اليمن: المواجهات العنيفة مستمرة.. وآلاف المسلحين يحتشدون لنصرة الأحمر

وسط أنباء متضاربة عن توقف حركة الطيران في صنعاء

جنود يمنيون انشقوا عن الجيش يرفعون أيديهم اشارة إلى تضامنهم مع المتظاهرين ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

تصاعدت حدة المواجهات المسلحة بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح والمسلحين التابعين لزعيم قبيلة «حاشد»، الشيخ صادق الأحمر، وتوسعت رقعتها، في حين قصف الطيران الحربي منطقة خمر، معقل أسرة الأحمر.

واستمرت المواجهات العنيفة في حي الحصبة بصنعاء الذي واصلت المدفعية التابعة للحرس الجمهوري قصفه، وواصلت وحدات من القوات الخاصة محاولاتها لاستعادة المباني الحكومية التي سيطر عليها مسلحو الأحمر، واتسع نطاق المواجهات ليصل إلى القرب من مطار صنعاء الدولي وشارع عمران، وحسب شهود عيان فقد توقفت حركة الطيران في المطار وجرى تحويل الرحلات الجوية إلى مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، غير أن مصدرا رسميا نفى هذه الأنباء، وقال ناجي المرقب، مدير المطار إن «حركة مختلف رحلات الخطوط الجوية الدولية مستمرة في الوصول والمغادرة من وإلى صنعاء»، وإن «سير الرحلات عبر مطار صنعاء الدولي طبيعية وتسير حسب البرنامج اليومي المحدد للرحلات».

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن «شمال العاصمة صنعاء شهد قتالا عنيفا بين الحرس الجمهوري والآلاف من رجال قبائل (حاشد) الذين قدموا إليها من محافظة عمران لمساندة مقاتلي الأحمر في صنعاء، وما زال القتال محتدما حول المباني الحكومية التي يسيطر عليها مسلحو الأحمر في حي الحصبة والتي تسعى قوات صالح إلى استعادتها وتخوض معارك ضارية لإحكام السيطرة عليها»، وفي حين أعلنت مصادر رسمية استعادة السيطرة على مباني وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ووزارتي السياحة والصناعة والتجارة، نفى عبد القوي القيسي، مدير مكتب الشيخ صادق الأحمر هذه الأنباء.

وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر محلية عن قيام الطيران الحربي بقصف منطقة خمر، المعقل الرئيسي لأسرة آل الأحمر والواقعة في محافظة عمران، قال أحد سكان المدينة، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن الطيران لم يقصف المدينة وإنما حلق على علو منخفض وفتح حاجز الصوت على خمر وحوث وعمران، حيث كان يتجمع هناك الآلاف من مؤيدي صادق الأحمر، وقالت مصادر محلية إن الطيران والمدفعية قصفت وبعنف بعض المناطق في حي الحصبة، في حين وجه السكان المتبقون في الحي نداء استغاثة جراء سقوط القذائف على منازلهم وسقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، إضافة إلى قيام قوات تابعة لصالح بإجبارهم على إخلاء منازلهم والتحصن فيها، كما يقولون.

وبحسب إحصاءات أولية، فقد قتل في المواجهات المسلحة الدائرة منذ فجر أمس، 16 شخصا بينهم طفلة أصيبت برصاصة طائشة وهي في منزلها، ويفيد من تبقى من السكان القلائل في الحي بأن سيارات الإسعاف لم تستطع الدخول إلى حي الحصبة لنقل الجرحى وأن جثثا شوهدت ملقاة في الشوارع.

وفي سياق التصعيد بين الجانبين، أحرق من يعتقد أنهم من أنصار الرئيس علي عبد الله صالح، مكتب قناة «سهيل» الإخبارية التابعة للمعارض حميد الأحمر، وذلك بعد أيام على تعرض المكتب لقصف مدفعي، وزعمت السلطات اليمنية العثور على مسلحين وأسلحة وذخائر في المبنى، كما تعرض مكتب صحيفة «الصحوة» و«الصحوة نت» التابعان لحزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي المعارض، إلى قصف هو الآخر، وقالت مصادر معارضة إن قوات أمنية داهمت عددا من الشركات والمكاتب التجارية الخاصة بأسرة الأحمر في أكثر من منطقة بصنعاء.

