إيران: البرلمان يطعن في قرار نجاد تولي وزارة النفط

وفاة ابنة ناشط خلال تشييع جنازة والدها.. وتقارير عن اشتباكات تنفيها الداخلية

صورة صادرة عن الموقع الرسمي لمكتب الزعيم الايراني آية الله علي خامنئي، يضع يده على قلبه تعبيرا عن احترامه للمشرعين، فيما تظهر أمامه مجموعة منهم وهم يرددون هتافات مؤيدة في بداية اجتماعهما بطهران الأحد الماضي (أ. ف. ب)
TT

دخل الصراع بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والمحافظين منعطفا جديدا، أمس، بإعلان البرلمان الإيراني أن الرئيس أحمدي نجاد تصرف بشكل غير قانوني عندما أعلن نفسه القائم بأعمال وزير النفط، وأحال المجلس الأمر إلى القضاء، مما زاد الضغط على الرئيس للاستقالة من هذا المنصب.

ورفع البرلمان الإيراني، الأربعاء، دعوى أمام السلطة القضائية تطعن في قرار الرئيس محمود أحمدي نجاد تولي وزارة النفط بالوكالة، بحجة أنه مناقض للدستور، حيث وقع 165 نائبا (من أصل 290) في مجلس الشورى على رسالة انتقدوا فيها «الانتهاكات» للدستور التي ينطوي عليها بنظرهم قرار أحمدي نجاد تولي وزارة النفط، كما ورد على موقع التلفزيون.

وقالت وكالة «مهر» شبه الرسمية للأنباء إن البرلمان أجرى تصويتا كانت نتيجته الموافقة على تقرير من لجنة الطاقة التي خلصت إلى أن الخطوة التي قام بها أحمدي نجاد هي «انتهاك واضح للقانون». وفي الشهر الماضي، أقال أحمدي نجاد وزير النفط مسعود مير كاظمي في إطار خطة لدمج عدة وزارات لخفض عدد الوزراء من 21 إلى 17، مما أثار انزعاج خصومه داخل النخبة الحاكمة المحافظة.

وطعن معارضوه من التيار المتدين المحافظ، الذين يهيمنون على البرلمان، في شرعية هذا القرار، وأيدهم في ذلك مجلس صيانة الدستور. وردت الرئاسة الأسبوع الماضي بالقول إن لديها تأويلا آخر للدستور، وإن أحمدي نجاد سيظل «وزير النفط بالوكالة». ومن حينها تضاعفت الضغوط الرامية إلى إرغام الرئيس على تعيين وزير بالوكالة، مما زاد في حدة الصراع الداخلي الدائر منذ أسابيع بين أحمدي نجاد والتيار الأكثر تشددا في معسكره.

يذكر أنه يحق للرئيس إقالة الوزراء وتعيين قائمين بالأعمال بدلا منهم لما يصل إلى ثلاثة أشهر قبل أن يكون ملزما بالتشاور مع البرلمان الذي اشتبك مرارا مع أحمدي نجاد حول مسائل سياسية رئيسية. ويقول أحمدي نجاد إنه يجب ألا يفاجأ أحد بالتعديل الوزاري الذي دار حوله الكثير من الحديث.

ولكن البعض اعتبر سيطرة أحمدي نجاد بنفسه على الوزارة المعنية بالموارد النفطية الهائلة للبلاد استحواذا على السلطة للسيطرة بدرجة أكبر على الموارد المالية التي تدخل خزانة الدولة من النفط، وتحديا لأفرع أخرى للحكومة. وقال البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون في تقريره «هذا الإجراء غير القانوني المتسرع سيقوض مصالح جمهورية إيران الإسلامية على المستوى الدولي». وأضاف «أصدر السيد أحمدي نجاد بصفته وزيرا للنفط بعض الأوامر وسيستمر في إصدار الأوامر التي تعتبر أمثلة صريحة على التدخل غير القانوني في الموارد المالية للحكومة».

وقال مجلس صيانة الدستور بالفعل إن تولي أحمدي نجاد وزارة النفط غير قانوني.

