مداهمات بالدبابات وقصف مدفعي يوقع قتلى في الرستن وتلبيسة المحاصرتين

المعارضة واصلت تحركاتها اليومية تحت شعار «اثنين إحراق الصور».. والمقداد يتهم الغرب بالسعي «لإعادة الاستعمار»

طلاب سوريون في باكستان يستعدون لحرق صور الرئيس السوري الأسد والعلم الإسرائيلي، خلال مسيرة احتجاجية في مدينة مولتان، أمس (أ.ف.ب)
TT

أضافت المعارضة السورية يوم الاثنين إلى أجندة تحركاتها الأسبوعية ليصبح دوما تحت شعار «اثنين إحراق الصور»، في إطار دعوتها لإحراق صور الرئيس السوري بشار الأسد «في كل مكان في سوريا والعالم احتجاجا على القتل والقمع والظلم»، في وقت بقيت فيه مدينتا تلبيسة والرستن، القريبتان من حمص، تحت القصف المدفعي السوري، الذي أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. من جانبه، اتهم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس القوى الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، بالسعي «لإعادة الاستعمار» إلى سوريا.

وتأتي الدعوة إلى «اثنين حرق الصور» بعد أن أعلنت المعارضة السورية عن الدعوة لتحركات شعبية بشكل يومي في إطار «الشعب يريد إسقاط النظام»، وبثت صفحتها على شبكة «فيس بوك» صورا ومقاطع فيديو لمتظاهرين وهو يحرقون صورا للرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط سوري في مجال حقوق الإنسان قوله إن «11 شخصا قتلوا وجرح نحو مائة آخرين في مدن الرستن وتلبيسة وحمص أول من أمس».

وتابع الجيش السوري أمس تنفيذ عمليات دهم في هذه المنطقة، خصوصا في تلبيسة. وذكر الناشط عينه أنه «تم إدخال جرحى إلى المستشفى في حماه لأن قوات الأمن قطعت الطرق المؤدية إلى حمص»، كاشفا عن العثور على جثتين فجر أمس في حي بابا عمرو في حمص، التي شهدت تمركزا أمنيا كثيفا بسبب التوتر الذي تعيشه المدن المجاورة.

وكانت الدبابات السورية، وفق ما أكده شهود عيان، اقتحمت مدينة تلبيسة أمس، في ظل أنباء عن سقوط 10 جرحى، فيما شهدت المعضمية حملة مداهمات واعتقالات واسعة على خلفية استمرار المظاهرات الليلية. وفي الرستن، سمع دوي رصاص كثيف على أطراف المدينة، في ظل قصف مدفعي متقطع. وأكدت صفحة «الثورة السورية» على «فيس بوك» سقوط ثلاثة قتلى على الأقل وعشرات الجرحى، في وقت لا تزال فيه خدمات الكهرباء والماء والاتصالات مقطوعة تماما عن المدينة. وبحسب مصادر محلية، اقتحمت الدبابات السورية بلدة تلبيسة يوم أمس بعد أن حاصرتها لمدة يوم، وأن عشرة على الأقل قتلوا. وقالت المصادر إنه «تم قصف جامع القلعة الموجود عند التل وجامع المقبرة، واستمر القصف العشوائي مع زخات من الرصاص حتى الساعة العاشرة صباحا (أمس)»، وأنه بعد الساعة العاشرة بدأ عناصر الأمن العسكري ومعهم شبيحة باقتحام البيوت، ليتمركزوا عند القلعة وخزان المياه.

ولفتت المصادر إلى أن عددا من المصابين حالتهم سيئة، وتم نقلهم إلى مركز ثقافي بعد أن احتلت قوات الجيش والأمن المستشفى الوطني في البلدة الواقعة على بعد عشرة كيلومترات إلى الشمال من حمص. وقال ناشطون على «فيس بوك» إن انفجارا قويا وقع في ساعة مبكرة من صباح يوم أمس، تبعه تحليق للطائرات الحربية. وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة في تلبيسة شملت عددا من الأطفال.

وأشار الناشطون على صفحات «الثورة السورية» إلى أن الأمن يقوم باختطاف جثث القتلى والجرحى من الشوارع، وسط استمرار أيضا لانقطاع الكهرباء والماء والاتصالات. وتمنع القوات المحاصرة للبلدة سيارات الإسعاف من الدخول وإسعاف الجرحى. ويتواصل القصف على البلدة مما أدى إلى ارتفاع سحب سوداء غطت سماء المدينة. وفي الرستن، قال ناشطون إن إطلاقا كثيفا للنار جرى بعد ظهر أمس عند أطراف المدينة مع قصف مدفعي متقطع، وتأكد استشهاد 3 على الأقل منهم الطفل باسل عبد الرحمن موصلي.

