واشنطن تعتزم الطلب من وكالة الطاقة رفع «الملف» النووي السوري إلى مجلس الأمن

قالت إن إعلان سوريا التعاون بشأن مفاعلها «تحول كبير» لكنه غير مخلص.. ومحاولة لعرقلة قرار يدين دمشق

مواطنون سوريون في أحد الشوارع التجارية بوسط دمشق وقد زينت بصور الرئيس (إ.ب.أ)
TT

تعتزم الولايات المتحدة أن تطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفع مسألة نشاطات سوريا النووية المفترضة إلى مجلس الأمن الدولي، طبقا لما ورد في مسودة قرار بهذا الشأن. وتأتي الخطوة على الرغم من إعلان سوريا، في رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة، تأكيد تعاونها.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن وثيقة أكدت أنها حصلت عليها، فإن واشنطن ستدعو، في اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يعقد الأسبوع المقبل، جميع الدول الأعضاء في الوكالة إلى رفع المسألة إلى مجلس الأمن، على الرغم من وعد دمشق كما يبدو بكسر الصمت المستمر منذ ثلاث سنوات ونصف السنة حول تطلعاتها النووية المفترضة.

وقالت مصادر أميركية إن مسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما يشكون في العرض الذي قدمه الرئيس السوري بشار الأسد، أول من أمس، بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، في موضوع المفاعل النووي السوري في دير الزور، الذي دمرته طائرات إسرائيلية سنة 2007، ويرى هؤلاء المسؤولون أن الأسد يريد عرقلة الاتصالات الحالية في مجلس الأمن لإصدار قرار يدين حكومته بسبب مواجهاتها الدموية العنيفة والعسكرية للمظاهرات التي دخلت شهرها الثالث.

وأضافت المصادر أن التحول في الموقف السوري، الذي كشفته وكالة «أسوشييتد برس»، أول من أمس، يعتبر «تحولا كبيرا» لكن «لا يبدو أنه مخلص». خاصة لأن سوريا ظلت تماطل منذ سنة 2008، عندما بدأت الوكالة النووية الدولية التحقيق في المفاعل، بعد سنة من ضرب الطائرات الإسرائيلية له، وإعلان إسرائيل أن سوريا كانت تجهز سرا لإنتاج البلوتونيوم. وكانت وكالة «أسوشييتد برس» نشرت خطابا من مسؤولين سوريين إلى يوكيا أمانو، رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية، جاء فيه: «نحن مستعدون للتعاون الكامل مع الوكالة».

وقال مراقبون في واشنطن إن التحول السوري له صلة بمناقشة مجلس الأمن للمظاهرات في سوريا، وأيضا بتصريحات أميركية بأن مجلس الأمن سوف يناقش أيضا رفض سوريا التعاون مع الوكالة النووية حول المفاعل النووي.

وقال روبرت وود، القائم بالأعمال الأميركي في فيينا، في رسالة وزعت على الدول الأعضاء، يوم الجمعة الماضي: «نحن نعلم أن الحكومة السورية بعثت رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتعلق بطلب الوكالة من سوريا تقديم التعاون التام». وأضاف: «إن مثل هذا التعاون سيكون مرحبا به بالتأكيد، ولكن لن يكون له أي أثر على النتيجة التي أفادت بعدم الالتزام (السوري)، أو على مسؤوليات المجلس الخاصة بهذه النتيجة». ووضعت واشنطن مشروع قرار تعتزم طرحه على مجلس حكام المنظمة الـ35 الأسبوع المقبل، تتهم فيه سوريا بما يعرف بـ«عدم الالتزام» بمسؤولياتها الدولية، وتدعو مدير عام الوكالة الدولية، يوكيا أمانو إلى رفع تقرير بذلك إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك.

وكانت إيران آخر عضو في الوكالة يتم رفع تقرير بشأنه إلى مجلس الأمن الدولي في سبتمبر (أيلول) 2005. وجاء في الرسالة: «نعتقد أن تحرك المجلس مهم للحفاظ على مصداقية الوكالة، ونظام الضوابط فيها، نظرا لاستمرار سوريا في عرقلة تحقيقات الوكالة».

وتقول الولايات المتحدة منذ فترة إن الملف النووي السوري يجب رفعه إلى مجلس الأمن الدولي، بسبب رفض دمشق الرد على المزاعم بأنها كانت تبني مفاعلا نوويا غير معلن في موقع بعيد في دير الزور، وتوقف البناء عندما قصفت طائرات إسرائيلية الموقع في سبتمبر (أيلول) 2007.

وفي آخر تقرير عن المسألة، الأسبوع الماضي، قررت الوكالة الدولية، بعد شعورها بالاستياء من العرقلة السورية، أن تعلن، وللمرة الأولى، أن جميع الأدلة تشير إلى أن الموقع كان لمفاعل نووي. ونفت سوريا دائما تلك المزاعم، وقالت إن الموقع في دير الزور كان منشأة عسكرية غير نووية، إلا أنها لم تقدم أي دليل حتى الآن لدعم ذلك، ولكن الوكالة الدولية لم تقتنع بذلك.

وفي أقوى تقرير لها من بدء التحقيقات في عام 2008، خلصت الوكالة إلى أنه «بناء على جميع المعلومات المتوفرة للوكالة وتقييمها الفني لهذه المعلومات، فإن الوكالة تقدر أنه من المرجح جدا أن يكون المبنى الذي تم تدميره في دير الزور كان مفاعلا نوويا كان من المفترض الإعلان عنه للوكالة».

وصرح دبلوماسيون غربيون لوكالة الصحافة الفرنسية بأن رئيس الوكالة أمانو، بعث برسالة إلى الدول الأعضاء تشير إلى أن سوريا قالت إنها مستعدة الآن «للتعاون التام مع الوكالة». وذكر دبلوماسيون أنهم اعتبروا ذلك خطوة سوريا لتجنب رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك.