واشنطن ولندن تدعوان لرفع الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن

الخارجية الأميركية تلمح إلى إمكانية تعاون سوريا لصرف الانتباه عن الأزمة الداخلية

صورة مأخوذة من موقع «يوتيوب» لمظاهرة ضد النظام السوري في حلب عفرين أمس
TT

اشتدت الضغوط الأميركية والأوروبية لتقديم الملف السوري إلى مجلس الأمن بشأن الأنشطة النووية المشتبه فيها في منطقة دير الزور، وأكد السفير البريطاني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس على ضرورة رفع الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن الدولي للنظر في نشاطات دمشق النووية السرية المفترضة.

وفي تقرير وزعته على الدول الأعضاء الأسبوع الماضي، أكدت الوكالة الدولية أنه «من المرجح جدا» أن يكون الموقع النائي الواقع في الصحراء السورية والذي قصفته الطائرات الإسرائيلية في 2007 مفاعلا نوويا سريا، كما قالت الولايات المتحدة. وصرح السفير البريطاني سايمون سميث للصحافيين بأن التقرير لا يترك خيارا للوكالة سوى رفع الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك. وقال: «إن ما أخبرنا المدير العام (يوكيا أمانو) عنه هو حالة من عدم التزام سوريا بالاتفاق الذي وقعته بشأن الضوابط الشاملة» للوكالة. وأضاف سميث الذي يشغل كذلك منصب سفير بلاده في فيينا «نحن وعدد من الدول الأخرى مقتنعون - كما أننا ملزمون بالقيام بذلك بموجب قوانين الوكالة الدولية - بوجوب رفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي».

وتقود الولايات المتحدة حملة قوية لإقناع مجلس محافظي الوكالة الدولية (35 عضوا) في اجتماعهم بفيينا يوم 6 يونيو (حزيران)، لتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن. وتقول واشنطن إن منطقة دير الزور كانت مصممة لإنشاء مفاعل لإنتاج البلوتونيوم لصنع قنابل ذرية قبل أن تقوم إسرائيل بقصف المنطقة في عام 2007. ووزعت مشروع قرار يتهم سوريا بعدم الامتثال لمعاهدة منع الانتشار النووي ويطالب بتحويل الأمر إلى مجلس الأمن.

ويملك مجلس محافظي وكالة الطاقة سلطة تحويل الدول إلى مجلس الأمن إذا أصدر قرارا بأغلبية الأصوات بقيام دولة بانتهاك معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والقيام بأنشطة نووية سرية. وهو نفس السيناريو الذي اتبع مع طهران حيث أحيلت إيران إلى مجلس الأمن في عام 2006 بعد فشلها في تبديد الشكوك الدولية حول قدراتها النووية وخططها لتطوير أسلحة نووية، وواجهت طهران 4 جولات من عقوبات الأمم المتحدة بسبب رفضها وقف نشاطها النووي.

وأبدى المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر في تصريحات أمس بعض الأمل في أن تتعاون سوريا في التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة حول الأنشطة النووية بعد 3 سنوات كاملة من العرقلة، ولكنه أضاف أن «سجل سوريا لا يشير أنها ستكون متعاونة، ومرة أخرى نحن بحاجة إلى أفعال لا أقوال».

ولم ينف المتحدث باسم الخارجية احتمال إقدام سوريا على هذا التعاون كنوع من صرف الانتباه عما يحدث ومحاولة لكسب الوقت وإحداث الانقسام داخل أعضاء مجلس الأمن. وأكد تونر أن مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية سيجتمع خلال الأسبوع القادم كإجراء طبيعي وسيقوم بإحالة موضوع الملف السوري النووي إلى مجلس الأمن، موضحا أن الولايات المتحدة ستواصل التشاور مع الشركاء الدوليين بشأن الخطوات القادمة.

وأوضح تونر أن موقف الولايات المتحدة واضح في تأييد قرار وكالة الطاقة الذرية لتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن وقال: «إننا نؤيد القرار ونعتقد أنه وسيلة لزيادة الضغط على الأسد ونظامه» رافضا الإشارة إلى المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة خلف كواليس مجلس الأمن لإقناع الصين وروسيا للتصويت لصالح مشروع قرار لإدانة سوريا.

ويعتقد عدد من الدبلوماسيين الغربيين أنه يوجد تأييد كاف من قبل أعضاء مجلس حكام الوكالة لنجاح القرار. وذكر دبلوماسي رفض الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه رغم أنه من غير الواقعي توقع حصول مسودة القرار على موافقة بالإجماع «ولكنني واثق بناء على ما نسمعه، أن احتمال اتخاذ المجلس لهذا القرار جيد». وقال دبلوماسي آخر «نحن متفائلون».

ومنذ صدور تقرير أمانو، بعثت سوريا برسالة إلى الوكالة الدولية تتعهد فيها بـ«التعاون التام» في خطوة اعتبر بعض الدبلوماسيين أنها محاولة لتجنب إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي. غير أن دبلوماسيين غربيين اطلعوا على رسالة سوريا قالوا إن وعد دمشق كان «غير واضح.. وغير محدد» خاصة فيما يتعلق بالشكل المحدد لهذا التعاون والجدول الزمني له. وأكد دبلوماسيون أنه إذا لم تقدم سوريا مثل هذه التفاصيل، فإنه من غير المرجح أن تبدد مثل هذه الوعود المخاوف بشأن شروع سوريا في بناء منشأة نووية في دير الزور.

وقد أكدت دمشق على الدوام على أن الموقع المشتبه به كان منشأة عسكرية غير نووية، إلا أنها لم تقدم أي دليل على ذلك إلى الآن. وباستثناء زيارة وحيدة في يونيو 2008، ترفض سوريا السماح لمفتشي الوكالة بدخول الموقع رغم طلبات مدير الوكالة المتكررة لها بالتعاون.