«غوغل» تقر باختراق قراصنة صينيين بريد مسؤولين أميركيين

القراصنة تحايلوا لكشف كلمات المرور الخاصة بالحسابات

TT

أعلنت شركة «غوغل» أن قراصنة موجودين في الصين تمكنوا من اختراق مئات الحسابات على البريد الإلكتروني التابع «جي ميل»، بما فيها بعض الحسابات الخاصة بمسؤولين حكوميين أميركيين وموظفين عسكريين رفيعي المستوى. وقد تعطل حساب «جي ميل» الشخصي الخاص بأحد المسؤولين بالحكومة الأميركية، حسب ما أفاد به مسؤول مطلع على حادث الاختراق. وقد شن القراصنة حملة احتيال لاصطياد المعلومات من خلال خداع مستخدمي خدمة البريد الإلكتروني الشهير على نحو يجعلهم يكشفون عن كلمات المرور الخاصة بهم، مما يتيح للقراصنة مراقبة الرسائل الصادرة والواردة. ووفقا لما ذكره مسؤولان مطلعان على تفاصيل عملية الاختراق، تمكن القراصنة من الوصول إلى كم كبير من محتوى البريد الإلكتروني. وذكرا أن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي (إف.بي.آي) تم إخطاره الأسبوع الماضي، وأن هناك بعض الجدل المثار داخل شركة «غوغل» حول الإعلان عن الحادث من عدمه، نظرا لأن القيام بذلك ربما يؤدي إلى تقييد خيارات التحقيق.

وذكرت «غوغل» أن الهجوم المستهدف بدا قادما من مدينة جينان الصينية، كما استهدف أيضا حسابات «جي ميل» الخاصة بصحافيين ونشطاء سياسيين صينيين ومسؤولين من كوريا الجنوبية ومن مناطق آسيوية أخرى. وأقرت «غوغل» أن مستخدميها قد تعرضوا للهجوم من خلال أنظمة احتيال لاصطياد المعلومات، ممثلة في الأساس في رسائل بريد إلكتروني تخدع المتلقي، بصورة تجعله يكشف عن معلومات شخصية أو ينقر على روابط قد تصيب جهاز الكومبيوتر خاصته بفيروس. وعقب الإعلان عن الحادث على رسالة نشرت في مدونة، لم تستفض «غوغل» في تقديم تفاصيل حول هوية المسؤولين الأميركيين الذين تم اختراق حساباتهم الإلكترونية أو المدة التي ظلت فيها حسابات المستخدمين معرضة للخطر أو ما إذا كان من قام بالهجوم عميلا لإحدى الحكومات الأجنبية أم لا.

وذكرت السلطات الأميركية أنه لم يتم اختراق أي أنظمة بريد إلكتروني حكومية رسمية، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان أي من ضحايا عملية الاختراق قاموا بإرسال عناوين بريدهم الإلكتروني الخاصة بالعمل إلى حسابات «جي ميل» أم لا.

وقد صعّد الحادث الخلافات بين محرك البحث والدولة التي تملك أكبر قاعدة من مستخدمي الإنترنت في العالم. وكانت شركة «غوغل» أشارت بأصابع الاتهام إلى الصين في العام الماضي بعد هجوم على شبكتها، وألقت «ياهو» اللوم على الهاكرز الصينيين بسبب هجوم تعرضت له خدمة البريد الإلكتروني الخاصة بها. يذكر أنه توجد مؤسسة «لانكسيانغ» المهنية، التي تلقى بعض علماء الكومبيوتر التدريب فيها للالتحاق بالجيش الصيني، في مدينة جينان، التي ثبت انطلاق حملة الاختراق الأخيرة منها. وقد ثبت تورط المؤسسة في هجوم الهاكرز على «غوغل» في العام الماضي.

