«الأمناء» في مصر همزة الوصل لإصلاح علاقة الشرطة بالشعب

مواطنون: ترميم مقرات المخافر لا يكفي لاستعادة الثقة بعد الثورة

تجديد وترميم أحد مراكز الشرطة المصرية بالقاهرة الكبرى التي احترقت أثناء ثورة يناير (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

«ما زالت النفوس غير صافية مع الشرطة.. عودة العلاقة بين الشعب والشرطة تحتاج لوقت وأفعال ملموسة، تقنع المواطنين ببدء صفحة جديدة». هذا ما قاله موسى عبد العال، وهو مواطن يقطن بالقرب من قسم شرطة الجيزة، الواقع غرب العاصمة المصرية، بعد أن تم ترميمه من تخريب أثناء «ثورة 25 يناير» التي أطاحت بحكم الرئيس حسني مبارك. يبدو المبنى جديدا في مظهره الخارجي، أما نظرة المواطنين وعلاقتهم به، فلا تزال تغلفها الريبة والخوف، حسب قول عبد العال.

ويعيش غالبية رجال الشرطة في مصر في شبه عزلة على خلفية انسحاب الشرطة من الشارع إبان أحداث «ثورة 25 يناير»، وقيام البعض من أفرادها بإطلاق الرصاص على جموع المتظاهرين، ما أدى لسقوط عدد من الضحايا والمصابين.

ويدور صراع محموم بين ترميم المباني، وبين ترميم ما جرى في نفوس المواطنين من شروخ. وأكثر من يتصدى لتحسين العلاقة بين الجانبين طبقة أمناء الشرطة التي تتعامل مباشرة يوميا مع المواطنين في الشارع المصري، خاصة بعد أن تم الحكم على أمين شرطة بالإعدام بعد إدانته بإطلاق النار على المتظاهرين في الثورة بشرق القاهرة.

ورغم هدوء الأمور نسبيا، بعد نجاح الثورة وعودة الشرطة إلى الشارع في سياق أمني مغاير، فإن الجرح لم يندمل بعد، ولا يزال مشهد سقوط الضحايا قابعا في ذاكرة الناس. لكن أصبح من الممكن رؤية أمناء للشرطة يتحدثون مع المواطنين في الشارع في محاولة لاستعادة الثقة بين الطرفين.

محاولات ترميم هذه العلاقة ربما سبقت عمليات ترميم المباني، ولكنها لا تزال تواجه صعوبة في ترميم النفوس. ومنذ تنحي الرئيس السابق راح المتظاهرون يهتفون «الشعب والشرطة يد واحدة» من قلب ميدان التحرير، وعملت الكثير من الحملات الدعائية على إصلاح هذه العلاقة والدعوة لنسيان ما حدث.

هاني عبد الله (32 عاما) موظف حكومي بالقاهرة، يقول «نحن تعرضنا طويلا للظلم من أمناء الشرطة.. لا بد أن يشعروا بمرارة ما قاموا به في السابق تجاه المواطنين». لم يكن هذا الرأي رأيا فرديا من هاني، ولكن الكثير من المصريين يظهرون التشفي في رجال الشرطة، خاصة طبقة «الأمناء» التي تعمل بشكل مباشر بين الضباط والإدارات الشرطية والمواطنين.

أمناء الشرطة بدورهم لم يلتفت أحد لمشكلاتهم، بداية من قلة الرواتب وحتى المخاطر التي يتعرضون لها أثناء تنفيذ القانون في الشارع. مطاوع عبد الوارث، أمين شرطة بالعاصمة، يتساءل قائلا: «كيف يريدوننا أن نعمل في أجواء لا نسلم فيها من التقريع من جانب المواطنين». ويقف عبد الوارث لتنظيم المرور في موقف سيارات أجرة في شمال القاهرة، ولا يشعر بأنه يحظى بالتقدير الواجب من السائقين الذين ما زال عدد منهم يتجرأ على رفع الصوت في وجهه رافضا الانصياع لأوامره.

ويؤدي عصيان أوامر القانون والنظام في الشارع المصري إلى الفوضى. ومنذ انتهاء «ثورة 25 يناير» تجري محاولات محمومة لإعادة الهدوء لليل القاهرة بعد أن هجره السياح الذين فضلوا الابتعاد عن مصر خوفا من عدم استقرار الأوضاع الأمنية بها.

ويبدو أن ترميم مقرات الشرطة يحتاج إلى زيادة العمل في ترميم العلاقة بين الشعب والشرطة. وهذا ما أصبح مثار حديث كثير من المصريين. يقول العقيد محمد ناجي، ضابط بقوات الأمن المركزي: «هذا الأمر يمكن علاجه عن طريق تكاتف الشرطة والشعب، والجلوس معا والتحاور بشفافية، وطي صفحة الماضي».