ملك البحرين يدعو لحوار وطني «دون شروط مسبقة»

رفع حالة الطوارئ.. والتحذير من أي نشاط يهدد الأمن والحريات

ملك البحرين لدى دعوته أمس إلى حوار وطني مع كافة الفعاليات في بلاده («الشرق الأوسط»)
TT

قبل ساعات من رفع حالة الطوارئ، فتح العاهل البحريني باب الحوار بين جميع الأطياف السياسية في بلاده، داعيا إلى حوار وطني، «من دون شروط مسبقة» للبحث في «الوضع الأمثل لمملكة البحرين»، وذلك اعتبارا من الأول من شهر يوليو (تموز) المقبل.وفرضت البحرين حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) منتصف مارس (آذار) الماضي، وترفع اليوم، بعد موجة من الاحتجاجات التي انطلقت في منتصف فبراير (شباط) الماضي، والتي بلغت حد رفع المحتجين لمطالب تدعو لإسقاط النظام وإنشاء جمهورية إسلامية، قبل أن تطلب المنامة دخول قوات درع الجزيرة الخليجية لمساعدتها في حماية النظام.

وكان لافتا في كلمة الملك البحريني إشارته إلى أكبر تجمع للطائفة السنية، والذي تشكل في أعقاب الاحتجاجات، عندما قال إنه «استكمالا للحوار الذي دعا إليه الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد وساندته الحكومة والسلطة التشريعية، والمواقف الشعبية الوطنية التي تصدرها بيان تجمع الوحدة الوطنية (القوى السنية) الأخير من أن الحوار هو خيار استراتيجي وطني للوصول إلى الحلول المطلوبة»، وهو ما يشير إلى ترسيخ القوى السنية التي ظهرت بشكل أكثر تماسكا في أعقاب فترة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد.

وكان ولي العهد البحريني قد دعا لحوار مع المعارضة في أعقاب اندلاع الاحتجاجات، لكن المعارضة الشيعية كانت قد وضعت شروطا مسبقة قبل الدخول للحوار، وهو ما رفضته السلطات البحرينية في حينه.

ودعا الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لدى استقباله مجموعة من كبار الإعلاميين في بلاده، الجميع للمبادرة إلى الاشتراك في الحوار «من خلال استشراف المستقبل واستخلاص المرئيات من أجل دفع عجلة الإصلاح لمزيد من التطور في كافة المجالات، والمساهمة في ترسيخ قواعد المشروع الإصلاحي، وتحقيق آمال شعب البحرين الكريم في السلم والعدالة واستمرار عجلة التنمية والتقدم».

وقال العاهل البحريني: «إن الإصلاح هو المشروع الذي لم ولن نحيد عنه، فهو إيمان وإرادة بيننا وبين شعبنا، توكلنا فيه على الله بالعمل والفعل للمضي بهذه المسيرة الوطنية المباركة والدفع بعجلتها للأمام في ظل التدرج الطبيعي لدورة الحياة وتطور الشعوب والأمم».

ومضى الملك في كلمته: «نوجه السلطتين التنفيذية والتشريعية للدعوة لحوار للتوافق الوطني بشأن الوضع الأمثل لمملكة البحرين واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتحضير لهذا الحوار الجاد والشامل ودون شروط مسبقة ليبدأ مع بداية شهر يوليو من هذا العام ليبادر الجميع بالاشتراك فيه بدورهم من خلال استشراف المستقبل واستخلاص المرئيات».

وقال الملك إن الحوار هو «من أجل دفع عجلة الإصلاح لمزيد من التطور في كافة المجالات والمساهمة في ترسيخ قواعد المشروع الإصلاحي وتحقيق آمال شعب البحرين الكريم في السلم والعدالة واستمرار عجلة التنمية والتقدم».

وذكر الملك أن «مرئيات الحوار» سترفع له ليعرضها على المؤسسات الدستورية.

وقال الملك في كلمته: «إن ما مر بنا من أحداث خلال الفترة الماضية يجب أن لا نتوقف عنده إلا من أجل استخلاص الدروس والعبر؛ فعجلة الإصلاح قد تحركت منذ بداية الإجماع التاريخي على ميثاق العمل الوطني (2001) الذي قرر من خلاله شعب البحرين الكريم الانتقال إلى فصل جديد من تاريخه».

وأضاف: «من الذي لا يريد أداء حكوميا أكثر كفاءة؟ أو تمثيلا تشريعيا أكثر فعالية؟ أو جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني تعمل في إطار الوحدة الوطنية والتزام حكم القانون؟ من لا يريد ذلك فهو لا يؤمن بالتطور كما أنه لن يستطيع أن يوقف السير الطبيعي الصحيح لتقدم حياة الشعوب».

وعبر ملك البحرين عن تقدير بلاده للدعم السياسي والدفاعي والمادي «من قبل أشقائنا في دول مجلس التعاون، وهو الأمر الذي يعكس مقدار المكانة المتبادلة بين دول المجلس بعضها البعض، والذي انعكس كذلك بفضل من الله في إصدار المملكة الميزانية العامة الأكبر في تاريخها بعد إقراراها من قبل الحكومة الرشيدة والسلطة التشريعية، مما سيدعم مسيرة اقتصادنا الوطني ويؤكد أهمية دوركم الإعلامي في إثرائها بالتحليل والرأي البناء، وذلك بهدف تحفيز الإنتاجية وتعزيز التنافسية الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات ورفع كفاءة الكوادر البشرية، حتى يؤدي الجميع دوره في مسيرة البناء والتنمية وتهيئة سبل الحياة الكريمة».

وقال الملك حمد، مخاطبا إعلاميي بلاده، إن شعب البحرين يحتاج إلى من يطلعه على الحقائق ويساعده على خلق رأي عام وطني جامع دون أن يفرق بين أبنائه، مؤكدا لجميع الصحافيين والإعلاميين في مملكة البحرين «أن حرياتهم مصونة وحقوقهم مكفولة، ولن يضار أحد بسبب التعبير السلمي والحضاري عن رأيه في ظل دولة القانون والمؤسسات».

وبينما ترفع حالة السلامة الوطنية (الطوارئ) في البحرين اليوم، أصدرت وزارة العدل أمس تحذيرا للجمعيات السياسية من أي نشاط يترتب عليه تهديد للأمن والحريات.

وفي بيان؛ حذرت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف من كافة أشكال الدعوات والنشاطات التي من شأنها المساس بالأمن والإضرار بالسلم الأهلي، مستنكرة ما صدر عن البعض مؤخرا من تصريحات تؤكد الإصرار بالمضي على النهج غير المسؤول الذي أسهم بشكل مباشر في ضرب الاستقرار وتهديد حياة الآمنين وسلامة المواطنين خلال الأحداث الماضية التي شهدتها المملكة. ولفتت الوزارة إلى أن المرحلة المقبلة وبعد ما مرت به البلاد من أحداث لا تتطلب شعارات بل تستوجب أفعالا تهدف إلى تعزيز وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بمسيرة البناء والدفع بعجلة الإصلاح للأمام.

وقالت الوزارة إن ما تعرضت له المملكة كان نتيجة مؤامرة وليست «انتفاضة» كما أراد البعض توصيفها. ودعت وزارة العدل إلى تحمل الجميع لمسؤولياتهم القانونية والشرعية والأخلاقية تجاه أمن الوطن وواجب صون مكتسباته التاريخية، محذرة من أي نشاط لجمعية سياسية يترتب عليه تهديد للأمن وحريات الآخرين وسلامتهم، وشددت على أن الداعين والمحرضين عليه سيتحملون كامل المسؤولية وما ينتج عنه.