مصادر مطلعة لـ «الشرق الأوسط»: عبد المهدي استشار المرجعية قبل تقديم استقالته

مقرب من طالباني: الرئيس يشعر بخسارة لأن تفاهمهما كان تاما

صورة ضوئية لخبر استقالة النائب الأول لرئيس الجمهورية العراقي عادل عبد المهدي الذي انفردت بنشره «الشرق الأوسط» في عددها الصادر أول من أمس
TT

أكد عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، استقالة قيادي المجلس، عادل عبد المهدي، من منصبه كنائب أول لرئيس الجمهورية، مؤكدا بذلك ما نشرته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر أول من أمس نقلا عن مصادرها الموثوقة بهذا الشأن.

ونقل الموقع الرسمي للمجلس الأعلى الإسلامي عن الحكيم قوله: «إن طلب الاستقالة تم تأخيره لحين عودة رئيس الجمهورية، جلال طالباني، من سفره خارج البلاد، حتى يسلم له مباشرة». وأضاف الحكيم أن «طلب الاستقالة يمثل انعكاسا لرغبة المجلس الأعلى، وأنه ليس من طالبي المناصب أو من القوى المتدافعة نحو السلطة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «هذا الموقف لا بد أن يقدم صورة للقوى السياسية بأن عليها أن تتدافع لتحقيق رغبة الناس ومصالحهم وليس مواقعها وفرصها وأدوارها». وتمنى الحكيم أن يكون هذا الموقف «حافزا لـ(ترشيق) الحكومة وتقليل المواقع وزيادة الدعم لأبناء الشعب وتوفير الخدمة المناسبة لهم». وعبر الحكيم عن أسفه لما حدث مؤخرا «في إطار العملية السياسية من التصويت على 3 نواب لرئيس الجمهورية بسلة واحدة خلافا للإرادة الشعبية الساخطة والرافضة لمثل هذا الأمر، فضلا عن عدم تصويت نواب كتلة شهيد المحراب على ذلك»، معتبرا أن «ذلك يمثل إهدارا للمال العام وخللا سبب ترهل الأداء الحكومي».

وطبقا لما أعلنه مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» فإن الاستقالة «ستمثل إرباكا كبيرا داخل مؤسسة الرئاسة من خلال التفاهم التام بين الرئيس طالباني ونائبه الأول، وهو أمر لا يتوفر بنفس الطريقة والأسلوب مع نائبيه الآخرين، طارق الهاشمي وخضير الخزاعي». وفي الوقت الذي لم يشر فيه المصدر إلى ما إذا كان الرئيس العراقي سوف «يتحفظ على الاستقالة أو يقبلها كجزء من صلاحياته الدستورية»، فإنه أكد أن «أمر الاستقالة يبدو محسوما من قبل المجلس الأعلى الإسلامي، لا سيما أنه حظي بمباركة المرجعية الدينية، الأمر الذي يصعب معه اتخاذ موقف مغاير من قبل الرئيس، مع أنه سوف يشعر بالخسارة الكبيرة نظرا لدرجة التفاهم التي كانت بينهما».

وحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع فإن عبد المهدي «كان قد أرسل استفسارا للمراجع الـ4 الكبار في النجف وهم: علي السيستاني المرجع الأعلى، ومحمد سعيد الحكيم، وإسحق الفياض، وبشير النجفي، طالبا منهم الحكم الشرعي في الراتب الذي يتقاضاه كنائب لرئيس الجمهورية في وقت سبق للمرجعية الدينية أن أعلنت رفضها لعملية استحداث مناصب جديدة اعتبرت أنها تمثل هدرا في المال العام وتستنزف موارد البلاد ولا طائل من ورائها». وأضاف المصدر المطلع أن «المراجع الـ4 الكبار في النجف اتفقوا جميعهم على أن الراتب والامتيازات التي يحصل عليها المكلف بهذا المنصب فيها إشكال شرعي ما دامت لا تقدم منفعة مباشرة للناس». وطبقا لهذا الأمر الذي يرقى إلى «مستوى الفتوى الشرعية، فقد اتخذ عبد المهدي قراره بالاستقالة من هذا المنصب بعد التصويت عليه من قبل البرلمان بفترة قصيرة، إلا أن سفر الرئيس طالباني للعلاج أخر عملية البت فيها».

وعلى الصعيد ذاته فإنه وطبقا للطريقة التي تم بها توزيع المناصب سواء كانت سيادية أم حكومية، فإن استقالة عبد المهدي يمكن أن تعيد للواجهة من جديد أزمة نواب الرئيس ومعها باقي المناصب الحكومية كسلة واحدة، خصوصا أنها تتزامن مع نهاية مهلة المائة يوم التي حددها رئيس الوزراء، نوري المالكي، على خلفية المظاهرات الجماهيرية التي عمت العراق بعد الخامس عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي، والتي طالبت بتحقيق المزيد من الإصلاحات السياسية وفي المقدمة منها «ترشيق» المناصب الحكومية وفي مقدمتها الوزارات العراقية التي بلغت نحو 42 وزارة، القسم الأكبر منها استحدث لأغراض الترضيات السياسية.

وبينما لم يصدر بعد تعليق أو رد فعل من ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي حول خطوة عبد المهدي، فإن ما صدر عن المرجعية الشيعية في النجف بشأن استقالة عبد المهدي وعدم التزام دولة القانون بهذه القاعدة وعدم اتخاذ النائب الثالث لرئيس الجمهورية وعضو الائتلاف خضير الخزاعي للخطوة نفسها، يمكن أن يتسبب في أزمة بين دولة القانون والمرجعية.