اللواء عمر الحريري لـ«الشرق الأوسط»: طلبت من الناتو قصف مقر العقيد في باب العزيزية

مسؤول الشؤون العسكرية لثوار ليبيا: تدمير 60 في المائة من قوات العقيد.. وانهيار نظامه خلال شهر

اللواء عمر الحريري
TT

اعتبر اللواء عمر الحريري، مسؤول الشؤون العسكرية لثوار ليبيا المناوئين لنظام حكم العقيد الليبي معمر القذافي، أن سقوط النظام الحاكم في طرابلس الغرب بات وشيكا، متوقعا أن ينتهي خلال شهر اعتبارا من الآن، وفقا لرؤيته للموقف العسكري والسياسي للأزمة المحتدمة في ليبيا منذ 17 فبراير (شباط) الماضي.

وقال الحريري، في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة، قبل عودته إلى مدينة بنغازي في شرق ليبيا، حيث معقل الثوار ومقر المجلس الانتقالي الذي يتولى فيه مسؤولية الشؤون العسكرية، إن الموقف العسكري للثوار جيد على كافة الجبهات وإن القذافي إلى زوال. وأضاف الحريري أن الثوار يخوضون مرحلة كفاح مرير، لكنه سيؤدى إلى النصر، قائلا إن الهدف الرئيسي هو إقالة القذافي لأنه لا يمكن أن يحكم ليبيا مرة أخرى، مشيرا إلى أن منطقة العزيزية التي يتركز وجود القذافي فيها تحوي سراديب تصل إلى 30 كيلومترا وبعضها يؤدى إلى البحر، وقال إن أهم شيء يجب أن يضربه حلف الناتو هو أسوار (باب) العزيزية، وأوضح أن سمك السور يصل إلى متر، ولا يمكن اختراقه بدبابة أو مدفع، وأنه لا بد أن يكون هناك اختراق جوي.

وعن الجهات التي يمكن أن تكون قد عملت على بناء التحصينات في باب العزيزية لمعرفة طريقة اختراقها، قال الحريري إن القذافي كان لديه مستشارون من دول خارجية منها ألمانيا الشرقية في السابق، على سبيل المثال، لافتا إلى أن أهم شيء كان يعني القذافي منذ بداية حكمه هو الأمن الشخصي.

وكان الحريري أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة الليبية التي قام بها القذافي عام 1969، وقال: كانت نيتنا الإصلاح ولكن أتت الريح بما لا تشتهي السفن. وأعرب الحريري عن ندمه على مساعدته للقذافي في تولي السلطة والإطاحة بالعاهل الليبي الراحل الملك إدريس السنوسي، مضيفا أن من بقي مع القذافي منذ ذلك الوقت حتى الآن هم الخويلدي الحميدي و«هو للأسف يشارك مشاركة فعلية وهو من يتولى قوات الأمن»، وأبو بكر يونس الذي يقود القوات المسلحة للقذافي. وإلى نص الحوار.

* ماذا تفعل في مصر؟

- كنا متجهين إلى اليونان فمررنا من هنا، وعائدون لاحقا إلى بنغازي. القاهرة هي ممرنا للعالم الخارجي كما ترى.

* هل التقيت مسؤولين مصريين؟

- لا. مهمتنا كانت في اليونان، حيث التقينا كبار المسؤولين هناك وشرحنا لهم حقيقة ما يجري (في ليبيا).

* كيف تصف الموقف العسكري الراهن في ليبيا؟

- إنه جيد. هناك عدة جبهات موقفها جيد. نتمنى ألا تطول هذه المرحلة. عندنا موقف جيد في إجدابيا وأيضا في مصراتة والجبل الغربى والزنتان، وكل المناطق في مرحلة كفاح. صحيح أنه مرير لكنه سيؤدي إلى النصر.

* متى سيسقط النظام الحاكم في طرابلس؟

- أتمنى أن يسقط اليوم قبل الغد. هذا يعتمد على الضغط الدولي بالدرجة الأولى، ونحن أيضا نمارس ضغطا عسكريا على الأرض كقوات مسلحة. الأمر لن يطول.

* هل سينتهي الأمر خلال أسابيع أو أيام فقط؟

- لا أعلم. هل يسقط بعد أسابيع أو شهور، فالعلم عند الله، وهذه حرب، والحرب سجال، وما أتمناه ألا تطول الحرب عن شهر وقد يكون أقل من ذلك، فالخناق يضيق عليه (القذافي) والمكان الوحيد الذي بقي له هو طرابلس والعزيزية التي تتعرض لقصف شديد، وأصبح يتحرك من مكان لآخر، وما هي إلا أيام قليلة حتى تتحرر ليبيا، وطبعا نحن نتمنى ألا يطول الأمر ليتوقف نزيف الدم، فهذا الرجل قابل شعبه بمقابلة لم يسبقه إليها أحد قبله، فبعد حكم 42 سنة بالظلم والجور والخراب وانعدام البنية التحتية على الرغم من الإمكانيات المادية المتاحة، دمر ليبيا بالكامل، والحركة الشعبية قام بها شباب لم يطلبوا شيئا سوى حريتهم، فنحن تحملنا الكثير ولكن على الأقل يجب أن يعيش أطفالنا وأحفادنا في كرامة، وبعد 42 سنة ينهي الوطن الليبي بهذه الطريقة، فليبيا ستحتاج إلى نضال كبير جدا لنعيد إعمارها، وهدفنا الرئيسي هو إقالة هذا الرجل فلا يمكن أن يحكم ليبيا مرة أخرى.

* لكن ما زال لدى القذافي قوات؟

- منذ شهرين قال حلف الناتو «قضينا على 30 في المائة من قوات القذافي»، الحقيقة أن كل القوات تم جمعها في المنطقة الغربية، والآن هناك تركيز على مناطق (بعينها) وأظن أنه تم تدمير أكثر من 60 في المائة من قوة القذافي. والأهم من ذلك هو تحطيم الحالة المعنوية لجنوده ودفعهم للهروب وأكثرهم مرتزقة.

* ما تقييمك لضربات حلف الناتو؟ وكيف لا يملك معلومات دقيقة عن مكان وجود القذافي؟

- هذا شأن خاص بهم ولكن القذافي الآن أصبح مستهدفا سواء من الناتو أو غيره، وهم أنفسهم في وقت من الأوقات قالوا إن خروج القذافي أصبح هدفا، أما كونهم يقولون تفسيرا آخر فهذا شأنهم، ولكننا نرى أن ضربات الناتو ضربات شديدة ومؤثرة، ومنطقة العزيزية التي يتركز بها تحوي سراديب تصل إلى 30 كيلومترا وبعضها يؤدى إلى البحر.

* بالتأكيد هو لم يبن تلك السراديب منفردا وإنما استعان بشركاء. إذا كانت الحكومات الغربية تعرف مكانه فلماذا لا تستهدفه لتنهي الأمر؟

- بلا شك هم يعرفون مكانه. ولكن المنطقة كبيرة ليس من السهل الحصول على شخص بعينه فيها، وفي وقت من الأوقات اجتمعت بالناتو وقلت لهم إن أهم شيء يجب أن يضرب هي أسوار (باب) العزيزية، ذلك أن سمك السور يصل إلى متر واحد ولا يمكن اختراقه بدبابة أو مدفع، فلا بد أن يكون هناك اختراق جوي.

* لماذا كان القذافي يبنى سورا محصنا كهذا، برأيك؟

- كل همه كان أن يعيش.

* هل كان يستعد ليوم مثل هذا؟

- ربما كان يستعد ليوم مثل هذا. إمكانيات الشعب الليبي كلها وظفها في أمرين: «حمايته والدفاع عنه». وكان لديه مستشارون من دول خارجية مثلا من ألمانيا الشرقية في السابق. فأهم شيء كان يعنيه هو الأمن الشخصي، فالأسوار ارتفاعها يصل إلى 4 أمتار إضافة إلى سمكها، وتكلمت إلى الناتو وطلبت التركيز عليها لأن هناك أناسا تريد أن تخرج. الثوار الموجودون في طرابلس هم من سيدخلون على القذافي في مقره. والآن هو يلجأ إلى المستشفيات. وأنا أعتبر ضربات الناتو جيدة.

* هل أصبح الوضع على أعتاب إدخال قوات برية، بعد تلويح بريطانيا باستخدام طائرات مروحية؟

- قرار مجلس الأمن 1973 لا ينص على دخول قوات برية لليبيا، ونحن نرفض ذلك، ولكنه (القذافي) يسعى لإدخال قوات برية ليظهر أمام العالم أنه بطل ولا يهمه سوى مصلحته، فهو دائما يحب أن يظهر بمظهر البطل، فالخيار غير وارد بالمرة. ودبابات القذافي قريبة من مصراتة، ونحن قادرون على تحرير وطننا ولكننا لن نقبل بنزول قوات برية لليبيا.

* القذافي يستند خلال 42 سنة على شرعية ثورة الفاتح (أول سبتمبر). هل أنت نادم أنك ساعدته حينذاك ليستولي على السلطة؟

- نادم. في البداية كانت لدينا أهداف ونحن شباب، وعشنا في ظل (الرئيس المصري الراحل جمال) عبد الناصر في ذلك الوقت، كان أمامنا هدف هو تحرير القواعد الليبية. كضباط قمنا بالثورة والبعض يتهمنا بأننا أسأنا للشعب الليبي، وكانت نيتنا الإصلاح ولكن أتت الريح بما لا تشتهي السفن، وربما نتهم بأننا أوصلنا هذا الرجل للسلطة، لكنها أقدار. أنا لم أحصل على حريتي سوى يوم 17 فبراير(شباط) الماضي لذلك أقول إن عمري فقط هو ثلاثة شهور هي عمر الثورة، فأي عمر في الظلم والقهر ليس بعمر.

