جامعة التقنية أكبر المشاريع العلمية في تاريخ السعودية.. حلم الملك وبيت الحكمة ومنارة السلام

وضعت البلاد على أعتاب اقتصاد المعرفة

TT

«رغبة مني في إحياء ونشر فضيلة العلم العظيمة التي ميزت العالمين العربي والإسلامي في العصور الأولى، فقد رأيت أن أؤسس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية، وإنني أرغب في أن تصبح هذه الجامعة الجديدة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث، وأن تعلم أجيال المستقبل من العلماء والمهندسين والتقنيين وتدربهم، وأن تعزز المشاركة والتعاون مع غيرها من جامعات البحوث الكبرى ومؤسسات القطاع الخاص على أساس الجدارة والتميز».

كانت العبارات السابقة ضمن رسالة ملكية بشأن تأسيس جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، حيث أعلن الملك عن تأسيسها خلال رعايته في الثاني والعشرين من يوليو (تموز) من عام 2006م حفل أهالي الطائف. وقال في خطابه خلال الاحتفال: «يسعدني من هذا المكان أن أعلن عن بدء مشروع رائد من مشاريع المستقبل هو جامعة للعلوم التقنية، هذه الجامعة التي ستقام على ضفاف البحر الأحمر بتكلفة 10 آلاف مليون ريال، سوف تكون بإذن الله أحد أفضل المراكز العالمية المتميزة للبحوث العلمية والابتكار والإبداع».

وفي الثالث والعشرين من سبتمبر (أيلول) من العام الماضي ومع احتفال السعودية بيومها الوطني الـ79 افتتح الملك عبد الله الجامعة التي كانت حلما يراوده منذ ربع قرن واعتبرها بيتا جديدا للحكمة ومنارة للسلام والأمل والوفاق.

وتعد جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية من أكبر المشاريع العلمية في تاريخ السعودية، وستضع البلاد على أعتاب اقتصاد المعرفة.

وضع الملك عبد الله حجر الأساس للجامعة في الحادي والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2007م على مساحة تزيد على 36 مليون متر مربع، وذلك في بلدة ثول شمال مدينة جدة، وبدأت الدراسة بنحو 400 طالب، وأقيم وقف يكون ريعه للجامعة وتبلغ الطاقة الاستيعابية للجامعة نحو 2000 طالب وطالبة و600 باحث وعضو هيئة تدريس، وأعلنت الجامعة عن برنامج للمنح الدراسية على مستوى العالم، حيث تم اختيار 250 من الطلبة والطالبات المتميزين من طلاب السنوات النهائية من المرحلة الجامعية لكل من السنة الأولى والثانية لافتتاح الجامعة، مثلوا نواة طلابها.

وسيضع مشروع الجامعة العملاق السعودية في مصاف الدول المتقدمة بتسخير مواردها للبحث العلمي واحتضان العلماء ليكرسوا خبراتهم وتجاربهم في وضع الحلول للعقبات التي تعترض التنمية والاقتصاد والبيئة والصناعة، في مزاوجة بين البحث العلمي وحاجات التنمية الصناعية والاقتصادية في البلاد وتحقيق ربط الاقتصاد بالأبحاث العلمية وتأسيس اقتصاد المعرفة.

وتعمل الجامعة على توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من السعودية ومختلف أنحاء العالم، واستقطاب ورعاية الطلبة المبدعين والموهوبين وتطوير البرامج والدراسات العليا في المجالات المرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم التنمية الاقتصادية والإسهام عالميا في تنمية المعرفة في مجالات التقنية الحديثة وتنمية روح الإبداع والتحدي بين الموهوبين، كما تعمل الجامعة على رعاية الأفكار الإبداعية والاختراعات وترجمتها إلى مشاريع اقتصادية، وتحقيق مشاركة فاعلة ومستدامة مع القطاع الخاص، وتنمية التركيز على مجالات محدودة واتباع أسلوب التدرج في تطوير الجامعة وتنميتها.

وأطلقت الجامعة شراكة الأبحاث العالمية بدءا من دعم الأبحاث التي تجري في مؤسسات أخرى، والدخول في شراكات مع مؤسسات رائدة من مختلف دول العالم لتطوير أنشطة ومرافق أبحاث تعاونية داخل الحرم الجامعي، وأقامت الجامعة بهذا الخصوص علاقات تعاون مع المعهد الهندي للتقنية في بومباي، وجامعة سنغافورة الوطنية، والمعهد الفرنسي للبترول، ومؤسسة «وودزهول أوشانوغرافيك»، والجامعة الأميركية بالقاهرة، بالإضافة إلى اتفاقيات لعروض مقدمة من نحو 60 جامعة عالمية ومعهد أبحاث، كما وقعت اتفاقيات شراكة مع مراكز بحثية، ورؤساء فرق أبحاث، وباحثين يعملون في مجالات علمية وهندسية تعد محورية لرسالة الجامعة، كبحوث تحلية المياه وعلوم الحاسب والرياضيات التطبيقية، وعلوم الحياة الخاصة ببيئة البحر الأحمر، وأبحاث الطاقة والهندسة الحيوية، وتقنية النانو.

ويضمن ميثاق الجامعة حرية الفكر، وحرية البحث والاستقلالية والتمويل ومنح العلماء ما يلزم منها لضمان استقلاليتها العلمية، لكي تؤكد رسالتها وفلسفتها التي تجعل من هويتها مكونا رئيسيا لصناعة التغيير في أطر البحث العلمي داخل المنظومة التعليمية المحلية والإقليمية والدولية.

ويتوافر للجامعة من حيث استقلاليتها الموارد المالية التي تحتاج إليها لتحقيق أهدافها، حيث تم إنشاء وقف دائم يدار لصالحها، وهذا مفهوم يعد الأول على صعيد التعليم العالي السعودي.

وتضم الجامعة مكتبة ضخمة تعد أنموذجا عصريا لأحدث المعلومات والمعارف، إذ تتيح لروادها الحصول على المعلومة الموثقة من أهم مراكز المعلومات والمكتبات بالعالم في غضون دقيقتين، وينصب اهتمامها على الشراكات والتحالفات في مجال توفير وجلب المعلومة مع أكبر مراكز المعلومات في العالم والجامعات المشهود لها بغزارة المحتوى.

وانطلقت المكتبة في العمل بأكثر من 15 ألف كتاب رقمي ومطبوع، وتتيح لروادها الاشتراك في 1200 مجلة علمية، منها 1000 مجلة إلكترونية، إضافة إلى عشرات من قواعد بيانات البحوث على الإنترنت، وعندما تكتمل المكتبة عام 2013م ستضم أكثر من 80 ألف عنوان كتاب، و1500 اشتراك في المجلات العلمية.