حذروا من تأسيس الجماعة مجلس علماء يفوق سلطة البرلمان القادم

حقوقيون مصريون يتخوفون من تلاعب «الإخوان» بعبارة «دولة مدنية بمرجعية إسلامية»

TT

فجرت تصريحات قيادات بجماعة الإخوان المسلمين، جاء فيها أن الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة» يحملان مشروعا واحدا ومرجعيتهما واحدة دينية، وأن مصر ينبغي أن تكون دولة مدنية لها مرجعية إسلامية - جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية حول طبيعة الدولة التي يريدها «الإخوان». وأعرب حقوقيون عن تخوفهم من تلاعب «الإخوان» بالعبارات في الحديث عن الدولة الدينية ليسهل الترويج لها، مطالبين بضمانات في الدستور المصري تكون حاكمة لتحقق التوازن بين السلطات. وحذر الحقوقيون من قيام الجماعة بتشكيل مجلس علماء حال فوزهم بأغلبية البرلمان يعودون إليه لمعرفة مدى اتفاق أي قانون جديد يصدر مع المرجعية الإسلامية، مشيرين إلى أن مفهوم الدولة المدنية يتعارض مع طموحات الجماعة في دولة دينية.

وكان الدكتور محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان المسلمين، قد قال في مقابلة مع التلفزيون المصري أول من أمس إن الإسلام لا يفرق بين الممارسة السياسية سواء حزبية أو دينية، وإن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية وينبغي أن تكون دولة مدنية لها مرجعية إسلامية.

وفي السياق ذاته، أضاف الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، أن الحزب والجماعة يحملان مشروعا واحدا ولهما مرجعية واحدة وهي المرجعية الإسلامية، وأن الحزب والجماعة يدعوان أيضا إلى الدولة المدنية، وأن الدولة الإسلامية بالضرورة دولة مدنية ومصر دولة مدنية ودستورها «ما زال ينص على أن (مبادئ) الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع».

وأوضح الدكتور بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن هناك تخوفا من تلاعب «الإخوان» بالعبارات في الحديث بشكل صريح عن الدولة الدينية في استخدام تعبير دولة مدنية بمرجعية إسلامية، مؤكدا أن الأصل أو النموذج أو الموديل لدي الجماعة هو الدولة الدينية؛ لكن يتم تلطيفه أو تغليفه بعبارة «مدنية» حتى يسهل الترويج له.

وقال حسن لـ«الشرق الأوسط» إن «التصور بأن الدولة الدينية هي فقط التي يحكمها رجال الدين غير دقيق، وأن الأصل فيه هو كيف تدار هذه الدولة الدينية، وهل تدار وفقا لاعتبارات دين معين أم لأن الدين أحد المصادر التي يشكل على أساسها الحكم».

وأكد حسن أن فكرة الدولة المدنية ليس معناها أن تكون بعيدة أو قريبة عن الدين؛ لكن الفكرة في أن تكون الدولة مرجعيتها الوحيدة هي الدين، أم إلى نظام الحكم والدولة ومؤسساتها وسياستها وتوجهاتها الخارجية وكافة الأمور الأخرى، مشيرا إلى أن الضمانة الوحيدة لعدم قيام الدولة الدينية هو أن يعلو الدستور فوق كل الاعتبارات، وألا يسمح بالتلاعب فيه ليسيطر عليه تيار معين، لافتا إلى أن هذه الاعتبارات والضمانات فوق الدستورية لا بد أن تكون حاكمة وتحترم ويتم الالتزام بها، وألا تخضع لمزاج الأغلبية بصرف النظر عمن يملك الأغلبية داخل البرلمان. وأكد حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن الدولة المدنية معناها دولة مدنية بصرف النظر عن مرجعيتها، قائلا: «إما دولة دينية أو مدنية»، لافتا إلى أن الدولة المدنية هي الدولة التي يحكمها دستور وقانون بعيدا عن الدين، وأن من يضع القوانين هو البرلمان، وأن المعيار للحقوق والحريات هو مفهوم المواطنة، وأن الاستثناء الوحيد فيها الذي يتم الرجوع إلى الدين فيه هي قوانين الأحوال الشخصية.

وقال أبو سعدة لـ«الشرق الأوسط» إن عبارة المرجعية الإسلامية أضيفت من «الإخوان»، وتابع أن جماعة «الإخوان» لو فازت بالأغلبية داخل البرلمان وقامت بتشكيل مجلس علماء بشأن تشريع أي قانون ستتحول مصر لدولة دينية، وسوف تكون سلطة المجلس أعلى من سلطة البرلمان، وهو الأمر الذي يتناقض مع مفهوم الدولة المدنية التي تنادي به الجماعة، لذلك يجب تحديد ما هو المقصود من المرجعية التي تريدها الجماعة». وأوضح أبو سعدة أن الضمانات الوحيدة لعدم تطبيق الدولة الدينية هو صياغة الدستور قبل الانتخابات التشريعية، وتحقيق التوازن بين السلطات، وأن يكون لدى رئيس الجمهورية صلاحيات معينة غير صلاحيات البرلمان والقضاء. وأكد صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، أن الدولة المدنية التي تطالب بها القوى السياسية هي الدولة التي تستند إلى القوانين الوضعية التي يسهل تعديلها.

وقال جرجس لـ«الشرق الأوسط» إن «الدولة التي نرتضيها هي الدولة القائمة على القوانين الوضعية دون وجود نصوص دينية، وهي عكس الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية التي تريدها جماعة الإخوان المسلمين»، لافتا إلى أن الجماعة تريد دولة إسلامية في شكل دولة مدنية، مشيرا إلى أن الضمانات الوحيدة لعدم انفراد جماعة دينية معينة بالسلطة هو مشاركة الشعب في الانتخابات التشريعية المقبلة.