حنين لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن القيام بأي تعديل دستوري في ظل وجود سلاح خارج يد الدولة

جدل في لبنان بعد دعوة البطريرك الراعي إلى «طائف» جديد

TT

لاقى الموقف الذي أعرب عنه البطريرك الماروني بشارة الراعي لناحية أن «اتفاق الطائف ليس منزلا وأن التجربة بينت أن هناك الكثير من الثغرات ولا مانع من التغيير»، سلسلة من ردود الفعل المتفاوتة. وفيما تجد دعوة الراعي، من يؤيدها وخصوصا بين الزعماء المسيحيين الذين يطالبون بتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية وإطلاق يده أكثر في الحياة السياسية بعد أن حرمه اتفاق الطائف منها، تعتبر قوى أخرى أن «طرح تعديل اتفاق الطائف ليس مناسبا اليوم وهو قد يفتح شهية أطراف أخرى على التعديل في أعراف مكرسة بموجب هذا الاتفاق».

ولفت أمس موقف بارز للمرجع القانوني النائب السابق حسن الرفاعي، ردا على المطالبين بتغيير الطائف لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية، فأوضح «أنه إذا كان المقصود عندما نقول صلاحية، الصلاحية المباشرة لرئيس الجمهورية، فيصبح النظام نظاما رئاسيا أو شبه رئاسي»، معتبرا أن «هذا ليس في مصلحة البلد لأنه قد تأتي الطوائف وتقول لنجعل رئاسة الجمهورية مداورة».

وفي السياق عينه، أكد الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين أنه «ينبغي قبل التفكير بتعديل الطائف تطبيقه بشكل كامل واحترام كامل بنوده، ومن ثم يمكن التفكير بالانتقال إلى نظام أو دستور جديد». وأبدى حنين، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، اقتناعه بأنه «لا يمكن القيام بأي تعديل دستوري في ظل وجود سلاح خارج يد الدولة»، معتبرا أن «البحث بأي نظام أو دستور أو طائف جديد يحتاج إلى حوار وهدوء وروّية واتزان لا إلى همجية وغوغائية وتهديد بالسلاح وفي ظل النوايا السيئة والفوضوية الموجودة عند كل الأفرقاء على الساحة المحلية».

وشبه حنين المطالبة بتعديل الطائف كما لو أن «لدينا سيارة يعمل عليها سائق»، وقال: «إذا كان السائق لا يعرف متى يفرمل أو يلف أو يتوقف أو كيف يصل إلى المكان المنشود، هل يكون المطلوب تغيير السيارة، وماذا ينفع تغييرها إذا كان السائق سيئا»، مشيرا إلى أنه «في هذا الحال نحن أمام احتمالين؛ إما تغيير السائق أو إعادة تأهيله وتدريبيه وتهذيبه ليحسن القيادة والتصرف».

وانتقدت قوى سياسية لبنانية في الأيام الأخيرة وفي ظل استمرار حالة المراوحة القائمة في الملف الحكومي عدم وجود نص قانوني يحدد مهلة قانونية للرئيس المكلف تشكيل الحكومة للقيام بواجباته في تأليف الحكومة. وكان البطريرك الراعي أعلن، منذ يومين، أنه «إذا كنا بحاجة إلى طائف جديد فلا مانع من ذلك»، وشدد على «وجوب إعطاء المزيد من الصلاحيات لرئيس الجمهورية، وعدم جواز أن نضع قوانين انتخابية على قياس الزعامات»، داعيا إلى «البدء بوضع قانون جديد للانتخابات».

وفي تعليق على دعوة البطريرك، أعرب الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط عن اعتقاده «أننا لا نستطيع أن نتحمل مجددا تعديل اتفاق الطائف»، وقال: «عندما وصلنا إلى الطائف استغرق الأمر فترة من عام 1975 إلى عام 1989، ولا أعتقد أننا سندخل مجددا في هذه الدوامة»، داعيا إلى «الأخذ بعين الاعتبار أنه لا بد بالتوافق من أن تعزز بعض من صلاحيات رئاسة الجمهورية».

ولفت رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص إلى احترامه «للموقف الذي أعلنه مؤخرا الراعي حول ضرورة تعديل اتفاق الطائف، والعمل على إعادة صلاحيات رئيس الجمهورية»، مستدركا بالقول: «ما يجب لفت النظر إليه هو أن اتفاق الطائف كان نتاج تسوية سياسية داخلية برعاية عربية ودولية، بعد 15 عاما من الاقتتال العبثي، أما اليوم فإن البلاد تعيش حالة انقسام سياسي حاد، يصعب خلالها الاتفاق على الحد الأدنى من تسيير شؤون العباد، فكيف سيتم الحديث عن تعديل اتفاق الطائف الذي أصبح دستورا».

وفي حين كان النائب عن تيار المستقبل نهاد المشنوق أوضح أنه «قبل إجراء الانتخابات على قاعدة (الطائف) وتطبيقه تطبيقا كاملا لا يجوز البحث في تعديله»، رأى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، النائب طلال أرسلان، أن «رأس الكنيسة المارونية أصاب موضع الخلل الأساسي الذي أدى إلى أزمة النظام السياسي في لبنان»، معتبرا أن «أهمية اتفاق الطائف أنه جاء بتسوية ميدانية لإيقاف الحرب، وقد كان تسوية بالحد الأدنى في تلك الآونة، ولكنه ليس ما يطمح إليه اللبنانيون ولا أجيالهم القادمة».