أوساط أمنية إسرائيلية منعت بحثا برلمانيا خوفا من فضائح جديدة في قضية الاتجار مع إيران

الشركة المتورطة: قدمنا خدمة قومية

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، خلال اجتماع عقد في نيودلهي أمس (أ.ف.ب)
TT

في تطور غير مسبوق في الكنيست، منعت أوساط أمنية بحث قضية اقتصادية خطيرة تتعلق بخرق شركات إسرائيلية نظام العقوبات الدولية مع إيران وتنفيذ الكثير من الصفقات مع شركات إيرانية. واعتبرت هذه الخطوة تأكيدا جديدا على ما تحاول السلطات الإسرائيلية إخفاءه، وهو أن هذه العلاقات معروفة لعدد من القيادات السياسية في الطرفين.

وكانت لجنة الاقتصاد في الكنيست قد التأمت، أمس، لإجراء بحث أولي في أعقاب تراكم معلومات كثيرة عن قيام شركات إسرائيلية، وفي مقدمتها شركة «عوفر وآباؤه»، بالاتجار مع إيران، بما يخالف العقوبات الدولية. والمعروف أن أول نشر في الموضوع تم في تقرير لوزارة الخارجية الأميركية، يوم الثلاثاء الماضي، عندما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يلقي خطابه «التاريخي» أمام الكونغرس. وفي حينه شدد على ضرورة التطبيق الصارم للعقوبات، ولكن الخارجية الأميركية جعلت من تصريحاته هذه شبه مسخرة. إذ بينت أن هناك 17 شركة عالمية تتاجر مع إيران، قررت معاقبتها. وبينها شركة «عوفر» الإسرائيلية.

وفي اليوم التالي خرجت الصحافة الإسرائيلية تقول إن هناك نحو 200 شركة إسرائيلية تعمل مع شركات إيرانية وإن قسما منها على الأقل عمل بعلم الحكومة الإسرائيلية وحتى جهاز المخابرات الخارجية (الموساد)، وإن شركة «عوفر» أرسلت إلى إيران 9 سفن ضخمة لنقل النفط، رست في ميناء إيراني وابتاعت النفط الخام وباعت لها النفط المكرر. ولكن نتنياهو نفى ذلك وقال إن الحكومة لا تعرف شيئا عن الموضوع ولا يمكن أن تعرف وتسكت. وللبرهنة على صدقه دعا إلى تشكيل لجنة تحقيق مشتركة، أميركية إسرائيلية، لمعرفة الحقيقة.

غير أن رئيس «الموساد» السابق، مئير دغان، أجهض هذه الحماسة لدى نتنياهو ولمح إلى أن جهازه يعرف هذه النشاطات ولا يجد فيها غضاضة، «إذ فتحت لإسرائيل آفاق معرفة جديدة». وقال إن «معالجة القضية مبالغ فيها»، وهو ما رأت به صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن دغان كان على علم بنشاط الشركة في إيران.

وكان من المفترض أن تناقش في الكنيست، أمس، للمرة الأولى علنا المعلومات حول فضيحة العلاقات التجارية مع إيران التي تعرف بفضيحة «إيران غيت» في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان في الثمانينات، إلا أنه وبعد دقائق معدودة، أعلن رئيس اللجنة أنه تلقى تعليمات تقول إنه يجب وقف البحث. وأوضح أن هذه التعليمات لم ترد إليه من حزبيين أو قادة سياسيين أو من رجال الاقتصاد، ما فهم أنها وردت من مصادر أمن (جيش أو استخبارات). وكما في كل شيء أمني، رضخ النواب للطلب وألغوا النقاش بشكل مفاجئ، إذ أعلن رئيس الجلسة أنه تلقى «بلاغا» من جهة غير سياسية أو تجارية قرر على أثرها إلغاء الجلسة. وأدرجت الولايات المتحدة مجموعة «عوفر» على قائمة سوداء كونها باعت في سبتمبر (أيلول) 2010 سفينة صهريجا بقيمة 8.6 مليون دولار لشركة خطوط الشحن البحري للجمهورية الإسلامية الإيرانية، منتهكة بذلك الحظر الدولي المفروض على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وأكدت مصادر في شركة «أحيم عوفير» للملاحة البحرية أن دولة إسرائيل استخدمت سفنها «لأغراض قومية» عندما رست في موانئ إيرانية.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن مصدر في شركة «الأخوان عوفر» قوله إن «دولة إسرائيل استخدمت أكثر من مرة شركة (الإخوان عوفر) لأغراض قومية ولذلك فإن نفي نتنياهو لم يكن صحيحا».

ورفضت شركة «أحيم عوفير» التعقيب بشكل رسمي على القضية لكن مصدرا فيها قال إن «نتنياهو تخلى عن الشركة التي قدمت مساعدات كبيرة لإسرائيل». وأردف المصدر قائلا إن «العبد نفذ مهمته وبإمكان العبد أن يذهب» وأوضح أنه «عندما كانت دولة إسرائيل بحاجة إلى مساعدة (الإخوان عوفر) عرفت لمن تتوجه بينما الآن يديرون لهم ظهرهم». وكتب المحلل العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان «طوال سنين عملت شركة (تانكر باسيفيك) في الخليج العربي ومن ضمن ذلك نقل محروقات من إيران وإلى إيران في إطار أعمال تجارية مع شركات عدة في الخليج العربي». وأضاف «بل إن مندوبي هذه الشركات (العربية) زاروا إسرائيل أكثر من مرة وسارت الأمور على هذا النحو لسنوات ولم يخف أحد ذلك ولم يزعج ذلك أحدا».

ولفت فيشمان إلى أن «شركات أميركية فعلت ذلك وما زالت تفعل ذلك لأن شراء النفط الخام من إيران له تأثير على أسعار النفط في العالم، ومثال على ذلك أن (أواسجي) وهي شركة ملاحة بحرية كبيرة ومحترمة ويتم تداول أسهمها في بورصة وول ستريت وفيها شريك إسرائيلي محترم تواصل العمل في نقل النفط الخام من إيران ولا توجد ادعاءات لدى أحد في الإدارة الأميركية». وأضاف أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أجرت تحقيقا بالاشتراك مع الإدارة الأميركية حول النشاط التجاري للشركة مع إيران «وتبين منه أنه لم تلحق أي أضرار جراء ذلك» وإن «لم تلحق ضررا بأمن إسرائيل». وفيما يتعلق بنفي نتنياهو بشأن السماح لسفن «الإخوان عوفر» بالرسو في إيران رأى فيشمان أن «ثمة أمورا يجب نفيها» وأن «إسرائيل لا يمكنها الإقرار بأمر كهذا».