شبكة حقاني عدو يتسم بالمرونة في الحرب الأفغانية

يريدون السلطة والثروة والمال ومقعدا على الطاولة عندما تنتهي الحرب

TT

تعرف الولايات المتحدة أين تجد أكثر العائلات إثارة للفزع في الحرب الأفغانية. يمكن أن تشير القوات إلى منزل في وسط خوست يمتلكه عميد العائلة جلال الدين حقاني والمسجد الأزرق الذي تكلف مليون دولار الذي شيده لسكان المدينة، وقاعدة عمليات الشبكة التي تبعد نحو 20 ميلا عن باكستان. إن الأميركيين يعرفون عمل حقاني في النقل والتخزين وعن ابنيه الذين يقودون 3 آلاف مقاتل ومعسكرات التدريب التي تقام بها دورات تدريبية من التحقيقات والصواريخ التي يتم إطلاقها عبر الحدود. لكن إلحاق الهزيمة بشبكة حقاني أمر آخر. ويقول العقيد كريستوفر تونر، قائد الكتيبة الأميركية في المنطقة الشرقية من أفغانستان: «إن شبكة حقاني من أكثر الأعداء مرونة هناك». ويفوق عدد أفراد شبكة حقاني عدد أفراد حركة طالبان وتعد أقل شهرة من تنظيم القاعدة، لكن من الصعب على القوات الأميركية تتبعها، خاصة مع تغير نطاق الحرب باتجاه الحدود الباكستانية. بعد التركيز الشديد على قتال حركة طالبان بقيادة الملا محمد عمر في جنوب أفغانستان عام 2010، تعقد إدارة أوباما محادثات مع مقرب من الملا عمر بوساطة ألمانيا وقطر. لكن لن تنه الصفقة السياسية مع حركة طالبان، التي لا تزال بعيدة المنال، بالضرورة الحرب في تلك المنطقة الشرقية، فشبكة حقاني تعد من أقل الفصائل المتمردة استعدادا للمصالحة والتوافق. خلقت عائلة حقاني، التي لا تواجه أي أخطار سوى الغارات الجوية الأميركية بين الحين والآخر، والتي تتخذ من شمال وزيرستان في باكستان ملاذا لها، سوقا مربحة من خلال استغلال التراخي الأمني على الحدود من خلال حلقات التهريب والرشى. وتعتمد شبكة حقاني على علاقاتها بقبائل البشتون ومن يدعمونهم في الاستخبارات الباكستانية، على حد قول مسؤولين عسكريين أميركيين.

تتطلع شبكة حقاني إلى هدف محدود نسبيا وهو حكم الثلاث مناطق في شرق أفغانستان التي كانت قاصرة عليهم في الماضي قبل أن تشاركهم فيها القوات الأميركية. يقول تونر: «إنهم يريدون السلطة والثروة والمال ومقعدا على الطاولة عندما تنتهي الحرب». ويقول أحد مسؤولي الاستخبارات العسكرية الأميركية، الذي يرفض ذكر اسمه، إن مسلحي شبكة حقاني يتعاونون مع حركة طالبان، لكنهم «لا يخضعون لسيطرة» الملا عمر تماما وأحيانا يحصلون على رسوم من مقاتلي طالبان الذين يعبرون منطقتهم. يتسلل مقاتلو شبكة حقاني إلى أفغانستان من خلال الممرات الجبلية وطرق التجارة القديمة ومنها معابر غير قانونية تمر منها مئات الشاحنات يوميا. عادة ما يقاتل الرجال في أفغانستان لأسابيع كثيرة قبل العودة إلى باكستان للاستراحة عدة أشهر، على حد قول مسؤولين أميركيين. عندما ينتقل المقاتلون في أفغانستان من قرية إلى أخرى، لا يقضون أكثر من ليلة في المنزل نفسه. ونادرا ما يستخدمون الهواتف الجوالة أو أجهزة الراديو حتى لا يتم رصدهم بفضل تكنولوجيا المراقبة الأميركية، ويعرفون كيفية استغلال «المنطقة الحمراء» العازلة التي يبلغ عرضها كيلومترا بالقرب من الحدود، حتى إن القوات الأميركية لا تستطيع الدخول دون إذن من قادتهم. وحتى مع سعي القوات الأميركية للقضاء على مقاتلي شبكة حقاني، يقتل ويقبض على 150 منهم كل شهر في خوست وتتجدد الشبكة مرة أخرى. يبدو أن الشبكة لديها مورد دائم من اللاجئين الأفغان والشباب والصبيان الملتحقين بالمدارس الإسلامية المحافظة في منطقة القبائل في باكستان. وألقت القوات الأميركية مؤخرا القبض على شاب يبلغ من العمر 15 عاما يشتبه في كونه قائد خلية إرهابية.

أحيانا يتخذ مقاتلو شبكة حقاني إجراءات احترازية حتى لا يتم رصدهم وتعقبهم. وأشارت القوات الأميركية إلى اجتماع عدة أشخاص في منزل أفغاني آمن، بينما يحمل كل فرد منهم مكونا مختلفا من مكونات القنبلة، فأحدهم يحمل البطاريات وآخر السلك وآخر مشبك الغسيل وآخر مواد متفجرة مصنوعة بطريقة بدائية. يتعامل المقاتلون مع القادة في باكستان وعادة لا يعرفون رفقاءهم في التنظيم. وحتى إذا تم القبض على أحدهم، لا يستطيع إخبارك بأسماء ستة أفراد من الشبكة على حد قول دانيال ليرد، قائد سرية في منطقة تيريزاي الحدودية. ويضيف دانيال: «حتى إن قطعت ذراعه، لن تستطيع القضاء على الشبكة». كان جلال الدين حقاني، الزعيم الشرفي للشبكة، زعيم جماعة مسلحة لثلاثة عقود وتلقى أموال وأسلحة من الولايات المتحدة خلال الحرب ضد السوفيات. وصف تشارلي ويلسون، النائب الديمقراطي الأميركي عن ولاية تكساس آنذاك والذي تبنى قضية الثوار، حقاني بأنه «الخير يمشي على قدمين». كان حقاني يفرض رسوما كبيرة على القوات السوفياتية من خلال حصار مدينة خوست التي تعد مسقط رأسه. ومنحه موقفه كبطل في الحرب مصداقية بين الأفغان، وما زال يتمتع بهذه المصداقية حتى يومنا هذا. لكن مع تدهور حالته الصحية لا يتعدى دور حقاني في التنظيم كونه رمزيا، حيث يقود ابنه سراج الدين التنظيم منذ عدة سنوات مضت ويساعده بدر الدين. ويعرف سراج الدين بمهارته في التجارة وجني الأرباح من النقل والابتزاز. وينفذ المقاتلون عمليات اختطاف ويجمعون ضرائب غير قانونية والإتاوات من أصحاب المحلات الأفغان.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»