* ما الذي تبقى من مجلس قيادة الثورة منذ عام 1969؟

- نحن كنا 12 شخصا، فثورتنا قامت محاكاة لثورة جمال عبد الناصر في مصر، كنا معجبين به في ذاك الوقت لا شك. اثنان منهم توفيا؛ المقريف وعمر المحيشي، وموجود هنا عبد المنعم الهوني، وهو لاجئ سياسي منذ عام 1986 وهو عنصر فعال وجيد، ومحمد نجم خرج من المجلس في سنته الأولى، ومختار القروي خرج سنة 1974، وعواض حمزة اعتقل، وبشير الهوادي كان في إقامة جبرية. الآخرون مثل عبد السلام جلود استمر معه واختفى بعد عام 1993، وبقى الخويلدي الحميدي، وهو للأسف يشارك مشاركة فعلية وهو من يتولى قوات الأمن، بينما يقود أبو بكر يونس القوات المسلحة.

* هل تحدثت إليهم؟

- نعم أنا كلمتهم جميعا وخاطبتهم عبر القنوات الفضائية، وقلت لهم أخذتموها مكسبا وتركتموها مغرما. أي رجل بقي مع القذافي كل هذه المدة فهذه هي إمكانياته الفكرية أو اختياره.

* هل تعني أنك كنت محظوظا عندما اعتقلك القذافي؟

- (ضاحكا) ربما. نحن أتينا به إلى السلطة. بمفرده لم يكن بإمكانه القيام بأي عمل من دوننا. وهو كاذب عندما يقول إنه من قام بالثورة منفردا. هذا تضليل تاريخي وهضم مرفوض لأدوار الآخرين.

* مع تشبث القذافي بالسلطة يبدو موقف الملك (ملك ليبيا حتى 1969) الذي أطحتم به رائعا؟

- بعدما رأينا ما فعله القذافي تمنينا يوما واحدا من أيام الملك. أنا من اعتقل ولي العهد الحسن الرضا ودخل مقر إقامته. كان رجلا جيدا على أية حال.

* لماذا يرفض العالم تسليحكم؟

- طلبنا (ذلك) من دول عربية شقيقة ودول أخرى، لكنها رفضت بحجة أنه يمكن لهذه الأسلحة أن تقع في أيد إرهابية. القذافي زعم أن (تنظيم) القاعدة موجود في ليبيا، والأميركيون تأكدوا أن هذا الكلام ليس صحيحا. ومع هذا لم يصدقونا لأن هناك فقرة في قانون الأمم المتحدة تمنع السلاح عن الجانبين.

* لو نجحتم في عقد صفقة هل سيسمح الناتو بإدخالها؟

- لا أعتقد ذلك بحجة أن قرار مجلس الأمن يمنع التسليح إلا أن تكون بطريقة ما. والقذافي يحاول الحصول على أسلحة عبر الجزائر.

* لماذا هناك دائما اتهام للجزائر بمد القذافي بالأسلحة؟

- اتهامنا لم يأت من فراغ، والشعب الليبي وقف مع الجزائر وقفة كبيرة عندما كنا ننقل لهم الأسلحة من مصر، وأنا أتعجب من سبب دعمها للقذافي وربما هناك تفسير شخصي، هم يخشون المعارضة، لكني أذكر أن رئيس الأركان التونسي أكد أن ثورة تونس ستضيء كل العالم العربي. والجزائر وغيرها كثيرون. ومرات كثيرة أقول إن العرب مصابون بلعنة الكراسي. بعد ما جرى في تونس ومصر هذا المد لن يتوقف والشعب العربي في ثورة دائمة.

* كيف ترى موقف مصر؟

- مصر هي الأم والامتداد وهي الوعاء الكبير.

* هذه إجابة دبلوماسية أكثر منها واقعية؟

- مصر دائما معنا. هناك مجموعة لها رأي ما، والقذافي شخص شرس أحمق لا يتورع عن أن يقول أي شيء، من حقها الخوف على رعاياها، ونحن نتساءل بيننا وبين أنفسنا، ولكننا نقدر ظروفها ووضعها وهي تفتح حدودها بالكامل معنا، ولولا مصر لما وصلنا لليونان مثلا بدون صعوبة كبيرة. وأنا متأكد أنه قريبا جدا سيكون هذا الموقف أحسن. مصر لا نخاف عليها ولا نخاف منها. لدينا تاريخ مشترك وجيد.

* يبدو أن ثمة معركة على من يمثلكم في القاهرة؟

- لا، هذا غير صحيح. وهنا دعني أحذر من أي محاولة يقوم بها البعض لانتحال صفة الممثل الخاص للمجلس لدى الجامعة العربية ومصر. عبد المنعم الهوني هو ممثلنا الوحيد والمعترف به قانونيا ورسميا. وأي شخص آخر ينتحل هذه الصفة سيعرض نفسه للمساءلة والملاحقة القانونية.