انخفاض عدد أنصار القذافي داخل معقله في طرابلس

مع تزايد وتيرة القصف وهجمات المروحيات التي تتعرض لها العاصمة

TT

مع تزايد وتيرة القصف وهجمات المروحيات التي تتعرض لها العاصمة طرابلس يواجه العقيد معمر القذافي تحديا عسكريا قويا أكثر من ذي قبل، لكن حكم القذافي الذي امتد على مدى 41 عاما ربما يواجه تهديدا آخر يتمثل في انخفاض عدد أنصاره داخل معقله في طرابلس.

ويبدو أن الدعم الذي يلقاه العقيد القذافي الملقب بـ«الأخ القائد» مرتبط إلى حد كبير بالمسؤولين والحشود التي تظهر في الأماكن التي يوجد بها الصحافيون فقط. بيد أن أعداد هذه الحشود بدأت هي الأخرى في التراجع في الآونة الأخيرة.

لا يزال هناك بطبيعة الحال جيوب التأييد للعقيد القذافي من بينهم أولئك الذين استفادوا من فترة الاستقرار خلال سنوات بقائه في السلطة، لكن القيود القوية المفروضة على تحركات الصحافيين عبر طرابلس تجعل من الصعب تقييم قوتهم بشكل كبير. وتشكل ليبيا معقلا للمهاجرين الأفارقة السود الذين شجعهم القذافي على القدوم إلى ليبيا بحثا عن العمل، والكثير منهم أبدوا قلقهم من سيطرة الثوار على الحكم فربما يتم ترحيلهم أو اتهامهم بالعمل كمرتزقة.

لكن غالبية السكان المتحدثين باللغة الإنجليزية، من بين أرقى سكان المدينة تعليما وأكثرهم ميلا إلى الغرب، الذين يناقشون الوضع بحرية قالوا إنهم يريدون التغيير حتى وإن كانوا غير قادرين على النزول إلى الشوارع لإحداث ذلك بأنفسهم. ويقول صاحب متجر للساعات خارج المدينة القديمة في طرابلس، وهو يعطي عابر سبيل ساعة مكسورة عليها صورة للعقيد القذافي: «أنا لا أحب هذا الرجل، والناس هنا أيضا لا يحبون القذافي، لكنهم خائفون».

بيد أن سكان طرابلس تجاوزوا هذه المخاوف، حيث شهد يوم الاثنين الماضي أضخم مظاهرة معارضة للقذافي في العاصمة خلال 3 شهور، عندما تجمع ما يقرب من 1000 شخص لتشييع جثمان اثنين من الثوار اللذين قتلا في مصادمات مع قوات الأمن، وتم تصوير الحدث بالفيديو وتم تأكيده من قبل الكثير من السكان المحليين.

كانت تلك ثالث مظاهرة سلمية في طرابلس خلال الأسبوع الماضي، على حسب قول أحد الثوار، لكنها الأولى التي يتم تصويرها وتأكيدها من مصادر مستقلة. وقال ليبي يسكن في حي سوق الجمعة، وطلب عدم ذكر اسمه خشية اعتقاله: «وصلت ميليشيات القذافي وفتحت النار على الجميع ولم نستطع الخروج على الإطلاق خلال الليلة الماضية (ليلة يوم الاثنين الماضي) ولا حتى لخمس دقائق».

وأشار الرجل إلى ثقوب الرصاص على السيارات والجدران التي قال إنها جاءت من بنادق القوات الأمنية ليلة الاثنين الماضي. فيما قال آخرون إن جميع سكان الحي لا يؤيدون العقيد القذافي، وقال صاحب متجر مشيرا إلى الدول التي تشارك في حملة القصف الموجهة ضد بلاده في محاولة لطرد العقيد القذافي «إنجلترا جيدة، وأميركا وفرنسا وإيطاليا جميعهم جيدون».

وبدت ليبيا خلال الأيام الأخيرة أكثر عزلة على المشهد الدولي بعد أن طالبت روسيا بتنحي القذافي، وزيارة رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، التي يبدو أنها لم تحقق تقدما يذكر.

وبعد لقاء العقيد المحاصر، قال زوما إن القذافي لا توجد لديه نية لمغادرة ليبيا، مضيفا أن العقيد طلب إنهاء قصف الناتو.

وشهدت الساحة الليبية الكثير من الانشقاقات في صفوف الموالين للقذافي في مؤشر على الضغوط المتزايدة التي حققتها ضربات الناتو في قطع الدعم عن القذافي. وظهر 8 ضباط ليبيين، من بينهم 5 لواءات في مؤتمر صحافي في روما يوم الاثنين قائلين إنهم جزء من مجموعة من 120 جنديا وضابطا بالجيش انشقوا وأعلنوا أن سقوط القذافي بات وشيكا.

لكن محمد علي، أحد قادة الثوار والموجود الآن في قطر، قال إن الانشقاقات لا تؤثر بشكل كبير على القذافي، ونحن بحاجة إلى انشقاقات أكثر جدية من الدائرة الضيقة للقذافي. ويوجد من بين الداعمين للقذافي الأشخاص الذين يمتدحون الاستقرار الذي عاشت فيه البلاد طيلة 41 عاما.

وقليلون هم من شهدوا لصالحه، وقالوا إن الغرب أخطأ في فبراير (شباط) الماضي عندما تعامل مع المعارضة الليبية كأولئك الذين نزلوا إلى الشارع في تونس ومصر، مشيرين إلى أن ما حدث كان أشبه بحرب أهلية منذ البداية، وتساءلوا عما إذا كان قادة المجلس الانتقالي، والذين كان الكثير منهم وزراء في حكومة القذافي حتى وقت الاحتجاجات، سيكونون مختلفين إذا ما سيطر الثوار على البلاد أم لا. ويقول صاحب متجر يبيع الهواتف الجوالة في السوق الرئيسية للمدينة: «أنا أحب القذافي، فقد نعمنا بعقود من الأمن والأمان. نحن نقوم بعملنا في سلام».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»