مسؤول في أبيي يؤكد مقتل نحو 100 منذ سيطر الجيش السوداني على المنطقة

وفود غربية في العاصمة السودانية لاحتواء الوضع.. والخرطوم توافق «مبدئيا» على سحب جيشها

شاحنة عسكرية سودانية تنقل عددا من الجنود ولافتة كبيرة عليها صورة الرئيس عمر حسن البشير ودعوة للجهاد في منطقة أبيي أمس ( أ.ف.ب)
TT

قال مسؤول في أبيي أمس إن نحو مائة مدني قتلوا في منطقة أبيي السودانية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، منذ أن سيطر عليها الجيش السوداني في 21 مايو (أيار)، في وقت تجوب فيه وفود غربية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، البلاد، بين الخرطوم وجوبا لوضع حد للخلافات، ودعت الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير إلى «عقد لقاء فوري» لبحث حل أزمة أبيي والمساهمة في إنقاذ اتفاق السلام الموقع في 2005.

ومن المقرر أن ينفصل جنوب السودان عن شماله في التاسع من يوليو (تموز) وظل وضع منطقة أبيي الخصبة المنتجة للنفط من القضايا الشائكة خلال الفترة التي تسبق انفصال الجنوب. وأثارت الخرطوم انتقادات دولية عندما دخلت دبابات وجنود إلى البلدة الرئيسية في منطقة أبيي يوم 21 مايو بعد يوم من هجوم على قافلة تابعة لقوات الخرطوم وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ألقي باللوم فيه على قوات من الجنوب.

وقال الحاكم الإداري لأبيي دينق أروب كول لـ«رويترز»: «ننتظر التأكيد النهائي للأسماء، لكن العدد قرب مائة لا أكثر. إنهم مدنيون». ومضى كول يقول «هؤلاء مدنيون. لقي بعضهم حتفه خلال الهجوم والبعض الآخر خلال دوريات للقوات المسلحة السودانية لاحقا». ولم يتسن على الفور الاتصال بمتحدث باسم الجيش السوداني للتعليق على التقرير لكن مسؤولا كبيرا في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان نفى أن يكون الجيش قد هاجم مدنيين. وقال ربيع عبد العاطي وهو مسؤول كبير في وزارة الإعلام إن هذا ليس صحيحا. وأضاف أنه لا يعتقد أن جيش الخرطوم يهاجم المدنيين أو يقتلهم. وفر عشرات الآلاف من السكان من القتال الدائر في أبيي وأثارت سيطرة الخرطوم على أبيي مخاوف من عودة الطرفين إلى الحرب التي سيكون لها أثر مدمر على المنطقة عندما يتدفق اللاجئون عبر الحدود وتقوم دولة فاشلة في الجنوب.

إلى ذلك، طالبت مجموعة دول الترويكا التي ترعى عملية السلام في السودان، بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج، الحكومة السودانية إلى سحب قواتها فورا من أبيي، وإجراء محادثات بين الرئيس عمر البشير ونائبه الأول سلفا كير ميارديت. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وفد الترويكا الغربية، الذي يضم المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان برنيستون ليمان، والمبعوث البريطاني الخاص نيكولاس كاي، إضافة إلى المبعوث النرويجي، أجرى مباحثات أمس مع وزير الخارجية السوداني على كرتي.

وكان الوزير السوداني قد أجرى مباحثات منفصلة قبل يوم مع كل من المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي السفيرة روزالند، ومساعد الرئيس الأميركي للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، جون برينان، بحضور المبعوث الأميركي الخاص للسودان، كما التقى أيضا البريطاني نيكولاس كاي.

وذكرت المصادر الدبلوماسية أن المباحثات تركزت على التطورات في منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وقالت المصادر: «لقد طلب المبعوثون الدوليون من الخرطوم سحب جيشها من منطقة أبيي فورا والدخول في حوار بين البشير وسلفا كير ومناقشة قضايا ما بعد الاستفتاء قبيل التاسع من يوليو (تموز) المقبل وتهدئة الأوضاع وتنفيذ ما تبقى من أجندة اتفاق السلام الشامل». وعبرت الوفود عن قلقها من تدهور الأوضاع وحذرت من التصعيد العسكري أو السياسي في أبيي. وكشفت المصادر أن الحكومة السودانية أعلنت استعدادها من حيث المبدأ لسحب قواتها، لكنها اشترطت لذلك إجراء ترتيبات أمنية محددة لحفظ الأمن وتحقيق السلام». وأكد وزير الخارجية السوداني علي كرتي أن دخول القوات السودانية الشهر الماضي للمنطقة يعد إجراء مؤقتا أملته ظروف محددة وسوف ينسحب الجيش السوداني بعد إجراء الترتيبات الأمنية.

وكانت واشنطن قد أبلغت الخرطوم قلقها من التصعيد وذكرتها بوعود سابقة خلال زيارة وزير الخارجية علي كرتي الأخيرة للولايات المتحدة.

من جهته، قال جوني كارسون مساعد وزيرة الخارجية لشؤون أفريقيا للصحافيين: «ندعو الرئيس البشير ونائبه الأول سلفا كير إلى عقد لقاء فوري للاتفاق على الخطوات المستقبلية لاستعادة الهدوء واحترام اتفاق السلام الشامل وتجديد التزام الجانبين على التفاوض من أجل التوصل إلى تسوية سياسية حول مستقبل أبيي». وقال كارسون إن جون برينان مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب سلم الرسالة نفسها إلى حكومة البشير خلال محادثات أجراها الأربعاء في الخرطوم.

وأضاف أن برينان توجه إلى الخرطوم لكي يبحث «بشكل أساسي» جهود شطب السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب التي تعدها وزارة الخارجية الأميركية. وكان السودان أدرج على لائحة الدول الداعمة للإرهاب عام 1993 بسبب علاقاته المفترضة بمجموعات متطرفة دولية. والدول المدرجة على هذه اللائحة لا يمكنها الحصول على مساعدات أميركية أو أسلحة أميركية فيما تحظر التجارة الثنائية معها.

وأكد كارسون أن «تحركات حكومة السودان تشكل انتهاكا واضحا لاتفاق السلام الشامل الموقع في يناير (كانون الثاني) 2005». ثم أصدر البيت الأبيض بيانا جاء فيه أن برينان أكد لمحاوريه في الخرطوم أن أوباما «قلق جدا» بشأن وجود قوات سودانية في منطقة أبيي في وقت يتفاوض فيه شمال وجنوب السودان حول مستقبل هذه المنطقة المتنازع عليها. وأعرب برينان عن «قلق الرئيس أوباما العميق من وجود قوات سودانية مسلحة في أبيي ودعا إلى حل سريع وسلمي للأزمة لتسوية المسائل العالقة».