ألمانيا: إيران منعت طائرة ميركل من المرور عبر أجوائها

طهران: المشكلة تقنية والأذونات الضرورية أعطيت

TT

في خطوة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الألمانية - الإيرانية الطويل، رفضت السلطات الإيرانية السماح لطائرة المستشار الألمانية أنجيلا ميركل بالمرور عبر أجوائها في الطريق إلى العاصمة الهندية نيودلهي. وعبرت بعض الصحف الألمانية عن حيرتها في تفسير هذا السلوك لأن السلطات الإيرانية سمحت لطائرة أخرى، تقل وزراء ألمان يرافقهم وفد اقتصادي، بالمرور طبيعيا في أجوائها وصولا إلى الهند بعد ذلك بوقت قليل.

لكن رامين مهمان باراست المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قال أمس إن «مشكلة تقنية» أخرت لفترة وجيزة تحليق طائرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الأجواء الإيرانية بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وقال مهمان باراست إن «المشكلة التي حدثت بالنسبة لتحليق طائرة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الأجواء الإيرانية ناجمة فقط عن مسألة تقنية تمت تسويتها على الفور وتمكنت الطائرة من متابعة طريقها». وأضاف أن «الأذونات الضرورية أعطيت لعبور طائرة المستشارة الألمانية المجال الجوي الإيراني وقد تم إبلاغ سفارة ألمانيا بذلك».

ومنعت طائرة ميركل التي كان من المتوقع وصولها الثلاثاء إلى نيودلهي من التحليق في الأجواء الإيرانية ليلا، كما أعلن المتحدث باسمها ستيفن سيبرت على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي.

وكانت الطائرة الحكومية التي تقل ميركل إلى الهند قد اضطرت لاتخاذ قوس جوي طويل، تجنبا للأجواء الإيرانية، بعد أن امتنعت السلطات الإيرانية عن فتح أجوائها أمام الطائرة. ووصلت الطائرة إلى العاصمة الهندية متأخرة ساعتين عن موعدها، وبدأت ميركل بعدها برنامج زيارتها المقرر بشكل اعتيادي.

وإذ امتنعت ميركل حتى الآن عن التعليق على الموضوع، استدعت وزارة الخارجية الألمانية السفير الإيراني في برلين وعبرت عن احتجاجها الشديد على هذا العمل الذي لا يعبر عن الاحترام لألمانيا. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي في مؤتمر صحافي من سيدني في أستراليا، إن وزارته تتعامل مع التصرف الإيراني كمظهر عدم احترام لا يمكن لألمانيا أن تتقبله. وأضاف أن الخارجية الألمانية استدعت السفير الألماني علي رضا شيخ عطار وأبلغته أن ألمانيا لن تتقبل مثل هذا التصرف أبدا.

يذكر أن المستشارة الألمانية حاولت قدر الإمكان تجنب إثارة الموضوع حتى الآن، واقتصرت ردود الفعل الألمانية على تصريحات الوزير فيسترفيلي. وقالت ميركل في نيودلهي، ردا على سؤال حول الأثر الذي ستتركه الخطوة الإيرانية على العلاقة بين البلدين، إنها مسرورة بوصولها إلى نيودلهي ومباشرتها المفاوضات الحكومية مع الطرف الهندي، و إن «ذلك هو الأهم».

ويبدو أن العصر الجليدي المقبل في العلاقات بين إيران وألمانيا، بعد ربع قرن من العلاقات الجيدة طوال فترتي حكم هيلموت كول وغيرهارد شرودر، سيتعلق إلى حد كبير بالموقف الشخصي للمستشارة الألمانية من الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد؛ إذ لوحت ميركل منذ تقلدها الحكم عام 2005 بالـ«سوط» للرئيس الألماني بسبب سياسته مع إسرائيل. ووجهت زعيمة المحافظين، عبر صحيفة «دي فيلت» تحذيرا شديد اللهجة إلى إيران بسبب موقفها من إسرائيل في أول مقابلة لها كمستشارة. وقالت ميركل: «إذا لم تغير إيران موقفها الرافض لوجود إسرائيل خلال أسابيع، فلا يبقى مجال للتسامح وإنما للجلد».

وشهدت العلاقات الاقتصادية بين طهران وبرلين في زمن حكم ميركل أول تراجع لها منذ عقود بسبب السياسة المغامرة التي ينتهجها الرئيس أحمدي نجاد في الشرق الأوسط. وتشير دراسة نشرتها غرفة التجارة والصناعية الألمانية إلى أن العديد من المستثمرين الألمان يديرون رؤوسهم باتجاه دولة الإمارات العربية بعد أن شعروا بالقلق جراء سياسة الحكومة الإيرانية الحالية. وكان اسم الإمارات العربية المتحدة قد تقاسم مع إيران عام 2005 مرتبة الشريك الاقتصادي الأول لألمانيا في الشرق الأوسط.

وكانت الحكومة الألمانية، التي تقودها ميركل، ألغت ضمانات «هرمز» الحكومية التي تمنحها عادة للشركات الألمانية العاملة في إيران، وأدى ذلك إلى توقف الاستثمارات الجديدة في إيران. وفي السنوات الست الماضية رفعت البنوك الألمانية قيمة تأمينها على الأعمال في إيران من 2 إلى 10% فجأة، ودفعت هذه الحال الشركات الألمانية إلى البحث عن بنوك أجنبية تعمل بشروط أصعب وتحت ضغط أكبر من الحكومة الأميركية. ويؤثر هذا الوضع على الشركات الألمانية المتوسطة والصغيرة قبل أن يؤثر في الشركات الكبيرة. ويقال إن شركة كبرى مثل «دايملر - كرايسلر» اضطرت تحت ضغط إدارة بوش للتخلي عن بعض أعمالها في إيران.

ورغم أن معظم الشركات الألمانية تحاول التعامل مع إيران باليورو، فإن الحكومة الإيرانية تفضل التعامل بالدولار بالنظر إلى أن معظم وارداتها من النفط تسدد عالميا بالدولار. وكان قرار البنوك الألمانية وقف تقديم الضمانات للصفقات المعقودة مع إيران بالدولار ضربة قوية للشراكة الاقتصادية الإيرانية - الألمانية.