شكوك حول عزم واشنطن على التدخل لصالح ميدفيديف ضد بوتين في الاستحقاق الرئاسي

TT

يحتدم الجدل في الأوساط السياسية بموسكو حول مغزى اختيار الرئيس الأميركي باراك أوباما اسم مايكل ماكفول، رئيس قسم روسيا في مجلس الأمن القومي الأميركي (47 عاما) لترشيحه سفيرا لواشنطن في موسكو خلفا للسفير جون بايرلي الذي لم يكن قد مضى على بداية عمله في موسكو أكثر من عامين ونصف العام. وقالت مصادر في روسيا، إن أوباما تعمد اختيار ماكفول استنادا إلى عمله بجواره كمتخصص في شؤون روسيا منذ سنوات دراسته في جامعة ستانفورد واعترافا منه بأهمية العلاقة مع روسيا، حتى يواكب الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المرتقبة نهاية العام الحالي والرئاسية مطلع العام المقبل، وهو الذي طالما اعتبروه «مهندس عملية إعادة إطلاق العلاقات بين البلدين».

وأشارت شبكة «نيوز رو» الروسية إلى أن الولايات المتحدة، وحسب اعتقاد كثيرين على حد قولها، ستتابع بمزيد من الاهتمام وبمساعدة أحد كبار خبرائها في الشؤون الروسية ممن يعلون المثل الديمقراطية وينتقدون سياسات رئيس الوزراء فلاديمير بوتين، الاستعدادات للانتخابات وربما تحاول التدخل في مساراتها. وخلصت إلى احتمالات أن تحاول اللعب إلى جانب الرئيس ديمتري ميدفيديف في معركته ضد بوتين وفكرته الاستراتيجية القوية حول تشكيل الجبهة الشعبية لعموم روسيا التي أعلن عن تشكيلها في مايو (أيار) الماضي استعدادا للانتخابات البرلمانية. غير أن الشواهد تقول إن الرهان على ميدفيديف يظل محفوفا باحتمالات كونه الرهان غير الصحيح، لا سيما بعد أن شهدت الأسابيع الأخيرة تراجعا ملموسا في نسبة شعبيته بسبب ما وصفوه بالليبرالية المبالغ فيها وفشله في تحقيق التقدم على طريق تحديث الدولة وتنفيذ الكثير مما تعهد به في بداية ولايته في نفس الوقت الذي تتزايد فيه حدة الهجوم الكاسح من جانب منافسه الرئيسي بوتين بعد إعلانه عن تشكيل الجبهة الشعبية وتكثيفه لجولاته الخارجية في الكثير من أرجاء الدولة الروسية.

ونقلت «نيوز رو» عن ديمترى سايمز، رئيس مركز نيكسون للدراسات السياسية والروسي الأصل قوله، إن البيت الأبيض يبدو قد استكان لفكرة عودة بوتين إلى الكرملين، لا سيما على ضوء فكرة استعانته برئيس حكومة ليبرالي التوجهات على غرار إيغور شوفالوف الذي يعمل اليوم إلى جانبه نائبا أول لرئيس الحكومة الروسية أو ألكسي كودرين نائبه في رئاسة الحكومة ووزير المالية. وكشف عن دعوة تلقاها بوتين لزيارة الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة أي قبل إجراء الانتخابات وهي الدعوة التي وجهها إليه جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي بإيعاز من أوباما الذي لا يستطيع بحكم منصبه توجيه الدعوة إلى رئيس وزراء وبما يعني أن الإدارة الأميركية لا تريد تدمير أي جسور، حسب قول سايمز. غير أن الواقع يقول أيضا إن الكثيرين سئموا تكرار السؤال الذي لا يخلو منه أي مؤتمر أو لقاء صحافي حول مدى ما يمكن التوصل إليه بين رفيقي الأمس ميدفيديف ورئيس حكومته بوتين بشأن الترشح لمنصب الرئيس في الانتخابات المرتقبة، وهو ما يرد كلاهما عليه عادة بأنهما سيتفقان وأنهما رفيقان من «دم واحد». وذلك يدفع كثيرين إلى التندر بما يسمونه تواصل مسلسل «التوريث» على الطريقة الروسية في ظل احتكار حزب بعينه للأغلبية الدستورية واستئناف محاولات ترميم ما تهدم من مواقعه خلال السنوات القليلة الماضية من خلال طرح فكرة تشكيل الجبهة الشعبية وحشد القوى التصويتية للانضمام إلى قائمته الموحدة لخوض الانتخابات البرلمانية المرتقبة في ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي.

وحول شأن ذي صلة، توجه بوتين، أمس، إلى أبخازيا لحضور جنازة سيرغي باغاش، رئيس هذه المنطقة الجورجية الانفصالية الموالية لروسيا. وعبر بوتين عن تعازيه لزوجة باغاش وابنته قبل حضور الموكب الجنائزي في مقبرة سوخومي عاصمة جمهورية أبخازيا المعلنة من جانب واحد. وكانت روسيا اعترفت في عام 2008 باستقلال أبخازيا وكذلك أوسيتيا الجنوبية، وهي جمهورية جورجية انفصالية ثانية موالية لروسيا، بعد حرب خاطفة مع جورجيا للسيطرة على أوسيتيا الجنوبية. وتوفي باغاش عن 62 عاما الأحد في مستشفى بموسكو إثر عملية في الرئة. وكان أودع نهاية الشهر الماضي في المستشفى لتلقي العلاج.