طالباني يطلق مبادرة للمصالحة مع المعارضة الكردستانية

بينما أكدت تمسكها بمشروعها الإصلاحي بما فيه حل الحكومة والبرلمان

جلال طالباني رئيس الجمهورية العراقية والأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني خلال التجمع الجماهيري في السليمانية بمناسبة تأسيس حزبه («الشرق الأوسط»)
TT

أثناء مشاركته في احتفالات حزبه بالذكرى السنوية الـ36 لتأسيسه أطلق الرئيس العراقي جلال طالباني، الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، مبادرة للمصالحة مع المعارضة الكردستانية بهدف تجاوز الأزمة السياسية التي تعصف بالإقليم منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فيما أعلن المتحدث باسم حركة التغيير التي تتزعم جبهة المعارضة الكردية «أن المعارضة والسلطة تعيشان في إقليم واحد وينبغي أن يكون هناك تفاهم بينهما، لكن في إطار المنافسة السياسية والحزبية المشروعة والمدعومة بالعملية الديمقراطية».

وكان الرئيس طالباني قد دعا جميع الأحزاب والقوى الكردستانية في خطاب ألقاه في جماهير حزبه المحتشدين في «بارك آزادي» بمدينة السليمانية إلى «حماية المكاسب القومية والوطنية المتحققة للشعب الكردي، وأن تسعى لانتزاع المزيد من المكاسب»، مؤكدا أن «نضالنا القومي لم ينته بعد وهناك الكثير من المطالب التي ينبغي أن نسعى إلى تحقيقها، وهذا يتطلب مزيدا من دعم وصيانة وحدة الصف الكردي». وقال طالباني: «أدعو جميع الأطراف بالإقليم وخصوصا أحزاب المعارضة إلى الاستجابة لندائنا من أجل الحوار والتفاوض لحل القضايا العالقة، ونتمنى أن لا ينظر أحد إلى النداءات المتكررة من حزبينا الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني للحوار باعتبارها ضعفا، بل ينبغي عليهم أن ينظروا إلى الشارع الكردي وإلى نتائج الانتخابات ليقدروا مدى القوة الشعبية التي يتمتع بها هذان الحزبان، وأوجه رسالة إلى الأخوة في الأحزاب الإسلامية وأؤكد لهم من خلالها أننا حاولنا كثيرا أن يكونوا مشاركين معنا بالحكومة، واليوم نحترم خيارهم بانضمامهم إلى المعارضة، والمعارضة عموما تعلم جيدا بأن النضال المتحقق في كردستان جاء على أكتاف الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني ولكن مهمة صيانتها وحمايتها تقع على عاتق الجميع» ووجه طالباني كلامه إلى حركة التغيير المنافسة لحزبه وقال «إن النضال الذي تفتخرون به اليوم هو نتاج ما تحقق في الماضي» ويقصد طالباني من خلال ذلك الإشارة إلى كون معظم قيادات حركة التغيير كانوا بالأساس من أعضاء قيادة وكوادر الاتحاد الوطني.

وأعرب طالباني عن أمله أن يتوج اللقاء المنتظر غدا باتفاقات تنهي الأزمة الحالية في كردستان، وقال: «نحن في الاتحاد والديمقراطي نرغب في المصالحة ونؤكد أنه لا يمكن تحقيق أي مكاسب بمعزل عن هذين الحزبين». وأضاف: «لم نتردد في أي لحظة عن تجديد حزبنا، ولم تخوفنا تحسن العلاقات بين الأحزاب والقوى الكردستانية، وعلينا أن نتعظ من دروس الاقتتال الداخلي، لأن الوقائع أثبتت بأنه لا يمكن أن نحقق شيئا بالقتال، ولذلك ندعو جميع الأطراف إلى أن لا تزايد علينا بشعارات الإصلاح والتغيير، لأننا بالأساس رفعنا هذه الشعارات منذ زمن بعيد ونادينا بها، لذلك نعتقد أن الإصلاح يتحقق على أيدي هذين الحزبين الرئيسيين، وإذا أراد الإخوة في المعارضة أن تتقدم مسيرة الإصلاح والتغيير إلى الأمام فليتفضلوا وليشاركوا معنا في ذلك فأيدينا ممدودة إليهم دائما».

وشدد طالباني على أهمية بقاء إقليم كردستان ضمن «عراق ديمقراطي وفيدرالي»، وقال «إن المهمة الوطنية الرئيسية للاتحاد الوطني الكردستاني اليوم، هي الحفاظ على المكاسب المتحققة على مستوى العراق وكردستان، وحماية العراق الديمقراطي الفيدرالي المستقل تعيش في إطاره كردستان حرة وأبية». وتطرق الرئيس طالباني إلى «الوضع في العراق، للأسف لم يستتب بشكل نهائي، ولم تتم معالجة المشكلات في بغداد بصورة جيدة، كما لم تنفذ الاتفاقات المبرمة كاملة، لذلك نعمل على تشكيل حكومة ائتلافية ديمقراطية تمثل جميع مكونات العراق بما فيها شعب كردستان».

وفي أول رد فعل من المعارضة على خطاب طالباني أكد المتحدث الرسمي باسم حركة التغيير القيادي محمد توفيق رحيم في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» أمس «نحن في الواقع نعيش في إقليم واحد سواء من أحزاب السلطة أو المعارضة، وعليه لا بد أن نتعايش معا ولكن في إطار منافسة سياسية وحزبية مشروعة ضمن العملية الديمقراطية، ونحن سنذهب إلى اجتماع السبت لكي نستمع إلى ما لدى أحزاب السلطة فيما يتعلق بالشروع بالإصلاحات المطلوبة جماهيريا، وبناء على ما ستسفر عنه المحادثات سنعلن عن مواقفنا للمرحلة المقبلة». وحول جاهزية المشروع الذي سيقدمونه إلى المباحثات، قال رحيم «المشروع هو ذاته الذي طرحناه سابقا والمؤلف من 22 نقطة والتي نعتقد أنها تشكل المطالب الأساسية والملحة للشارع الكردي والمعارضة أيضا». وبتذكيره بأن المشروع ضم مطلبا أساسيا للمعارضة وهو حل الحكومة والبرلمان، وما إن كان هذا الشرط ما زال مدرجا ضمن المشروع، أجاب: «المشروع هو نفسه وبالنقاط الـ22، وسنقدمه إلى الأطراف الأخرى خلال مباحثاتنا المقبلة، والمشروع عموما يجسد موقفنا كمعارضة ونعتبره خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية الحالية، ولكن ما هو مدرج بالمشروع قابل للمناقشة والأخذ والرد، والمهم أننا لا نريد أن تطول المباحثات وأن نخرج بنتائج ترضي جماهير الشعب بأسرع وقت ممكن». وحول الخيارات المحتملة في حال فشلت المحادثات قال رحيم «كل الخيارات مفتوحة بما فيها العودة إلى الشارع الكردي في حال عدم التوصل إلى نتائج مرضية لجميع الأطراف المعنية بالأزمة».