برلمان كردستان يصادق على ميزانية الإقليم بأغلبية بسيطة

أعضاء البرلمان الكردستاني يصوتون على مشروع ميزانية الإقليم أمس («الشرق الأوسط»)
TT

برهم صالح يوجه الوزارات بالتحرك السريع للإيفاء بالتزامات الحكومة بخدمة المواطنين أنهى البرلمان الكردستاني أمس مناقشاته حول ميزانية إقليم كردستان البالغة 11 مليارا و820 مليون دولار أميركي، بعد طرح مشروع قانون الميزانية على التصويت، الذي نال الموافقة بأغلبية بسيطة بتصويت 68 عضوا لصالح المصادقة مقابل 25 صوتا معارضا يشكلون كتل المعارضة البرلمانية البالغ عدد مقاعدها 35 مقعدا.

وكانت كتل المعارضة المتمثلة في حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية قد قاطعت في وقت سابق جلسات البرلمان احتجاجا على عدم التزام رئاسة وحكومة الإقليم بتلبية مطالب الجماهير التي خرجت إلى الشارع منذ 17 فبراير (شباط) الماضي، ولكنها علقت مقاطعتها من أجل المشاركة بجلسات البرلمان المخصصة لمناقشة ميزانية الإقليم تحت ذريعة أن الميزانية تشكل قوت الشعب، ويفترض بالمعارضة أن تسهم في مناقشاتها وتدلي برأيها حول أوجه تخصيص وصرف الميزانية السنوية للإقليم.

وعن أسباب التفاوت الحاصل بين العدد الإجمالي لأعضاء البرلمان من كتل المعارضة، وعدد المصوتين ضدها، قال كاروان صالح النائب عن كتلة التغيير المعارضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لتوضيح الأمور لوسائل الإعلام ينبغي أن نشير إلى أن عدد أعضاء البرلمان من كتل المعارضة البالغ عددهم 35 عضوا كان يفترض أن يصوتوا مجتمعين ضد قرار المصادقة، ولكن بعد حصر العدد تبين أن 25 عضوا فقط وهم بمجملهم من كتل المعارضة كانوا حاضرين في الجلسة وصوتوا ضد المصادقة، والسبب يعود إلى غياب العدد المتبقي من الأعضاء بجلسة المصادقة سواء بسبب السفر أو تغيبهم عن الجلسات لأسباب طارئة مثل المرض وغيرها، وإلا فإن كتل المعارضة كانت متفقة بمجملها على عدم التصويت بالمصادقة، ورغم ذلك فإن المعارضة استطاعت أن تحقق الكثير من الأهداف التي دعتها إلى المشاركة بمناقشات الميزانية، في مقدمتها زيادة القروض العقارية والزراعية والصناعية، ورفع سلف الزواج، وإيجاد فرص العمل للعاطلين، وتحويل المعينين بوظائف الحكومة بعقود رسمية إلى الملاك الدائم، وكذلك معادلة رواتب ومخصصات قوى الأمن الداخلي برديفتها في العراق».

وأشار النائب في كتلة التغيير إلى حالة إيجابية ظهرت خلال جلسات البرلمان حول هذا الموضوع قائلا: «من المفرح أننا وجدنا خلال مناقشاتنا لجلسات الميزانية أنه كان هناك عدد من أعضاء البرلمان من الكتل الأخرى غير المعارضة قد انضمت إلينا في ما يتعلق بالكثير من التعديلات على الميزانية وتوجيهها بما يخدم مصالح الشعب، وبشكل عام كان ذلك التعاون والتضامن بين المعارضة وبعض الأعضاء الآخرين المحسوبين على السلطة حالة إيجابية».

وأضاف كاروان صالح: «كان هناك الكثير من أبواب الميزانية التي يفترض أن تناقش بشكل أكثر جدية، خصوصا تلك المتعلقة بعدد من النقاط التي أدرجت في الميزانية ولم تستطع حكومة الإقليم خلال السنة الماضية تنفيذها، وكان يفترض بالبرلمان أن يحاسب الحكومة عليها، أو على الأقل أن يضع حدا لتجاوزات الحكومة على أبواب الميزانية، وهذا مأخذنا على رئاسة البرلمان التي يفترض أن تفعل دورها الرقابي ومحاسبة الحكومة».

