الإعلام السوري يفشل في تسويق وجهة نظر النظام

التلفزيون الرسمي يقوم بتغطية الأحداث في ليبيا

TT

لم يختلف أداء الإعلام السوري الرسمي في تغطيته للمظاهرات الشعبية التي تشهدها البلاد عن نظيره الليبي في تبنيه المطلق للرواية الرسمية، وتسويقه لخطاب السلطة بأن هناك مؤامرة خارجية تحاك ضد سوريا، ومجموعات مسلحة تسللت إلى البلاد عبر الحدود العراقية واللبنانية، ومجموعات سلفية تسعى لإقامة إمارات إسلامية في بعض المدن السورية.

إلا أن مراقبين لهذا الإعلام يلاحظون تخبطا وارتباكا في أدائه، ففي بداية الأحداث أنكر التلفزيون الرسمي تماما وجود أي مظاهرة في سوريا، ثم بدأ في فترات لاحقة بالاعتراف بوجود أعداد ضئيلة تنزل إلى الشوارع في بعض المناطق حيث تقتصر مطالب هؤلاء على أمور خدماتية كتخفيض أسعار المحروقات ومواد الأسمدة الزراعية. وفي الفترة الأخيرة سعى التلفزيون الرسمي إلى تصوير المتظاهرين على أنهم مخربون، عارضا مشاهد لاحتراق أبنية حكومية وباصات نقل عام وسيارات إسعاف.

ورغم حالة التعبئة والتحشيد التي تقوم بها القنوات التلفزيونية الرسمية لإقناع الرأي العام السوري بخطاب السلطة وروايتها عن الأحداث، فإن «حالة غضب تسري في نفوس الناس بسبب التغطية التحريضية التي ينتهجها الإعلام الرسمي» كما يقول أحد الناشطين، مضيفا أنه «في بعض مناطق الاحتجاجات تم طرد مراسلي التلفزيون السوري وكذلك تلفزيون الدنيا (العائدة ملكيته لشخصيات نافذة في النظام) كما تم رميهم بالحجارة احتجاجا على ما يسميه المتظاهرون فبركات ملفقة وكذبا وتضليلا يمارسه التلفزيون السوري ضدهم»، كما يستهجن المتظاهرون «تجاهل الإعلام الرسمي للشهداء الذي يسقطون من صفوفهم والتعامل مع الأمر وكأنه لم يحصل»، فيما يتحدث ناشط آخر عن محاولة فريق من التلفزيون الرسمي في منطقة بابا عمرو في حمص خداع المتظاهرين، «حيث عمدت مراسلة التلفزيون لإقناع مجموعة من المتظاهرين بالظهور على الشاشة ضمن تقرير إخباري، ليتحدثوا عن مطالبهم بحرية كاملة، وأثناء التصوير لاحظوا تسلل بعض الأشخاص خلفهم يرفعون العلم الإسرائيلي، في محاولة للقول إن المتظاهرين رفعوا العلم الإسرائيلي في بابا عمرو وإنهم جزء من المؤامرة الخارجية والصهيونية، إلا أن المتظاهرين احتجزوا المصور لبعض الوقت وأجبروه على إعطائهم الشريط».

يؤكد أحد الخبراء الإعلاميين أن «الإعلام السوري عاجز عن إقناع السوريين بخطابه وكذلك العرب»، مشيرا إلى أنه «بعد ثورتين عربيتين في مصر وتونس، وكذلك ثورات مستمرة في ليبيا واليمن، شاهدنا فشل أساليب وسائل الإعلام الرسمية في هذه البلدان، في تسويق روايات السلطة». معتبرا أن «الإعلام السوري لن يخرج عن هذا السياق، خاصة أنه إعلام إيديولوجي ارتبط بخطاب السلطة منذ نشوئه مما أفقده المصداقية عند معظم السوريين».

ويعتقد الخبير الإعلامي أن «النظام يعرف تماما أن روايته الإعلامية غير قابلة للتصديق لكنه يصرّ على عرضها بهدف إرغام الناس على التقيد بمضمونها وعدم التشكيك بها، وهذا من سلوكيات الأنظمة الشمولية التي تسعى إلى تعميم ما تراه حقائق عبر إعلامها وتفرضها على الناس بالقوة، وقد عمد التلفزيون الرسمي السوري في الفترة الأخيرة إلى بث خطاب تحريضي يفرز الناس بناء على مواقفهم من السلطة، إما خائن ينزل في المظاهرات ويرتبط بأجندة خارجية، أو وطني يتبنى وجهة النظر الحكومية».

يذكر أن التلفزيون السوري يقوم بتغطية الأحداث في ليبيا على أنها تدخل خارجي وليست ثورة. في تبن واضح لوجهة نظر النظام الليبي، حيث يركز في أخباره على الأهداف التي يقصفها حلف الناتو مؤكدا أنها ضد المدنيين العزل. ويفسّر مراقبون بأن ذلك يخدم رواية النظام السوري بأنه يتعرض إلى مؤامرة قد تنتهي بما يشبه السيناريو الليبي.