سياسيون عراقيون لـ «الشرق الأوسط»: «فوبيا» البعث تلاحق النظام الجديد

تعليقا على إقرار الحكومة سلة عقوبات جديدة بحق المنتمين للحزب على الرغم من حظره دستوريا

TT

على الرغم من التبريرات التي ساقها الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ، حول مشروع القانون الجديد الذي أقره مجلس الوزراء العراقي أخيرا، وينص على عقوبات بالسجن للمنتمين إلى حزب البعث المحظور، فإن هذا المشروع أثار ردود فعل مشككة به وبالأسباب الحقيقية لتشريعه في الوقت الحاضر.

وكان الدباغ قد أوضح، في بيان له عقب صدور مشروع القانون عن مجلس الوزراء، أن موافقة مجلس الوزراء على مشروع هذا القانون تأتي «حرصا من الحكومة على حظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يبرر له، خاصة حزب البعث ورموزه، وتحت أي مسمى».

وأوضح الدباغ أنه بموجب القانون الجديد فإنه «سيعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن عشر سنوات كل من انتمى إلى حزب البعث بعد نفاذ هذا القانون، أو روج لأفكاره وآرائه بكل الوسائل»، كما سيعاقب «بالسجن كل من أجبر أو هدد أو كسب أي شخص للانتماء إليه بمدة لا تزيد عن 15 سنة، إذا كان الفاعل من المنتمين إلى الحزب قبل حله أو من المشمولين بقانون المساءلة والعدالة».

وفي الوقت نفسه، فإن عقوبة سجن بخمس سنوات تنتظر كل «من أسهم أو ساعد بنشر أفكار الحزب عبر وسائل الإعلام».

القائمة العراقية، بزعامة إياد علاوي، التي تحوم الكثير من الشبهات حول انتماء عدد من قيادييها إلى حزب البعث أو على الأقل يدافعون عنه، وهو ما تم بالفعل شمول عدد منهم بقوانين الاجتثاث، أعلنت، عبر بيان رسمي أصدره المتحدث باسمها، حيدر الملا، مساندتها للقانون «شريطة أن يتوافق مع الدستور»، مطالبة بسن قانون «يحاسب الأحزاب الطائفية والشوفينية والعنصرية وفق المادة 7 من الدستور، التي من بينها حزب البعث الصدامي».

ووفقا للبيان الحكومي، فإن «مشروع القانون يهدف إلى منع عودة حزب البعث تحت أي مسمى إلى السلطة أو الحياة السياسية، وعدم السماح له في أن يكون ضمن التعددية السياسية والحزبية في العراق، وحظر الكيانات والأحزاب والتنظيمات السياسية التي تتعارض أهدافها أو أنشطتها مع مبادئ الدستور، أو تتبنى أفكارا أو توجهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وكذلك تحديد وتنظيم الإجراءات والجزاءات الكفيلة بتنفيذ الحظر المشار إليه، ومعاقبة المخالفين لأحكام هذا القانون».

وفي هذا السياق، قال الخبير القانوني، طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بشأن العلاقة بين المادة الدستورية التي تحظر حزب البعث، والجديد الذي جاء به مشروع القانون أن «مشروع القانون الجديد الخاص بحظر حزب البعث وإيقاع عقوبات محددة بمن ينتمي أو يروج له تقتصر على حالات الانتماء الجديدة أو الترويج حاليا ومستقبليا لحزب البعث»، معتبرا أنها «تشمل حزبا جديدا يتشكل الآن باسم حزب البعث، أو يمثل غطاء له، لأن حزب البعث القديم انتهى وقد عالجته المادة السابعة من الدستور العراقي».

وأضاف حرب أن «صدور هذا القانون مسألة مشروعة ولا يتعارض مع الدستور، لأن المادة الدستورية تحتاج أن تنضم بقانون، وهو ما فعله مجلس الوزراء الذي أقر مشروع القانون بانتظار أن يتحول إلى قانون عند المصادقة عليه من قبل البرلمان».

لكن زعيم الكتلة العراقية البيضاء في البرلمان، حسن العلوي، هاجم مشروع القانون الجديد، معتبرا أن «هناك خوفا مستمرا من البعثيين لا معنى له»، وقال العلوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك خوفا دستوريا لدولة ناشئة، وهي بهذا العمل تخطئ أكثر من مرة»، فعلى الرغم من أن «حزب البعث تمت معالجته بالدستور العراقي النافذ»، فإن مشروع هذا القانون من وجهة نظر العلوي «أعطى دعما قويا لحزب البعث، وكأنه سيبقى إلى الأبد، وهذا خطأ فادح»، معتبرا أن هذه الأمور «لا تدخل في الدستور، ولا حتى في القوانين، بل هي تدخل في المراسيم التي كثيرا ما يخطئ النظام السياسي في تبنيها، خوفا أو عدم دراية، مثلما فعل في السابق نوري السعيد، عندما أصدر مرسوما بنزع الجنسية عن الشيوعيين العراقيين».

وأضاف العلوي أن «الخطأ الآخر الذي وقعت فيه الطبقة السياسية الحاكمة الآن هي أنها عادت إلى الوراء، لأن المادة موجودة في الدستور، والدستور أهم من القانون، وهناك خلط واضح في فهم القوانين والدساتير والمراسيم دون دراية ومعرفة لحدود كل واحدة منها».

وشدد العلوي على أن «حزب البعث انتهى، والبعثيون إما تركوا نهائيا، أو انخرطوا في الأحزاب السياسية الموجودة حاليا؛ الدينية وغير الدينية، وبالتالي فلا أهمية لهذا القانون، لأنه تعبير عن وجود فوبيا اسمها (البعث)، فضلا عن أنه يضعف هيبة الدولة، لا سيما أننا الآن في العراق لدينا نظام ديمقراطي حقيقي، ولا يجوز سن قوانين أو تشريعات؛ إما تعيدنا إلى الوراء، أو تتناقض مع مبدأ الحرية والديمقراطية والانتخابات».

أما زعيم حزب الأمة العراقية، مثال الآلوسي، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مشروع هذا القانون يعكس في الواقع فشل الطبقة السياسية الحاكمة حاليا في العراق، ويعكس تخبط الحكومة التي لا تعرف ماذا تريد»، مستغربا صدور مثل هذا القانون «في وقت لم يعد فيه وجود لحزب اسمه حزب البعث، والعراقيون يعرفون هذه الحقيقة جيدا».

وأضاف الآلوسي أن «البعض يريد أن يعيدنا من جديد إلى مرحلة ما بعد 2003 مباشرة، ويحول العراق إلى دولة طوائف وأحزاب وأعراق وليس دولة مدنية».

وأشار إلى أن «هناك مظاهر كثيرة لما نقول، مثل محاربة الإعلام ومحاربة الرأي من خلال التضييق على المظاهرات وسرقة المال العام محاولة إنهاء الوضع القائم وإحياء جثث ميتة، مثل حزب البعث، للتغطية على الفشل في كل شيء».