وبتذكيره أن كتل المعارضة أعلنت مقاطعاتها لجلسات البرلمان في ما عدا الجلسات المخصصة لمناقشة الميزانية، وما إذا كانت كتل المعارضة ستستمر في مقاطعتها لجلسات البرلمان القادمة، قال نائب كتلة التغيير: «كما أعلنا سابقا، كان هدف إعلان مقاطعتنا لجلسات البرلمان هو الضغط لإرغام السلطة على تلبية مطالب الشارع الكردي، وعندما جاء وقت عرض الميزانية على البرلمان علقنا مقاطعاتنا لكي يكون لنا دور في مناقشات الميزانية وتثبيت حضورنا في الجلسات الخاصة بها، ومنع السلطة من الانفراد بها أو التصرف بها بعيدا عن مصالح الشعب، وحول إعادة النظر بموقفنا السابق بمقاطعة جلسات البرلمان فإن هذا الأمر مرهون بالمرحلة اللاحقة، حيث كما تعلمون هناك محادثات تجري الاستعدادات لها لجمع قوى المعارضة والسلطة والخروج فيها باتفاقات تنهي الأزمة السياسية بكردستان، وفي المحصلة فإن نتائج تلك المحادثات هي التي تحدد الموقف القادم للمعارضة، فإذا كانت هناك نتائج مثمرة باتجاه تلبية مطالب الشعب، فإننا سنلتزم بكل الاتفاقات التي ستتمخض عن تلك المحادثات، أما إذا سارت الأمور على غير ما هو مطلوب فإن الخيارات ستبقى مفتوحة بما فيها عودة الناس إلى التظاهر في الشارع، فكل الخيارات مفتوحة في حال عدم استجابة السلطة لمطالب الشعب، ونحن في المعارضة سواء داخل البرلمان أو خارجه سنحدد موقفنا بحسب تطورات الأحداث ونتائج المحادثات المرتقبة».

وكان البرلمان الكردستاني قد صادق على ميزانية الإقليم للسنة المالية الحالية 2011 بأغلبية بسيطة بعد أن قرر تخفيض نسبة 10% من رواتب الدرجات الخاصة ليلحق بتخفيض سابق في رواتب الوزراء بناء على توجيه من رئيس الحكومة برهم صالح.

وشهدت جلسة أمس خروج أحد نواب كتلة التغيير احتجاجا على عدم طرح موضوع الإيرادات النفطية للسنوات السابقة على التصويت رغم موافقة أكثر من عشرة أعضاء برلمانيين، بمن فيهم أعضاء في قائمة السلطة على المقترح. فقد قاطع النائب عبد الله ملا نوري عضو لجنة الموارد الطبيعية في البرلمان الكردستاني جلسة المصادقة بعد رفض رئاسة البرلمان طرح مقترحه ببحث ومناقشة الإيرادات النفطية للسنوات السابقة على التصويت، متهما رئاسة البرلمان بعدم اعتماد الشفافية في ما يتعلق الأمر بالموارد النفطية.

في غضون ذلك حث برهم صالح رئيس حكومة الإقليم وزارات الحكومة للإسراع بتلبية مطالب الشعب وتحسين أحوالهم المعيشية واستئناف عمل المشاريع المتوقفة بسبب تأخر مصادقة ميزانية الإقليم، داعيا في الوقت ذاته وزارات الحكومة إلى «إنزال الصلاحيات وتقسيمها على الدرجات الأدنى ودعم التوجهات اللامركزية لإدارة شؤون مناطق الإقليم، خصوصا في المحافظات والأقضية والنواحي».

ودعا صالح أثناء ترؤسه للاجتماع الأسبوعي لمجلس وزراء الإقليم الوزارات والوحدات الإدارية إلى بدء الإجراءات لتسلم استمارات التعيين للملاكات المعلنة والبالغة 25 ألف وظيفة جديدة بالحكومة، واعتماد الشفافية الكاملة في هذا الجانب، وإعادة النظر بقانون تقاعد البيشمركة بما يخدم هذه الشريحة المضحية، والشروع في تنفيذ المشروعات الاستراتيجية المدرجة بميزانية العام الحالي».