لكن لم تصدر أي بادرة تراجع من الرئيس، واكتفى بقوله إنه لن يحضر اجتماع منظمة «أوبك» في فيينا الأسبوع المقبل وسيرسل وزيرا بدلا منه من المرجح أن يكون وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني كما قالت وكالة «مهر» للأنباء.

وإيران هي ثاني أكبر منتج داخل منظمة «أوبك» وتتولى الرئاسة الدورية للمنظمة التي تعقد اجتماعا في فيينا يوم الأربعاء المقبل. وسيكون القرار الفاصل بخصوص وزارة النفط من سلطة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي قال بعض المحللين إن مساندته لأحمدي نجاد منذ إعادة انتخابه رئيسا في 2009، التي أثارت جدلا، لم تعد قضية مسلما بها.

ومنع خامنئي أحمدي نجاد من إقالة وزير المخابرات في أبريل (نيسان) وهو ما اعتبر تدخلا نادرا للحد من سلطات الرئيس، كما دعا أحد كبار مساعدي خامنئي أحمدي نجاد مؤخرا إلى «العودة إلى الطريق الأساسي». ويأتي هذا الصراع على السلطة قبل أقل من عام من الانتخابات البرلمانية التي من غير المرجح أن يسمح فيها لشخصيات المعارضة البارزة بخوضها وستتنافس خلالها الجماعات المحافظة للسيطرة على البرلمان في ظل غياب معسكر إصلاحي قوي.

وفي قضية أخرى، قالت تقارير في طهران أمس إن ابنة الناشط المعارض عزة الله صحابي، الذي توفي أمس، توفيت هي الأخرى لدى مشاركتها في جنازة والدها. وهالة سحابي (54 عاما) نفسها ناشطة معارضة ومدافعة عن حقوق المرأة. وكان قد سمح لها بالخروج من السجن لحضور جنازة والدها عزة الله سحابي. وقال موقع «كلمة» إنها سقطت على الأرض خلال الشجار والاشتباكات بين المشيعين، مما أدى إلى وفاة ابنة المتوفى.

لكن علي رضا جنة، مسؤول الشؤون الأمنية في مكتب محافظ طهران، نفى وقوع أي اشتباكات، وقال إن هالة سحابي ابنة المعارض المتوفى عزة الله سحابي توفيت بسبب مشكلات في القلب تفاقمت بفعل الإجهاد وحرارة الطقس أثناء الجنازة. كما أكدت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية وفاة هالة، لكنها نفت وقوع اشتباك مع الشرطة، واتهمت حركة المعارضة بالسعي لتسييس ما حدث. وقالت الوكالة «إن مراسلي (فارس) الذين حضروا مراسم الجنازة أكدوا أنه لم يقع اشتباك بين المشيعين وقوات الأمن». ولم تتمكن «رويترز» من التحقق مما حدث بشكل مستقل.

ويرجح أن تثير وفاة هالة سحابي غضب المدافعين عن حقوق المرأة وأنصار حركة المعارضة في إيران، الذين قمعت الحكومة احتجاجات حاشدة نظموها في الشوارع بعد انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية أخرى في عام 2009، مما أدى إلى وضع قادة حركة المعارضة رهن الإقامة الجبرية في منازلهم. واعتقلت هالة خلال القمع الذي أعقب انتخابات الرئاسة وحكم عليها بالسجن لمدة عامين.

وذكر موقع «كلمة» أن «قوات الأمن حاولت التدخل في حمل الجثمان فاعترضت (هالة) وواجهتها قوات الأمن هي والحاضرين الآخرين». وأضاف الموقع أن هالة دفعت فسقطت على الأرض. وأشار موقع «سحام نيوز» وهو موقع آخر تابع للمعارضة إلى أن أفرادا من الأمن لكموا هالة في بطنها.

وقال موقع «كلمة» إن هالة كانت تحمل صورة لوالدها على صدرها وإنها سقطت عندما حاولت قوات الأمن أخذ الصورة منها. وأضاف «سقطت ولم تقم». وحضرت الجنازة شخصيات بارزة في المعارضة ومسؤولون معتدلون سابقون وأقيمت المراسم في ضاحية لواسان بشمال شرقي طهران. وكان عزة الله سحابي قد سجن قبل وبعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وقضى 15 عاما في السجن إجمالا.