على الصعيد ذاته، توعد مصدر مسؤول من سماهم بـ«أولاد الأحمر وعصاباتهم الإجرامية المسلحة» بأنهم «لن ينجوا من العدالة»، وقال المصدر إنه سيتم «مطاردتهم ومحاكمتهم باعتبارهم مطلوبين في جرائم حرب على ذمة ما ارتكبوه من جرائم بشعة والمتمثلة في قتل عدد من المواطنين الأبرياء وهم في مساكنهم آمنين»، بالإضافة إلى تهمة «مهاجمة المباني والمنشآت الحكومية وعمارات ومساكن المواطنين في منطقة الحصبة ونهبها وتسببوا في تشريد المواطنين من مساكنهم وخلق المعاناة لهم».

ويحاول الآلاف من رجال قبائل «حاشد» الدخول إلى العاصمة صنعاء وهم مدججون بالأسلحة من أجل نصرة زعيمهم صادق الأحمر، كما تقتضي العادات والتقاليد القبلية، حيث يتجمعون في منطقة الأزرقين حيث دارت بينهم وبين القوات الحكومية مواجهات عنيفة، غير أن قوات صالح ومسلحيه المدنيين المنتشرين على طول وعرض الطرق الطويلة وفي مداخل ومخارج العاصمة صنعاء، يصدون الزحف القبلي. وبحسب مراقبين، فإنه وفي حال تمكن أنصار الأحمر سواء المقاتلون في داخل العاصمة أو الذين يحاولون الوصول إليها، من السيطرة على طريق محافظة عمران وحتى حي الحصبة بصنعاء، فإن المساندة القبلية بالعتاد والرجال سوف تكون كبيرة، ويتوقعون أن تمتد المواجهات العسكرية إلى وسط وجنوب العاصمة صنعاء، حيث يقع قصر الرئاسة.

ولا يقتصر دعم ومساندة صادق الأحمر على قبيلة «حاشد» فقط، فقد أعلنت، منذ وقت مبكر، قبائل كثيرة من قبيلة «بكيل»، الغريم والمنافس لـ«حاشد»، دعمها لثورة الشباب وتأييدها لمواقف أسرة الأحمر، في حين أعلنت قبائل أخرى دعمها ومساندتها للأحمر، حيث كانت تربط والده الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، علاقات واسعة ووطيدة بمعظم القبائل اليمنية باعتباره كان شيخا لمشايخ اليمن. وتواصلت المظاهرات والاحتجاجات في مختلف المحافظات اليمنية للتنديد بما يسمونه «العدوان» على أسرة الأحمر وقبيلة «حاشد» في صنعاء وغيرها، وجدد المتظاهرون المطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وبمحاكمته وأفراد أسرته وأركان نظامه جراء قمع المحتجين والتسبب في مقتل المئات وإصابة الآلاف.

واستمرت حالة التصعيد والتوتر في محافظة تعز، التي لم تهدأ فيها الاحتجاجات رغم الهجوم الكبير الذي نفذته قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي على «ساحة التغيير»، الأسبوع الماضي، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 معتصم وإصابة المئات، حيث شهدت أطراف المدينة ووسطها اشتباكات متفرقة مع مواطنين يحاولون كسر الحصار الأمني المفروض على المدينة، وحسب شهود عيان فقد قتل في مواجهات الأمس، مواطنان، وتحدثت مصادر عن اشتباكات بين ضباط منشقين على النظام وقوات أمنية أثناء قيام الأخيرة بقمع مسيرة شبابية مطالبة برحيل الرئيس صالح، ومحاولة الضباط الدفاع عن المتظاهرين.