وأوضح مسؤول بوزارة الشؤون الخارجية الصينية يوم الخميس أن «أي اتهام موجه ضد الصين (في هذه الحادثة الأخيرة) ليس له أي أساس من الصحة، ووراءه دافع خفي غير معلن». وصرح المسؤول، هونغ لي، في تصريح أرسل عبر البريد الإلكتروني أن «الحكومة الصينية تعارض بشدة أي نشاط إجرامي على شبكة الإنترنت، بما في ذلك القرصنة... وأنها على استعداد للتعاون مع المجتمع الدولي لمحاربة مثل هذا النشاط».

وصرح مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أنه يحقق في الحادث الذي أعلنت عنه «غوغل» ويعمل مع الـ «إف.بي.آي» في مباشرة التحقيقات.

وأجرت وزارة الأمن الداخلي اتصالا بشركة «غوغل» ووكالات فيدرالية أخرى لتقديم تحليل حول أي نشاط ضار وطرح حلول للحيلولة دون تفاقم خطر مثل هذه الأنشطة، بحسب المتحدث باسم الوزارة كريس أورتمان.

وأوضح الكولونيل ديف لابان، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن وزارة الدفاع كانت على علم بالتقارير الإخبارية عن حادث الاختراق، لكن «لم يتم الاتصال بها بشكل مباشر». وقال لابان «لسنا مدركين ما إذا كان الأفراد المستهدفون موظفين بوزارة الدفاع أم لا».

وقد أثار الحادث تساؤلات حول أمن خدمات البريد الإلكتروني الشائعة على الإنترنت وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي التي قد أصبحت أدوات مهمة للساسة والنشطاء.

«يجب أن ينظر كل شخص إلى أية رسالة بريد إلكتروني يرسلها عبر الإنترنت على أنها بطاقة بريدية لا رسالة غير رسمية في مظروف آمن»، هذا ما قاله ديف أوسبري، نائب رئيس شركة «تريند مايكرو» المتخصصة في توفير برمجيات وخدمات أمن الإنترنت.

وقد تسببت موجة من حوادث الاختراق، التي وقعت مؤخرا، في تعطيل حسابات مستخدمي «سوني بلاي ستيشن» وموظفي شركة «لوكهيد مارتين»، وعملاء شركة «بست باي» وعدد من السياسيين.

وتأتي تلك الحادثة في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الفيدرالية تعزز جهودها من أجل تحويل قدر كبير من بنيتها التحتية الكومبيوترية إلى التطبيقات المعتمدة على الإنترنت التي تقدمها شركات «غوغل» و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«ياهو».

وبدلا من الاعتماد على وحدات خدمة داخلية باهظة التكلفة تتطلب تحسينات مكلفة، يحث فيفيك كوندرا، كبير مسؤولي المعلومات بالحكومة الفيدرالية الأميركية، الوكالات بشكل دائم على الاتجاه إلى الخدمات «السحابية»، والتي أطلق عليها هذا الاسم نظرا لأنها تقدم على شبكة ضخمة من أجهزة الكومبيوتر بالعديد من المواقع. وتتيح مثل تلك الخدمات للعملاء مزيدا من المرونة، كما توفر لهم واجهات مماثلة لما يستخدمونه في حياتهم الشخصية.

وأصبحت إدارة الخدمات العامة الأميركية مؤخرا أول وكالة فيدرالية تتجه إلى استخدام «جي ميل»، مشيرة إلى أن تحويل موظفيها البالغ عددهم 17000 موظف تدريجيا من «لوتس نوتس» سيوفر نحو 50 في المائة من نفقات تكنولوجيا المعلومات على مدار خمس سنوات. وقد تحول نحو 500 موظف إلى استخدام هذا الموقع حتى الآن، بحسب ما ذكر مسؤولون بالإدارة مؤخرا.

* خدمة «نيويورك تايمز» > أسهم الكتاب الضيوف ويليام وان في بكين وسكوت ويلسون ومايكل روزينوولد وجيري ماركون في واشنطن في إعداد هذا التقرير