غليان بين الطلاب السوريين في طرابلس بعد دعوات للتظاهر اليوم

أكثر من ألف طالب سوري بين موال ومعارض للنظام في شمال لبنان يتسببون في حرج لإدارة الجامعة اللبنانية

TT

حالة غليان يعيشها الطلاب السوريون في لبنان، وبشكل خاص في منطقة الشمال. وقد تظاهر عدد منهم بشكل عفوي يوم الاثنين الماضي أمام كلية الآداب، التابعة للجامعة اللبنانية في طرابلس، منددين بما يحدث في بلدهم. وأمس وزع من أطلقوا على أنفسهم اسم «هيئة الطلاب السوريين في طرابلس» منشورا دعوا فيه إلى التظاهر أمام كلية الآداب والعلوم الإنسانية اليوم عند الساعة العاشرة صباحا، مطالبين بالتوقف عن إعطاء الدروس يومي الخميس والجمعة من هذا الأسبوع في كافة كليات الجامعة اللبنانية في فروع الشمال، وداعين اتحادات مجالس الطلبة في الجامعة اللبنانية، وفاعليات أهالي طرابلس الشرفاء للتضامن معهم.

وقد تسبب ذلك في حرج للجامعة اللبنانية، وتحديدا كلية الآداب، التي لم تستأذن في الأمر، وتعتبر الأكبر من حيث عدد الطلاب في الشمال، بينهم ما لا يقل عن ألف طالب سوري، وخاصة أن ثمة قرارا بمنع التعاطي السياسي داخل حرم الجامعة اللبنانية، كما أن هناك طلابا موالين للنظام السوري، وهو ما جعل الجامعة تتخوف من أي صدام بين الطرفين، أو توريطها في مواضيع هي في غنى عنها، قبل أيام من بدء الامتحانات.

وتقع كلية الآداب في منطقة القبة على بعد أمتار من جبل محسن الذي تسكنه غالبية علوية، مما يزيد من الإحساس بدقة الوضع. وهو ما جعل إدارة الجامعة تتدخل، أمس، داعية الطلاب السوريين إلى تقدير دقة الموقف، وتحييد الجامعة عن الخلافات السياسية، وعدم ربطها بتحركاتهم، والفصل التام ما بين العمل الأكاديمي والسياسي. وتم الاتفاق مع منظمي المظاهرة على ألا تكون الجامعة مكانا لنشاطهم أو توزيع منشوراتهم، وأن يختاروا مكانا آخر للتعبير عن آرائهم، حفاظا على جامعتهم، والتزاما بقرارات الجامعة، التي تحظر التعاطي السياسي داخل حرمها حتى في القضايا المحلية على الطلاب اللبنانيين. وجدير بالذكر أن الجامعة تقع جغرافيا في منطقة حساسة قريبة جدا من منطقتي جبل محسن (غالبية علوية) وباب التبانة (غالبية سنية)، اللتين شهدتا معارك طائفية طالت لأشهر قبل نحو عامين. وقال طالب سوري من بين الداعين للمظاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس «سنغير مكان المظاهرة حفاظا على جامعتنا، لكننا مصرون على الخروج، فنحن في وضع صعب إنسانيا، وغالبيتنا لم تعد قادرة على العودة إلى سوريا، لأن المخابرات ستوقفنا لتحقق معنا». وقال آخر، إن رجال المخابرات زاروا منزله في سوريا عدة مرات بحثا عنه، ولم يجدوه، وبالتالي فهو محكوم بعدم العودة ما دام النظام باقيا. وقال آخر «نحن مراقبون حتى في لبنان، والمخابرات السورية تعرف أسماءنا وصورنا، ومواقف كل واحد منا، لذلك فليس لدينا ما نخفيه، أو نخشى من افتضاحه بمظاهرنا من عدمه». وتابع «لم يعد هناك ما نخسره، فكل منا فقد أحد أقربائه في سوريا أو أكثر من قريب، كما أن دخول الكثير منا بات مستحيلا من دون اعتقال، فلماذا لا نتظاهر ونعبر عن رأينا». وتدخل آخر ليقول: «على أي حال نحن محكومون بالبقاء في لبنان حتى يتغير النظام، أو يصدر عفو عام جديد على نحو الذي صدر منذ أيام». وشرح لنا بعض الذين زاروا سوريا في الفترة الأخيرة من الطلاب، أن عددا منهم، يحالون إلى التحقيق لعدة ساعات بمجرد وصولهم إلى الحدود والتصريح بأنهم طلاب في لبنان ويفرج عنهم بعد ساعات أو يتم اعتقالهم.

ويقول عدد من الطلاب السوريين الذين التقيناهم، إنهم يعتقدون أن عددا كبيرا منهم بات ضد النظام السوري، لكن البعض لا يزال يخشى الإفصاح عن رأيه أو الخروج في مظاهرات، كما أن هناك من لا يزال يوالي النظام وعلى استعداد للاقتصاص منهم، وبالتالي فهم ليسوا صفا واحدا، مضيفين أنهم يفكرون في تنظيم مظاهرة أخرى ضد تسليم سوريين من جنود أو مدنيين في عهدة الجيش اللبناني إلى النظام السوري، لأن هؤلاء مصيرهم الموت، وهذا ضد كل الأعراف الدولية.

وجاء في المنشور الذي وزعه طلاب سوريون بالأمس، وعليه صورة الطفل حمزة الخطيب، وصورة جثته مشوهة، التي قيل إنها تعرضت للتعذيب من قبل الأمن السوري: «دماء شهدائنا في سوريا تناديكم... الشام تستصرخ نخوتكم». كما جاء في المنشور أن «الطلاب السوريين يناشدونكم لنيل شرف الاعتصام في سبيل إدانة القمع والبطش الحاصل في سوريا ضد أهاليهم، فيا أحرار الشباب في لبنان قفوا مع إخوانكم الطلاب السوريين وقفة واحدة كالبنيان المرصوص».