، فيصبح من الصعب السيطرة عليها في ظل تواجد هذه الأعداد الهائلة، كما أن اهتمام المعلمين بأعداد محددة من الطلاب - كما ذكرنا سابقا - يؤدي إلى إحباط المهمشين وجنوحهم للعنف للتعبير عن تجاهلهم ومدى رفضهم وعدم رضاهم.

واستدركت منى السديري حديثها بأن الطالب الاعتيادي غالبا لا يقوم بسلوكيات عنيفة وهذا ما تسعى إليه المدارس الأهلية من حيث تنظيم صفوفها ومحدودية مقاعدها؛ فالأسر التي تفضل إلحاق آبائها بمثل هذه المدارس، على الرغم من تكلفتها العالية، تحقق شيئا مما يطمح إليه المربون تجاه أبنائهم ومستقبلهم, تصبح هذه المدارس الملاذ الآمن للطلاب الذين يخشون أن يعيقهم انخفاض معدلاتهم عن إكمال دراستهم الجامعية, سخاء هذه المدارس في منح طلابها الدرجات يجعلها مطلبا ضروريا لتجاوز الصعوبات الدراسية والرفع من مستواهم دون بذل أي جهد يذكر, بذلك تكون الفرص المتاحة لهم أكبر من الفرص المتاحة لزملائهم في المدارس الحكومية.

وناقشت الباحثة رغبة بعض الأهالي الذين يفضلون هذا النوع من المدارس الأهلية، لتميز البعض منها بالقدرة على احتواء أبنائهم، ومساعدتهم في التغلب على الصعوبات التي تواجههم سواء كان ذلك من ناحية دراسية كضعف التحصيل والقدرات العقلية، أو من ناحية السمات الشخصية كالخجل والانطواء والقلق والاضطراب, ومحاولة دمجهم وإشراكهم في العملية التعليمة استنادا إلى الوسائل والتقنيات الحديثة التي تمتلكها هذه المدارس، التي تسهم في رفع أداء طلابها، من خلال أساليب تدريسية ذات نظم حديثة ومتطورة، تتفوق فيها على نظيراتها الحكومية.

وأشارت الباحثة، أن الاستبانة كشفت حيزا كبيرا في الفروق الفردية وخلفيات الطلاب الثقافية ومراحلهم العمرية وميولهم المعرفية, كما تتسم هذه المدارس بأن طبيعة المناهج التي تدرس فيها مناهج داعمة للطلاب وتساعد في تقوية مهاراتهم وقدراتهم, كوجود مواد إضافية ولغات أخرى كالإنجليزية والفرنسية, إضافة لبعض المهارات التربوية وبعض الأنشطة الأخرى التي تقوي حصيلتهم المعرفية وتنمي مواهبهم وميولهم واتجاهاتهم..

وأبانت السديري أنه من أكثر ما يميز هذه المدارس - بحسب الدراسة - هو المناخ التربوي الآمن للطلاب بسبب قلة الأعداد الملتحقة بها، وبالتالي القدرة على توجيههم وضبط سلوكهم بالطرق التربوية الصحيحة, ولذلك يفضل الكثير من الأهالي هذا الخيار التربوي لتمكن أبنائهم من الالتحاق بجو تعليمي هادئ خال من المشكلات والتحرشات المؤذية لنفسية الطالب، والمساهمة في تراجع أدائه المدرسي بشكل كبير, فأحد أهم شروط البيئة التعليمة المثالية الصحية هو الأمان النفسي والبدني, وهذا ما قد تحققه المدارس الأهلية.

وأوضحت في دراستها أن كثيرا من الأسر تسعى لإلحاق أبنائها بمثل هذه المدارس سعيا لمحاولة تمييزهم, باعتبار أن طلاب المدارس الخاصة يتلقون معاملة متميزة لا يتلقاها طلاب المدارس الحكومية, فالموضوع قد يأخذ أبعادا اجتماعية أكثر منها تعليمية, مما يجعل أسباب الإقبال عليها ذات أبعاد متعددة ومختلفة.

واختتمت السديري حديثها بأن البعض يرى أن بعض المدارس الأهلية قائم على الاستغلال المادي للأهالي والسعي وراء المكاسب المادية، بغض النظر عن مستوى الطلاب وأدائهم, فمتى كانت السيولة متوفرة، فإن ذلك يضمن نجاح الطالب وعلو تحصيله , وهذا ما يجعل البعض القليل يرفضها ويقبل على المدارس الحكومية.