رئيس الموساد السابق يعتبر قادة إسرائيل الحاليين أغبياء

طالب بقبول المبادرة العربية وحذر من حرب على إيران: قد تكون أسوأ من حرب أكتوبر

نتنياهو يعانق رئيس الموساد مائير داغان بعد أن شكره على خدمته كرئيس للجهاز في يناير الماضي (أ.ب)
TT

للمرة الثانية خلال أسبوعين، فجر رئيس جهاز المخابرات الخارجية السابق «الموساد»، مائير داغان، قنبلة سياسية جديدة حينما وصف القادة السياسيين الإسرائيليين في السنوات الأخيرة بأنهم أغبياء ولا يتناسبون وعظمة المرحلة التاريخية ولا يحسنون استغلال الظروف الدولية المميزة. وطالب الحكومة بأن تقبل بالمبادرة العربية كأساس للسلام في المنطقة. وعاد لتكرار موقفه أن على إسرائيل أن تمتنع عن استخدام الخيار العسكري ضد إيران.

وأثارت تصريحاته موجة من الغضب الصاخب في اليمين. وهاجمه وزير الدولة عن حزب الليكود، يوسي بيليد، وعضو كنيست من حزب «كديما»، وغيرهما واتهموه بالرغبة في خوض غمار الحياة السياسية وقالوا إن تصريحاته هي تمهيد للانتقال إلى العمل السياسي.

وتبين أمس أن الجنرال داغان، كان قد أدلى بتصريحاته هذه قبل شهرين، أي في اليوم الأخير لوظيفته كرئيس للموساد. ودعا إليه مجموعة مختارة من الصحافيين. وقال لهم بوضوح ما الذي يفكر فيه. ولكن الرقابة العسكرية فرضت التعتيم على هذه التصريحات وتوجه بعض ضباطها إلى الصحافيين بشكل شخصي يطلبون عدم نشرها. وعاد داغان ليدلي بالتصريحات نفسها قبل أسبوعين، فنشرت بعضها في وسائل الإعلام، ليتبين مجددا أن الرقابة العسكرية تدخلت مرة أخرى ومنعت النشر الواسع وسمحت فقط بنشر رأيه المعارض للحرب ضد إيران. وقرر داغان أن يلتف على الرقابة هذه المرة بشكل صارخ، فاستغل محاضرة له في جامعة تل أبيب وأطلق تصريحاته من جديد وبالتفصيل.

وكان عنوان أقوال داغان أن إسرائيل تعاني في السنوات الأخيرة من أزمة سببها انتخاب قادة سياسيين «ضعفاء وعديمي المسؤولية والرؤية والذكاء». وقال داغان إنه يجب أن تكون هناك مبادرة إسرائيلية سياسية تجاه الفلسطينيين، لأنه لا يوجد طريق آخر. ويوضح أن ذلك لا يعود لكون الشعب الفلسطيني على رأس اهتماماته، وإنما لأن ذلك في صالح إسرائيل ولضمان بقائها. وأضاف أن على إسرائيل أن تتبنى مبادرة السلام العربية التي تتضمن تطبيعا كاملا للعلاقات بين إسرائيل والدول العربية مقابل الانسحاب إلى حدود 1967، بما في ذلك شرق القدس، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وأسهب داغان في الحديث عن إيران وقضية تسلحها النووي، فقال إن الجميع يعرفون ماذا سيحصل عندما تتحول إيران إلى دولة نووية، إلا أنه لا يوافق على أن تبادر إسرائيل إلى الحرب ضدها. واعتبر حربا كهذه شبيهة بحرب أكتوبر 1973 إن لم تكن أسوأ، وقال إنه شخصيا يشعر بأنه مجبور على الخروج بهذه المواقف الحادة ضد الحرب لأنه ليس على استعداد لتحمل مسؤولية حرب مماثلة لحرب 1973، وأن النقاش يتركز على طرق مواجهة التهديد الإيراني وأنه يجب مناقشة كل البدائل والوسائل ما عدا الحرب.

وبحسبه فإن ما سماه بـ «العنف السياسي»، أي الحرب، يمكن أن يحصل في حالتين؛ في حال تعرضت إسرائيل لهجوم، أو في حال لم يكن هناك مناص من الحرب في ظل التهديدات، بحيث تكون الحرب هي الطريق الوحيدة لإزالة هذا التهديد. وأضاف أن من أبعاد الهجوم على إيران هو الدخول في حرب إقليمية، وهو ما سيوفر الذرائع لإيران لمواصلة برنامجها النووي. كما أن الحرب لن تكون في مواجهة إيران لوحدها، وإنما ستتحول إلى حرب إقليمية. وفسر ذلك بقوله إن حزب الله لديه مرافق عسكرية تحتوي على أسلحة خطيرة، وإسرائيل معنية بتدمير هذه الأسلحة، وعندما تقصفها وهي على الأرض السورية، فإن سوريا سترد. وهذا يعني اتساع الحرب.

وقال داغان أيضا إن إسرائيل ليس لديها القدرات لوقف البرنامج النووي الإيراني، وإنما يمكنها وقفه في أحسن الأحوال، وأنه توجد أدوات أخرى غير الهجوم، بدءا بمنع وصول العتاد إليها، وفرض عقوبات اقتصادية وضغوط دولية. وبينما نصح رئيس الحكومة الإسرائيلية بعدم اتخاذ قرار بشن الهجوم على إيران وفحص كافة البدائل، أشار إلى أنه لا يعرف عن وجود مثل هذه الخطة لعامي 2011 و2012.

وفي حديثه عن حزب الله قال إن قدرات حزب الله العسكرية تصل إلى مستوى قدرات دول، بل وتزيد قوته العسكرية عن قوة بعض الدول في المنطقة. ويشير في هذا السياق إلى أن القدرات العسكرية لحزب الله تطال كافة مناطق البلاد ولن يكون فيها تمييز بين أهداف مدنية أو عسكرية. وفي حال الدخول في حرب فلا أحد يعرف كيف ستنتهي.

وتطرق داغان إلى المصالحة الفلسطينية بين حركتي حماس وفتح فقال إن ذلك إشكالي بالنسبة لإسرائيل كون حماس لا تعترف بإسرائيل. ولكنه نصح بالانتظار ومتابعة التطورات في العلاقة بين الحركتين، التي وصفها بأنها «لا تشكل تحالفا تاريخيا». أما عن صفقة تبادل الأسرى فقال إنه لا يؤيد الصفقة الحالية، بادعاء أن الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم سينفذون عمليات مرة أخرى. وبحسبه فإنه لو كان بالإمكان إبعاد الأسرى إلى قطاع غزة لكان الوضع مختلفا. وفي حديثه عن الثمن مقابل إنجاز صفقة تبادل الأسرى قال إن الصفقة التي أطلق فيها سراح الحنان تننباوم قبل سبع سنوات، تسببت بمقتل 231 إسرائيليا، مدعيا أن منفذي العمليات يمكن ربطهم بمن أطلق سراحهم في صفقة تننباوم.