اليسار الإسرائيلي يتحد لأول مرة منذ سنوات تحت شعار «نعم للدولة الفلسطينية»

نشطاء من اليمين يهاجمون الداعين إلى المظاهرة ويعتبرونهم خونة

TT

في نشاط لم يسبق له مثيل منذ عدة سنوات، اتحدت أحزاب اليسار وحركات السلام الإسرائيلية في الدعوة إلى مظاهرة جماهيرية كبيرة، ستقام في قلب تل أبيب تحت عنوان: «نتنياهو يقول لا، وإسرائيل تقول نعم للدولة الفلسطينية». وبدا أن المظاهرة تغيظ قوى اليمين المتطرف، من الآن، حيث اعتدى نفر منهم على شباب كانوا يعلقون ملصقات الدعوة للمظاهرة واتهموهم بالخيانة.

وتقام المظاهرة مساء السبت القادم، الذي يصادف الذكرى السنوية الرابعة والأربعين لاحتلال 1967. وشارك في توجيه الدعوة إليها كل من حزب العمل والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وحزب ميرتس وحركة «السلام الآن» وحركة «كتلة السلام» وعشرات المنظمات الفاعلة في قضايا السلام وحقوق الإنسان.

وقالت إحدى المنظمات للمظاهرة، تمار زندبيرغ، إن هذا حدث غير عادي في الحياة السياسية والجماهيرية في إسرائيل، لأنه يجمع قوى لا تمثل أكثرية في القيادات السياسية الإسرائيلية ولكنها تمثل آراء أكثرية المواطنين الإسرائيليين.

وأضافت زندبيرغ: «هناك أمور تجمع هذه القوى كلها، رغم الخلافات في طروحاتها السياسية. وأهم هذه الأمور هو أن قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، هو ليس فقط مصلحة فلسطينية، بل مصلحة إسرائيلية كبرى، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومفيد لنا على الصعيد الدولي. ونحن نرى أن مسيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد بدأت، وحتى (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو يعترف بأنه ليس بإمكان إسرائيل أن توقفها. ولكن، وعلى عكس الموقف الغبي المتغطرس لحكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو، فإننا نرى القرار الفلسطيني بمحاولة التوصل إلى اعتراف دولي بدولتهم هو فرصة لإسرائيل أن تبث رسالة سلام حقيقية وقوية للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية، فتقول نحن أول المؤيدين لهذه الدولة. وضياع هذه الفرصة، يلحق ضررا ليس بالفلسطينيين وحدهم بل أيضا بإسرائيل».

وأشارت زندبيرغ، إلى أن وجود رئيس أميركي مثل باراك أوباما في البيت الأبيض، هو أيضا فرصة لجعل مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية مقنعا للفلسطينيين وضامنا لإسرائيل، حيث إن أوباما هو الرئيس الذي تم في عهده تقديم أكبر مساعدات لأمن إسرائيل. وأضافت: «نحن نريد أن يعرف كل إسرائيلي أن ما نحتاجه لصنع السلام اليوم هو فقط قائد إسرائيلي قوي شجاع وصادق. من هنا فإن شعارنا المركزي هو: لا لنتنياهو الرافض. ونعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية».

وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن مشاركة حزبه العربي اليهودي في هذه المظاهرة هي خطوة مهمة على طريق عملية السلام، حيث إن النشاط السياسي لقوى السلام في إسرائيل لا يكون صادقا ونظيفا، إلا إذا أخذ بالاعتبار هذه الشريحة (العرب) من المواطنين في إسرائيل (فلسطينيي 48). وأضاف أن خطابات نتنياهو في الكنيست وفي الولايات المتحدة أثبتت مرة أخرى، أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تفضل إبقاء المستوطنات والاحتلال على تحقيق السلام مع الشعب الفلسطيني. ومن وراء التعابير الملتوية ظهر نتنياهو مرة أخرى على حقيقته كزعيم لليمين الذي يهوى ضم الأراضي، ويتنكر للانسحاب إلى خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 الذي يخطط لضم مساحات واسعة في الضفة بحجة «الحاجة القومية والأمنية»، ويسعى لتشويه حقيقة القدس وتهويدها ومحو معالمها العربية والذي يرفض حل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرارات الأمم المتحدة، والذي يأمل في أن مغامرة عسكرية أخرى ستسقط من برنامجه اليومي حل المستوطنات.

نتنياهو اثبت مرة أخرى، أن أقواله بخصوص «دولة فلسطينية» هي مجرد كلام بلاغي، يقصد من ورائه تقليل الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل للانسحاب من كل الأراضي المحتلة منذ 67.

ولوحظ أن نشطاء من اليمين المتطرف، بدأوا حملة عدائية مضادة لهذه المظاهرة. وبعضهم نفذ اعتداءات في اليومين الأخيرين على نشطاء يعلقون الملصقات والدعوات للمظاهرة وشتموهم ونعتوهم بالخيانة. واعتبر النائب دوف حنين، وهو أيضا من منظمي المظاهرة، أن هذه الهجمة متأثرة بتصريحات نتنياهو، الذي قال لدى عودته من الولايات المتحدة إن إسرائيل تشهد حاليا حالة حرب بقاء للدفاع عن وجودها وشرعيتها. ومثل هذه العبارات تفهم لدى مهووسي اليمين على أن من يقف ضد سياسة الحكومة في هذه الحرب، خائن للوطن يجوز الاعتداء عليه.