الموازنة العامة لمصر تربك شباب الثورة

انتقدوا دعوتهم المفاجئة لمناقشتها مع الحكومة بمشاركة وفد صندوق النقد الدولي

TT

بدا الأمر أشبه بمعضلات اقتصادية، أو اختبار في الذكاء الاقتصادي.. هكذا صور عدد من شباب ثورة 25 يناير الدعوة التي وجهتها لهم الحكومة، أمس، لمناقشة الموازنة العامة للدولة، التي تواكبت مع زيارة ممثلين عن صندوق النقد الدولي لمصر للتأكد من أن القرض الذي طلبه وزير المالية، سمير رضوان، والذي يبلغ 3 مليارات دولار، سيتم صرفه على مشاريع قومية وتنموية، وأن هناك توافقا شعبيا حولها.

خالد السيد، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، تساءل بنبرة لا تخلو من الحيرة: «كيف سأقرر الذهاب لمناقشة شيء خطير كالموازنة العامة، وقد تم دعوتي في الساعة الثانية، والاجتماع في الساعة الخامسة».

زاد من حيرة خالد أن الدعوة إلى الاجتماع الذي عقد بالفعل في الخامسة من مساء أمس، تمت بطريقة غير رسمية، عن طريق اتصال تليفوني أجرته أمينة غانم، مساعدة وزير المالية للشؤون الخارجية، وممثلون عن الوزارة، ببعض شباب ائتلاف الثورة وشباب آخرين من الوجوه المعروفة في الإعلام، وأبلغت بعضهم أن ممثلين من الصندوق الدولي سيحضرون الاجتماع. لكن استفزاز الشباب وحيرتهم من الاجتماع، تجاوزا معضلة الامتحان المباغت، ورأى بعضهم أن الدعوة إليه مشبوهة، حتى يتم تمرير القرض المزعوم، ويقول المسؤولون لوفد صندوق النقد إن الشباب موافقون، كما رأوا أنه من الصعب افتراض حسن النية، في حين أنه تم دعوة أحدهم قبل ميعاد الاجتماع بثلاث ساعات.

مصطفى شوقي، عضو ائتلاف شباب الثورة، برر رفض الدعوة بأنه ينبع أساسا من رفضهم لسياسات وزارة المالية، المعتمدة على اقتراض الديون من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بنفس الشروط التي رفضوها طوال الوقت، والتي كان يستخدمها نظام مبارك، والتي تزيد الديون العامة للدولة، أما فيما يخص الدعوة لمناقشة تلك الميزانية فقال شوقي: «لقد جلسنا مع الوزير سمير رضوان من قبل، وقد وعدنا بعمل برلمان شبابي مصغر لمناقشة تفاصيل الميزانية وبنودها قبل الخروج بها، وهذا لم يتم، وبالتالي ظهور الميزانية، وطلب الشباب لمناقشتها الآن، في ظل زيارة صندوق النقد الدولي، أمر يثير الشبهات التي تتعلق بموافقة الصندوق الدولي على القرض في ظل وجود الشباب».

شوقي أضاف أن الدعوة جاءت بشكل متسرع لا يعطي للشباب وقتا لدراسة الموازنة ليقولوا ملاحظتهم عليها، فبالتالي موافقتهم أو عدم موافقتهم ستكون عن عدم دراية، وأنهم لن يقبلوا أن يتورطوا في شيء معقد وصعب بمثل تلك الخطورة، وأنهم لن يقبلوا إلا مناقشة علنية مع كل القوى المجتمعية، والقيام بدراسة متأنية للخطوط العامة للموازنة العامة، للوقوف على مناطق الاتفاق والاختلاف مع الموازنة التي وضعتها وزارة المالية، خصوصا أن الملف الاقتصادي والسياسات الاقتصادية يجب أن يكون حجم التفاعل معها أكبر بعد ثورة 25 يناير.

أما عبد الرحمن الزغيمي، منسق الملف الاقتصادي بائتلاف شباب الثورة، فانتقد إرسال وزارة المالية لهم ملخص الموازنة، وليس مشروع الموازنة نفسه، وانتقد عدم رجوع الوزارة في وضع الموازنة للخبراء الاقتصاديين ولا الشباب خلال الشهرين الماضيين.

أضاف الزغيمي أنهم جلسوا مع وزير المالية، سمير رضوان، في شهر مارس (آذار) الماضي وتحدثوا معه عن ضرورة وضع حد أدني وأقصى للأجور وترشيد دعم الطاقة، ودعم الصادرات، وفرض ضريبة تصاعدية، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، كما تحدثوا معه عن وضع الصناديق الخاصة الموجودة في عدد من المحافظات والمناطق الحكومية، التي لا يعرف أحد كم عددها ولا أين تذهب أموالها، التي تأتي غالبا من الغرامات ورسوم التحصيل.

الزغيمي انتقد أيضا الميزانية التي أرسلتها وزارة المالية قائلا: «لقد قاموا برفع ميزانية الأجور بحجة تمويل الحد الأدنى للأجور، في حين أنهم لو أرهقوا أنفسهم ونظروا في هيكل الأجور، وقاموا بعمل إعادة هيكله له ما احتاجوا إلى ضخ تلك الأموال في ميزانية الأجور، لأن هناك في مرتبات الدولة من يأخذ 100 ألف جنيه، في حين أن هناك من يتقاضى 200 جنيه»، كما انتقد أيضا وضع الموازنة العامة شريحة ضريبية إضافية لمن يزيد دخلهم على 10 ملايين جنيه سنويا، في حين أنهم في أميركا يفرضون تلك الشريحة على من يزيد دخلهم على مليوني جنيه. وأضاف الزغيمي متسائلا: «إن هذه الحكومة هي حكومة تسيير أعمال؛ فلماذا تضع سياسات اقتصادية لمدة عام، وتفرضها على الحكومة والرئيس المقبلين.. لماذا لم يتم وضع موازنة لستة أشهر فقط؟!».