عمال سوريون يلجأون إلى لبنان هربا من البطالة

المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا دعت المنظمات الدولية لحماية حقوق العمال

TT

وسط الأحداث الأمنية الدامية التي تشهدها سوريا، تعيش القوى العاملة السورية أزمة بطالة شديدة، حيث فر الكثير من العمال من القرى التابعة لمحافظتي دير الزور ودرعا إلى لبنان بحثا عن فرص عمل، علما أن عدد العمال الوافدين إلى لبنان يتدنى عادة في فترة الصيف، لانشغال العمال بجمع محاصيلهم الزراعية والشروع في أعمال البناء.

وقال أحد العمال من منطقة دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن الضغوط الأمنية التي تشهدها المنطقة «خلقت جوا من الرعب، ما انعكس سلبا على القطاع الإنتاجي، وخصوصا على التداول التجاري»، لافتا إلى أن أصحاب المحاصيل الزراعية فقط «اضطروا للبقاء بغية جمع محاصيلهم».

وينسحب المشهد على الموظفين في المشاغل الحرفية والصناعات البسيطة، إذ «أقفلت بعض المؤسسات أبوابها، تاركة موظفيها بمواجهة مصير البطالة»، بحسب ما أكد أحد العمال السوريين. وأشار عامل سوري آخر إلى أن «حالة القلق التي تشهدها المناطق، وسط التدابير الأمنية المشددة، بالإضافة إلى المخاوف من الكساد، دفعت المؤسسات إلى إقفال أبوابها، ما اضطرنا إلى البحث عن لقمة عيش خارج الحدود»، معربا عن عدم مفاجأته من الإجراءات «لأن القوانين الضامنة لحقوق العامل غائبة».

ويتحدث السوريون القادمون إلى لبنان عن تفاقم أزمة البطالة في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات، «رغم أنها تتفاوت بين منطقة وأخرى»، في إشارة إلى ارتفاع نسبتها في درعا وحمص مقارنة مع المناطق الأخرى. حتى أن قطاع البناء الذي ازدهر بعد اندلاع الأزمة بسبب إقبال الناس على بناء منازل من غير الحصول على رخص قانونية، «عاد إلى مرحلة الركود بسبب المخاوف من تطورات الأحداث».

ويلتقي هذا الواقع مع ما تضمنه تقرير المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا الصادر أول من أمس، إذ أشار إلى «غياب تمثيل نقابي فعال للعمال في سوريا، قادر على حماية العمال والمدافعة عن حقوقهم الأساسية، وخصوصا الذين يتعرضون لانتهاكات كبيرة في حقوق الإنسان». ودعت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا «للدفاع عن حقوق العمال وعائلاتهم، وخاصة الشهداء والمعتقلين منهم الذين تتعرض أسرهم بعد غيابهم للفقر والاستبعاد الاجتماعي والوصول إلى الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية اللازمة للاستمرار في الحياة الكريمة».

وطالبت المنظمة «هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك منظمة العمل الدولية، والاتحاد الدولي للنقابات العمالية الحرة، القيام بدورها وتأخذ الإجراءات القانونية اللازمة وفق معايير العمل الدولية لمنع الانتهاكات الأساسية في الحقوق في العمل والحقوق العمالية التي يتعرض لها عمال سوريا». كما طالبت «بإرسال بعثة مراقبين وبعثات تقصي الحقائق عن أوضاع العمال».

وطالب التقرير منظمات حقوق الإنسان في سوريا المجتمع الدولي والنظام السوري «باتخاذ كافة الإجراءات لحماية الحقوق الأساسية للشعب السوري بما في ذلك حرية الانتساب والمشاركة في النقابات العمالية، وحرية التعبير، وفق معايير منظمة العمل الدولية، بهدف وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان، وبهدف توفير الحماية للجميع واحترام الحريات الأساسية بما في ذلك الحق في التجمع والمشاركة في نقابات حرة ومستقلة».

وإذ لفت التقرير إلى أن «قانون العمل في سوريا يوفر الحق في المفاوضة الجماعية»، أكد أنه «في الحقيقة هذا الحق غير معروف ولا يمارس في سوريا»، معتبرا أن «سيطرة حزب البعث والحكومة على اتحاد نقابات العمال يجعله يفقد الاستقلالية والحرية والقدرة على تمثيل العمال، وخاصة خلال الثورة السورية، حيث لا يتمكن من الدفاع عن حقوقهم أو الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان والحقوق العمالية».

ودعا إلى «توفير الدعم التقني لمنظمات المجتمع المدني لتوثيق كافة الانتهاكات لحقوق الإنسان والحقوق الأساسية في العمل في غياب تمثيل نقابي نزيه وقادر وفعال، ودعم منظمات حقوق الإنسان في سوريا لمراقبة ورصد أوضاع حقوق الإنسان في سوريا والانتهاكات المتمثلة في الاغتيالات السياسية، والاختطاف، والاعتقال والتهديد والطرد من العمل والتحرش بالعمال والتمييز في العمل والتعرض إلى ممثلي العمال الشرفاء، والضغط عليهم لتغيير مواقفهم، ودعم حقوق العمال في تحديد الحد الأدنى للأجور، والحماية الاجتماعية وإصلاح قانون العمل، والمحاكم العمالية للتعامل مع هذه الانتهاكات». كما دعا إلى «العمل على تطبيق اتفاقيات العمل الدولية المصدق عليها من قبل الجمهورية العربية السورية، وقوانين العمل التي تركز على احترام حقوق العمال».

وأكد تقرير المنظمة «أن منظمات حقوق الإنسان في سوريا ستستمر في توفير دعم حقوق العمال والدفاع عنهم بما في ذلك الصحافيون، والفرق الطبية، وفرق الإسعاف، والعاملون الاجتماعيون: ونشطاء حقوق الإنسان، والعاملون في منظمات غير حكومية والجمعيات الأهلية الذين يتعرضون للاعتقال، والإبعاد، والتعذيب والإساءة لأنهم يوفرون المساعدة إلى المتظاهرين. كما ستستمر في توفير الدعم الكامل لكل العمال المتظاهرين المطالبين بالحق والحرية والعدالة الاجتماعية».