المعارضة لم تحقق شيئا رغم 16 «جمعة غضب».. والحكومة اكتفت بإجراءات خدمية لكنها تراخت

TT

من المفروض أن يكون هذا الأسبوع حاسما في العراق سواء لجهة المعارضة التي تبنت منذ 17 جمعة مظاهرات «يوم الجمعة» في ساحة التحرير وسط بغداد أو لجهة الحكومة التي وإن بدت منقسمة على نفسها في قضايا كثيرة إلا أن مهلة المائة التي حددتها لنفسها لتحسين أدائها والتي تنتهي في السابع من الشهر الحالي بدت وكأنها عامل توحيد للحكومة التي تتشارك المسؤولية فيها كل الكتل السياسية التي فازت بانتخابات مارس (آذار) 2010.

وخلال هذه المائة يوم تم تبادل أدوار كثيرة بين المعارضة والموالاة وهو المصطلح الذي لا يزال بحاجة إلى المزيد من التوصيف في الحالة العراقية بخلاف الحالة اللبنانية التي لا وجود لحدود رمادية أو مائعة بين الموالاة أو المعارضة. وطوال الأشهر الثلاثة الماضية التي اندلعت فيها المظاهرات العراقية تيمنا بـ«ربيع العرب» لم يتم حسم أي شيء. فلا المعارضة حققت شيئا مع أنها ظلت على مدى 16 جمعة غضب تكتفي بمظاهرات تكاد وجوه منظميها والمشاركين فيها لا تتبدل حتى إنه حفظتهم عن ظهر قلب أجهزة مكافحة الشغب التي تخلت في الجمع الأخيرة عن مبدأ غلق الطرق والشوارع والجسور بل كثيرا ما بقيت تكتفي بالفرجة على لافتات المتظاهرين وشعاراتهم وهوساتهم، ولا الحكومة التي اكتفت بمجموعة من الإجراءات الخدمية التي كان فيها أول الأمر نوع من الحزم الذي سرعان ما تراخى بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن مظاهرات الغضب ليس فيها ما يستدعي الخوف لا من قريب ولا من بعيد.

مع ذلك فقد تم خلال الفترة التي سميت المائة يوم تبادل أدوار كثيرة داخل الطبقة السياسية الحاكمة. فالحكومة تم اختزالها في رئيس الوزراء نوري المالكي بينما تبنى عدد من خصومه الشركاء مفاهيم الشارع وطرقوا على حديد المظاهرات في أيامه الأولى وهو ساخن من أجل إحراجه «المالكي» والإثبات أمام الشارع «الغاضب» أن سبب الغضب يتحمله المالكي وحده لأنه لا يشارك الآخرين في صنع القرار الحكومي. المالكي من جهته لم يكذب خبرا عندما أعلن أكثر من مرة أن الوزارات الخدمية التي تهم الناس بالدرجة الأولى ليست بيده بل بيد أبرز شريكين وخصمين له وهما القائمة العراقية والتيار الصدري. ليس هذا فقط فإنه أعلن عن منحه نوابه الثلاثة ومن بينهم القيادي في العراقية صالح المطلك نائبه لشؤون الخدمات والإعمار كل الصلاحيات. والاهم من ذلك أن الوزارة الأخطر في العراق اليوم وهي وزارة الكهرباء بيد القائمة العراقية. والأمر نفسه ينطبق على التيار الصدري الذي يدير عدة وزارات خدمية هو الآخر.

الآن توشك مهلة المائة التي حددها المالكي على الانتهاء بينما تأتي دعوة تمديدها إلى مائة يوم أخرى ليس منه وإنما من التيار الصدري. وفي كل الأحوال فإن القائمة العراقية التي علقت مشاركتها في لجان التفاوض مع ائتلاف المالكي (دولة القانون) عينها ليس على المائة يوم بل على اتفاقيات أربيل. وبين الدعوة للتمديد من الصدريين وتعليق الاجتماعات من العراقية جاءت مفاجأة الموسم من المجلس الأعلى الإسلامي بإعلان استقالة النائب الأول لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي.

لم يتبق سوى سباق واحد بين المالكي صاحب فكرة المائة يوم ومتظاهري ساحة التحرير أصحاب جمع الغضب وهو نوع من سباق المسافات القصيرة هذه المرة. فصيف العراق الساخن لا يسمح بمظاهرة جمعة أخرى والجو السياسي في العراق يزداد سخونة مع ظهور دعوات للمالكي بتشكيل حكومة أغلبية سياسية لا سيما مع تكرار تهديد القائمة العراقية بالانسحاب من الحكومة تارة ومن البرلمان تارة أخرى ومن كليهما مرة ثالثة ليقتصر الأمر بسبب الخلافات داخل قادة القائمة على مجرد تعليق الحضور في اجتماعات اللجان وهو ما بات يعطي ائتلاف المالكي قوة أكبر خصوصا أنه منح الصدريين حق التظاهر يوم الخميس عبر إجازة رسمية بينما اعتقلت قوات الشغب أربعة من متظاهري الجمعة وصدرت بيانات خجولة من هنا وهناك للتنديد بعملية الاعتقال التي بدت لا ضرورة لها لأن قوات مكافحة شغب الحكومة تملك قائمة بالشتائم الأسبوعية التي يرددها المتظاهرون منذ 16 جمعة ليس فيها ما يمثل خروجا على النص.