وقالت مصادر إعلامية سورية غير رسمية إن «سيارة إسعاف تعرضت لإطلاق نار في مدينة الرستن، مما أدى لإصابة سائق السيارة بطلق ناري في الفك، تم نقله على أثرها للمشفى العسكري بحمص». من جانبها، قالت الوكالة السورية للأنباء (سانا) إن «(مجموعة تخريبية) في حمص قامت يوم الجمعة الماضي بترويع المواطنين الآمنين وأحرقت واعتدت على الممتلكات العامة وحرمة المقابر». وأضافت: «كما قامت المجموعة التخريبية بالاعتداء على المواطنين والممتلكات العامة والخاصة والرشق بالحجارة مستخدمين في ذلك أطفالا زجوهم في لعبة التخريب وجعلوهم يحملون الحجارة بدلا من الكتب والأقلام». وذكرت أنه تم يوم أمس الاثنين «تشييع جثامين ثلاثة من قوى الجيش والأمن استهدفتهم مجموعات إرهابية متطرفة في منطقة تلبيسة يوم الأحد».

وفي محافظة إدلب (شمال)، خرجت مظاهرات في بلدة كفرنبل انضم إليها متظاهرون من قرى أخرى وقام المتظاهرون بإحراق صور الرئيس بشار الأسد. وفي جسر الشغور، قام المتظاهرون بقطع طريق حلب - اللاذقية تضامنا مع الرستن وتلبيسة. وفي عربين بريف دمشق، قالت مصادر حقوقية إن «سيارة تابعة للأمن دهست مواطنا قبل الإجهاز عليه بطلقات نار».

في تلك الأثناء، استمر متظاهرون بعدة مدن ومناطق في الصعود إلى أسطح المنازل والتكبير بصوت مرتفع بعد منتصف الليل. وفي بلدة خربة غزالة في ريف درعا (جنوب)، قامت عناصر الأمن بإطلاق النار في الهواء لإسكات أصوات التكبير ليل أول من أمس، إلا أن ذلك لم ينجح، مما اضطر الأمن للتراجع إلى خارج البلدة.

أما في درعا، فقد اقتحمت القوات السورية قرية المليحة الغربية، الواقعة شمال شرقي درعا، واعتقلت عددا من الأهالي، منهم كل من: كساب المتعب الحراكي وشيخ مسجد القرية محمد عبد الرزاق الحراكي، وعدنان المخزوم، ومحمد المخزوم، ونفذت حملة مداهمات منظمة للبيوت، مانعة الناس من الخروج من منازلهم وأداء آذان الظهيرة، وفق ما أعلنته المعارضة السورية.

في موازاة ذلك، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري مسؤول أشارته إلى أن «عمليات الملاحقة والتعقب لعناصر المجموعات الإرهابية المسلحة في بلدة تلبيسة وفي حمص أسفرت عن مقتل أربعة عناصر بينهم ضابط وجرح 14 آخرين». وأوضح المصدر أن «عمليات الملاحقة والتعقب أدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المجموعات الإرهابية وإلقاء القبض على عدد منهم ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة»، مشيرا إلى أن «وحدات الجيش والقوى الأمنية تواصل ملاحقة العناصر الإرهابية المسلحة لإلقاء القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة». إلى ذلك، أعلن مصدر رسمي أن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اتهم خلال لقاء مع نظيره الصيني، القوى الغربية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، بالسعي «لإعادة الاستعمار» إلى سوريا.

وقالت وكالة الأنباء السورية إن المقداد دان خلال اللقاء المحاولات التي تقوم بها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في مجلس الأمن الدولي لإدانة القمع في سوريا. وأكد المقداد أن «ما يجري من محاولات في مجلس الأمن الدولي.. وسيلة لإعادة عهود الاستعمار والانتداب وتبرير التدخل في الشؤون الداخلية للدول».

وبدأ مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي دراسة مشروع قرار يحذر سوريا من «جرائم ضد الإنسانية» قد تكون ارتكبت، لكنه امتنع عن تهديدها بفرض عقوبات، ويبدو أنه سيصطدم برفض روسيا. ويندد مشروع القرار الذي حررته فرنسا وبريطانيا وألمانيا والبرتغال وتم توزيعه الأربعاء، بالعنف الذي يمارسه نظام بشار الأسد، ويطالب بالسماح لفرق المساعدات الإنسانية بالدخول إلى المدن السورية. ويعتبر مشروع القرار أن «الهجمات الواسعة والمنهجية التي ترتكبها السلطات الآن في سوريا ضد الشعب يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية».

وفي الإطار نفسه، نددت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس بـ«وحشية» قمع المتظاهرين من قبل القوات الحكومية في ليبيا وسوريا، معتبرة أن هذا «يثير الصدمة» لازدرائه حقوق الإنسان. وجاء كلام بيلاي في افتتاح الدورة السابعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.