القدس الشرقية لا تعترف بضمها إلى إسرائيل.. بل أصبحت أكثر «عربية ويهودية أصولية»

بعد أكثر من 4 عقود على احتلالها

إسرائيليون يحتفلون بالذكرى الـ44 لاحتلال القدس الشرقية، أمس (أ.ب)
TT

على مدار 4 عقود مضت، لم تعترف القدس الشرقية بـ«الضم» الذي أعلنته إسرائيل عندما احتلت شرق المدينة وأعلنتها عاصمة موحدة قبل 44 عاما، كما لم تعترف بالتوقيت العبري الذي صادف أمس، بحسبه، ذكرى الاحتلال (عربيا) والتوحيد (إسرائيليا).

وفي كل شارع في المدنية المقدسة خرج الفلسطينيون في مسيرات عربية في مواجهة المسيرات اليهودية التي انطلقت هناك، تأكيدا على عروبة المدينة في وجه من خرجوا يدعون يهوديتها.

ومثل كل عام، حولت الشرطة الإسرائيلية القدس إلى ثكنة عسكرية مغلقة، بينما خرج اليهود المتطرفون، أمس، في شوارع المدينة، يحتفلون بيوم «التحرير». وسار آلاف منهم في الأحياء المختلفة من القدس الشرقية المحتلة، منها حي الشيخ جراح، والطور، وباب العامود، ومحيط الحرم القدسي الشريف، وباب السلسلة، يغنون ويرقصون ويرفعون الأعلام الإسرائيلية احتفاء باحتلال المدينة المقدسة، ومحاولة السيطرة على شوارعها. وأغلقوا الشوارع واعتدوا بالضرب على عرب وجدوا بطريق الصدفة في المكان.

وكانت ذكرى الاحتلال بالنسبة لهم «عيدا وطنيا» توحد فيه ما يقرب من 30 ألف إسرائيلي. وساروا في مسيرة «الأعلام التقليدية» من حي الشيخ جراح باتجاه حائط البراق (المبكى إسرائيليا)، في محاولة لتأكيد السيادة الإسرائيلية هناك. وأكمل فرحة هؤلاء ما جاء به رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عندما قال في جلسة للكنيست الإسرائيلي، أمس، عقدت بهذه المناسبة: «سنحافظ على وحدة أورشليم القدس بالأفعال لا بالأقوال».

غير أن نتنياهو، ومعه اليهود المحتفلون، نسوا أن في القدس أرضا لشعب، وشعبا لا ينوي الرحيل عن أرضه، بل خرجوا أمس في مظاهرات غير آبهين بالتوقيت العبري وما يحمله من دلالات يهودية.

وردت السلطة الفلسطينية على نتنياهو أمس، وقال رئيس الوزراء، سلام فياض، إن «السلطة الوطنية عاقدة العزم على حماية مدينة القدس ودعم صمود أهلها، لتكون تاج دولتنا وعاصمتها الأبدية». وأضاف فياض في حديثة الإذاعي الأسبوعي: «إن السلطة الوطنية تضع القدس على رأس سلم الأولويات، لتعميق وتعزيز جاهزيتنا الوطنية لتجسيد دولتنا على الأرض».

وتابع: «إنني أتوجه هنا أولا إلى أبناء شعبنا في كل مكان، وفي مدينة القدس بصورة خاصة، وأشد على أياديهم لصمودهم الأسطوري لحماية المدينة ومكانتها، ومواجهة مخططات الاحتلال الرامية إلى تفريغ أهلها منها، مؤكدا لكم جميعا أن سلطتكم الوطنية عاقدة العزم، ليس فقط على حماية المدينة ودعم صمودكم فيها وحسب، بل ولتكون القدس تاج دولتنا وعاصمتها الأبدية، وما يتطلبه ذلك من حيث وضعها على رأس سلم الأولويات لتعميق وتعزيز جاهزيتنا الوطنية لتجسيد دولتنا على الأرض».

وقال فياض لصناع القرار الدولي: «إن مبادئ الحرية لا تتجزأ، وإن ما تقوم به إسرائيل ضد شعبنا، وبخاصة في القدس، يشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ولا بد من دعم حق شعبنا في تقرير مصيره وتمكينه من العيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، وليعلم القاصي والداني أن القدس الشرقية لن تكون إلا عاصمة لدولة فلسطين».

ونفد صبر الفلسطينيين وهم يرون آلاف اليهود يرقصون في شوارع القدس احتفالا بـ«التحرير» الذي يعني لهم «الاحتلال» فتظاهروا في باب العامود، واشتبكوا مع بعض الجماعات الاستيطانية في باب السلسلة بعد أن هتفوا مكبرين ضد المستوطنين الراقصين في المكان، وتصدوا لمحاولة مستوطنين اقتحام ساحاته، بعدما دعت جماعات يهودية متطرفة إلى ذلك، «لفرض السيادة الإسرائيلية عليه».

كما نظموا مسيرة ضخمة في حي الشيخ جراح بعد ساعات من مسيرة ضخمة نظمها اليهود هناك. وقال عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي الذي حضر المظاهرة: «نتجمع هنا في الشيخ جراح ضد عنصريي اليمين في اليوم المشؤوم الذي يسمى (يوم توحيد القدس)».وعلى الرغم من أن إسرائيل تخوض حربا لا هوادة فيها على ساحة القدس الشرقية، في محاولة لحسم مصيرها سلفا، ورغم كل ما جربته من هدم وطرد وسن قوانين معقدة وجلب مستوطنين يهود، فإن الواقع يجري بما لا تشتهي السفن الإسرائيلية.

وقالت إحصائية رسمية صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي نفسه، إن القدس في عام 2011 أصبحت بما لا يدع مجالا للشك، أكثر أصولية، وأكثر عربية، وذات نسبة هجرة (يهودية) سلبية عالية على نحو خاص. وحسب المعطيات، التي نشرت في ذكرى يوم احتلال المدينة، فإن «عدد المتزمتين اليهود والعرب الفلسطينيين في المدينة ارتفع بشكل واضح. ويبلغ عدد المتزمتين اليهود في المدينة المقدسة اليوم نحو 245 ألف نسمة (30.9 في المائة)، مقابل 204 آلاف فقط عام 2004».

وازدادت نسبة المواطنين العرب في المدينة بشكل كبير؛ فقد بلغ عددهم في عام 2010 نحو 273 ألف نسمة (35 في المائة)، مقابل نحو 220 ألفا (31 في المائة) عام 2004.

وجاء في الإحصاء أن نصف سكان القدس يعتقدون أن منطقتهم السكنية أصبحت أكثر تدينا في السنوات الأخيرة، مقابل 29 في المائة في أوساط باقي السكان. إضافة إلى ذلك، فإن 68 في المائة من اليهود يعتقدون أن تأثير الدين تعزز في السنوات الأخيرة.