المعارضة السورية في الخارج تشكل اليوم إطارها التمثيلي.. وتدرس مرحلة ما بعد سقوط النظام

مخاوف أمنية منعتهم من مغادرة الفندق.. وشائعات عن قدوم لبنانيين وإيرانيين للتشويش

محمود السعيد الدهيم يقرأ بيانا في اجتماع المعارضة في انطاليا أمس (أ.ب)
TT

بدأت المعارضة السورية في المنفى، أمس، أولى خطواتها نحو تنظيم وتأطير تحركها في مواجهة النظام السوري في مؤتمرها الذي عقدته في مدينة أنطاليا الساحلية التركية التي تبعد نحو 350 كيلومترا عن الحدود السورية.

ويتوقع المؤتمرون من المؤتمر أن يخرج اليوم - كما أفاد أحد المنظمين «الشرق الأوسط» - بمرجعية تنفيذية يخاطبون من خلالها العالم ولا يحتكرون تمثيل السوريين في الداخل، الذين شكل حضورهم الرمزي اختراقا لافتا في هذا المؤتمر الذي كان ضعيف التنظيم عموما، وطغى على بداياته الطابع الاستعراضي، قبل أن ينخرط المجتمعون في العمل الجدي عبر 6 ورش عمل بحثت الوضع الراهن والاحتمالات المستقبلية وهيمنت عليها المخاوف الأمنية وأخبار العفو العام الذي أجمع المشاركون على اعتباره محاولة للتشويش على مؤتمرهم و(خديعة جديدة من النظام)، وكانت لافتة المشاركة الفاعلة من الإخوان المسلمين، حيث أكد الناطق باسمهم في المؤتمر لـ«الشرق الأوسط» أن «الإخوان» لا يريدون عفوا عاما «لأن العفو للمجرمين».

ومن المتوقع أن ينتهي المؤتمر اليوم إلى تشكيل الهيئة التمثيلية، المؤلفة من هيئتين، الأولى للرقابة وتضم 31 شخصية، والثانية تنفيذية تحمل اسم «المكتب التنفيذي»، وهو مؤلف من 11 شخصا، ومهمته متابعة توصيات المؤتمر والمقررات الواردة في البيان الختامي. وستكون وظيفة هيئة الرقابة مراقبة المكتب التنفيذي، وهي تحمل صلاحية عزل أي من أعضائه.

وكشف أحد المنظمين، خلف الخلف، لـ«الشرق الأوسط» أن تعهدا أخذ من الذين سينتخبون اليوم «بعدم ممارسة العمل السياسي بعد سقوط النظام، بمعنى عدم الترشح لأي انتخابات أو مناصب، لضمان نزاهة هذه الهيئة وإبعادها عن المغريات والرغبات الشخصية، وتطمين أهلنا في الداخل». وشدد خلف على أن هذه الهيئة سوف تمثل المشاركين في المؤتمر، «ولن تدعي تمثيل الشعب السوري في الداخل»، مشيرا إلى أن مهمة هذا المكتب ستكون مخاطبة الدول والسعي معها لدعم تحرك الشعب السوري.

وكان المؤتمر الذي ينعقد في أحد فنادق مدينة أنطاليا السياحية على البحر الأبيض المتوسط، قد بدأ أعماله، أمس، وسط إجراءات أمن تركية مشددة للغاية، بعد إشكالات حصلت مع بعض المشاركين، من قبل من قالوا إنهم مؤيدو النظام السوري. وقد أعطت القوى الأمنية تعليمات مشددة للمشاركين بعدم مغادرة الفندق لأسباب أمنية، بينما تحدث بعض المشاركين عن شائعات حول حجز «إيرانيين ولبنانيين غرفا في الفندق نفسه» ما أثار مخاوف من محاولات تشويش على المؤتمر.

وتخلل الجلسة الافتتاحية الكثير من المواقف والهتافات مما أثار حفيظة المنظمين الذين دعا أحدهم إلى عدم المغالاة في الشعارات «حتى لا نكرر مشهد مجلس الشعب السوري». وكانت مفاجأة الجلسة التي غاب عنها أي حضور رسمي تركي، رسالة مسجلة من الناشط السوري هيثم المالح بثت على المؤتمرين، أفاد فيها بأنه متوار عن الأنظار في سوريا مع بعض زملائه، مشيرا إلى محاولات لتشكيل لجنة لإدارة الأزمة، ومشددا على أن «لا أحد يستطيع الادعاء بتمثيل الشارع»، داعيا إلى اتخاذ قرارات لدعم أهالي المعتقلين بعد أن ارتفع عدد المعتقلين عن 11 ألفا.

وتلت ذلك قراءة قانونية للواقع السوري، قدمها رئيس المركز السوري للدراسات الاستراتيجية في واشنطن، رضوان زيادة، الذي تحدث عن المساعي التي تقوم بها المعارضة لنزع شرعية النظام، مشددا على ضرورة «سحب التمثيل الشرعي» من ممثلي النظام في السفارات والقنصليات في الخارج. وإذ أشار إلى التحرك الذي تنفذه المعرضة في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رأى أن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية دونها عقبات منها أن النظام غير موقع على المعاهدة، ما يجعل من غير الممكن إحالتها إلا بعد صدور قرار عن مجلس الأمن يعتبر ما يجري جرائم ضد الإنسانية، وهذا غير ممكن في ضوء التهديد الروسي بالفيتو. كما دعا إلى البحث في إصدار ولو بيان إدانة عن جامعة الدول العربية على غرار ما حصل في ليبيا مما يعطي غطاء للدول الأخرى للتحرك.

وبعد أن أقسم المشاركون قسما نصه: «أقسم بالله العظيم، أن لا أتراجع عن دعم الثورة السورية حتى نيل الحرية»، انقسم المؤتمرون إلى 6 ورش عمل تبحث الأولى في وضع الشباب والإعلام الجديد (مواقع التواصل الاجتماعي)، والثانية ورشة للتنسيق والتواصل مع الداخل، والثالثة ورشة حول حقوق الإنسان والمواطنة، والرابعة ورشة إعلامية، والخامسة اقتصادية، والسادسة حول البنى القانونية. وبعد انتهاء ورش العمل اليوم، يتحول المؤتمر إلى هيئة ناخبة تعمل على اختيار أعضاء الهيئتين على طريقة القوائم، يليها بيان ختامي وتوصيات.