مصدر قضائي مصري: «خيط العباسية» قد يكشف سر اختفاء رضا هلال

الشبكة العربية: تزايد حالات اختفاء المواطنين قسريا في سوريا وليبيا وإيران

أسامة هلال («الشرق الأوسط»)
TT

رجل مصري، يحمل في صدره، مثل كثيرين في بلدان منطقة الشرق الأوسط، حزنا مقيما لا ينتهي، وأوراقا يطوف بها الشوارع ويقف بها أمام مكاتب المسؤولين. لا هو تأكد من وفاة شقيقه، ولا حصل على ما يطمئنه على أنه ما زال على قيد الحياة. ولا يعرف متى تنتهي هذه المأساة التي يعيشها وأسرته منذ سنوات.

يقول أسامة هلال، شقيق رضا هلال، النائب السابق لرئيس تحرير «الأهرام» المختفي منذ نحو 8 سنوات: إن أصعب شيء في الحياة الانتظار، و.. «أنا وأسرتي ننتظر ظهور شمس الحقيقة منذ اختفاء هلال في يوم لا يمكن أن أنساه.. يوم الحادي عشر من أغسطس (آب) عام 2003».

وقبل ثورة السوريين والليبيين تمكن ملايين التونسيين والمصريين من إجبار الرئيسين السابقين زين العابدين بن علي وحسني مبارك على ترك الحكم، ويأمل المواطنون في حياة جديدة بعيدا عن الخوف من أجهزة أمنية كانت تروع وتعذب وتخفي الناس. ويأمل أسامة هلال في أن يكون العهد الماضي قد انتهى بالفعل، ولهذا هو يسعى أكثر من السابق لاستجلاء حقيقة اختفاء أخيه من وسط القاهرة في وضح النهار.

ويعمل أسامة معلما في مدرسة بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة ويعاني الأمرين للتنقل كل عدة أيام بين مقر إقامته والعاصمة. ومنذ اختفاء شقيقه طيلة 8 سنوات، ظل الرجل يتردد على مؤسسات العاصمة الأمنية والحقوقية والنقابية والصحافية، لفك لغز اختفاء هلال.. يقول: «إذا جاءتني مكالمة هاتفية من مجهول عن أن أخي في المكان الفلاني، لا أنام قبل أن أصل إلى ذلك المكان، ولو كان على بعد مئات الكيلومترات.. في بداية اختفائه كانت تأتيني مكالمات من هذا النوع.. مرة أجري إلى الإسكندرية ومرة إلى الصعيد، ومرة أدوخ في زحام القاهرة».

وحيث تنظر في وجهه تقرأ كم الحزن المتحجر داخله، وحين يفتح عينيه تشعر أن الدموع ستخرج منهما سيولا. يهمس أسامة بكلمات مريرة: «من يموت له عزيز يحزن عليه بعض الوقت ثم يعود لممارسة حياته، لكن من يختفي له عزيز يعيش حياته في حيرة. لا يعرف أين هو.. هل مات أم ما زال على قيد الحياة محتجزا في مكان ما.. متى يعود، أم أنه لن يعود». ويضيف أسامة أن جهات التحقيق استمعت مجددا لأقواله وأقوال عدد من الأطراف التي يمكن أن يكون لديها معلومات عن ملابسات اختفاء هلال، بعد أن سلم لسلطات التحقيق وثيقة منسوبة لوزارة الداخلية المصرية ومحررة في الشهر التالي للاختفاء، وتتضمن نقل هلال باسم وهمي إلى مستشفى الأمراض العقلية بضاحية العباسية بشرق القاهرة، بعد تدهور حالته الصحية وفقده النطق. ولا تشير الوثيقة التي يعود تاريخها إلى يوم الخامس والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2003 إلى مقر احتجاز هلال قبل نقله لمستشفى العباسية للصحة النفسية أو سبب تدهور صحته، وما إذا كان ذلك من جراء التعذيب أم ماذا. ويسحب أسامة هلال وثيقة أخرى من ملفه منسوبة أيضا لوزارة الداخلية المصرية، عن اعتزام السلطات الأمنية القبض على هلال، قبل يوم واحد من واقعة اختفائه. ويصمت شقيق هلال ليجمع شتات الأحداث التي لم يتكشف منها طيلة سنوات إلا النزر اليسير، معربا عن اعتقاده أن شقيقه تعرض للتعذيب من سلطات الأمن، وأن ذلك أدى، مع مرضه، لانتكاسة صحية.. خاصة أن أسامة يتذكر أنه بعد اختفاء هلال بعدة أيام جاء أحد رجال الأمن إلى شقته بمنطقة جاردن سيتي بالقاهرة لأخذ زجاجات دواء تخص هلال لعلاج أمراض الضغط والسكر. ويعترف رجال القانون أن أي محقق في قضايا الاختفاء القسري يواجه مشكلة كبيرة حين يقرر البحث عن رجل مختف سواء كان مشهورا أو مغمورا، لكن مصدرا قضائيا مصريا بمكتب النائب العام يشير إلى أن «خيط العباسية» قد يكشف سر اختفاء هلال، أو يؤدي إلى تتبع خيوط أخرى للوصول إلى الحقيقة.

ويقول كريم عبد الراضي، الباحث في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومقرها القاهرة إن مخاوف الحقوقيين أصبح بلا حدود، بسبب كثرة المختفين قسريا في العهود السابقة في تونس ومصر.