صالح في شريط صوتي بعد قصف قصره: سنلاحق «عصابة أولاد الأحمر»

الرئاسة اليمنية: الرئيس بخير.. ومقتل 7 حراس وإصابة رئيسي مجلس النواب والحكومة ومسؤولين آخرين

سيارة عسكرية تحترق أثناء اشتباكات بين الجيش ومسلحين معارضين في مدينة تعز اليمنية الجنوبية أمس (رويترز)
TT

تصاعدت حدة المواجهات في العاصمة اليمنية، صنعاء، أمس، حيث وصلت نيران القذائف إلى قصر الرئاسة، وترددت أنباء عن إصابة الرئيس، علي عبد الله صالح، وعدد من كبار مسؤوليه ومقتل عدد من أفراد حراسته، وذلك بعد مواجهات دامية شهدتها صنعاء منذ فجر أمس بين القوات الموالية لصالح وأنصار زعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق بن عبد الله الأحمر، في حين جدد مجلس التعاون الخليجي دعوته للأطراف اليمنية إلى سرعة وقف إطلاق النار.

وتعرض القصر الرئاسي، في حي السبعين، لقصف أسفر عن إصابة الرئيس صالح ورئيس مجلس النواب (البرلمان) يحي الراعي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، وعدد آخر من المسؤولين، بالإضافة إلى مقتل عدد من حراسة القصر الرئاسي، لكن مصدرا في رئاسة الجمهورية اليمنية نفى إصابة الرئيس اليمني وقال المصدر، في بيان بثته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إن ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن إصابة صالح «ليس له أساس من الصحة».

وظهر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على التلفزيون اليمني، في وقت متأخر من مساء أمس، في تسجيل صوتي هو الأول من نوعه له، وتحدث عن أنه بخير وتوعد بملاحقة من سماها «عصابة أولاد الأحمر»، والعناصر الخارجة على النظام والقانون، واعترف بمقتل 7 ضباط وجنود وجرح رئيسي مجلسي النواب والشورى ورئيس مجلس الوزراء وغيرهم، وتعهد بملاحقة الجناة.

وبدا صوت صالح منهكا ومتعبا ويبدو أنه مصاب، وأنه يتحدث وهو ممدد على الفراش وليس واقفا أو جالسا، كما وصف ما يجري في اليمن بأنه ليس له علاقة بالثورة السلمية في «ساحة التغرير» كما سماها، واتهم جماعة الأحمر باحتلال مؤسسات الدولة وقال إن ذلك ليس له علاقة بالساحة، كما وصف ما يجري بأنه حركة انقلابية «للسطو على المال العام»، وقال مخاطبا شعبه: «إذا أنتم بخير فإنا بخير» وإن ما حدث جرى أثناء وساطة جديدة بينه و«عصابة التمرد من أولاد الأحمر»، وتمنى صالح الشفاء العاجل للجرحى.

وقالت مصادر وشهود عيان في صنعاء إن الرئيس صالح نقل إلى المستشفى العسكري بحي شعوب لتلقي العلاج هو ومن معه من كبار قادة الدولة الذين أصيبوا في القصف، وبعد أن كان مصدر في رئاسة الجمهورية أعلن أن صالح سيلقي خطابا إلى الشعب اليمني، قال مسؤولون آخرون في الحكومة والرئاسة إنه سيعقد مؤتمرا صحافيا، في إشارة إلى إثبات أنه بخير، وكانت الأوساط في اليمن وخارجه انتظرت الخطاب أو المؤتمر الصحافي، لكن نائب وزير الإعلام اليمني، عبده الجندي، أعلن أن المؤتمر الصحافي لصالح تم تأجيله إلى وقت قريب، وقد ترك هذا التأجيل علامات استفهام كثيرة حول وضع صالح الصحي.

وأضاف البيان أنه «أثناء صلاة الجمعة حدث اعتداء غادر بقذيفة ناسفة على مقدمة مسجد دار الرئاسة أثناء وجود الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ومعه كبار قادة الدولة والحكومة لأداء الصلاة، وقد أسفر هذا الاعتداء الغاشم عن استشهاد 3 من الحراسة وإصابة خطيب الجمعة الشيخ علي محسن المطري، وعدد من المسؤولين والضباط بجروح مختلفة»، وأشار إلى أن صالح «في خير وعافية وفي صحة جيدة والحمد لله»، وأن «الأجهزة المختصة تجري التحريات والتحقيقات حول الاعتداء الغادر والجبان الذي يعكس الحقد الدفين في نفوس أولئك المتآمرين والحاقدين على الشعب والوطن وقيادته وعلى الأمن والاستقرار».

من جانبه أكد نائب وزير الإعلام اليمني، عبده الجندي، إصابة صالح في القصف، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن إصابته طفيفة ولا تكاد تذكر، وأشار أيضا إلى إصابة عدد من المسؤولين، واتهم «أولاد الأحمر» واللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى مدرع، بالوقوف وراء عملية القصف.

وجاء القصف على القصر الرئاسي في صنعاء، بعد أن تعرض منزل الشيخ حميد الأحمر، شقيق زعيم قبيلة حاشد، في حي حدة الراقي، ويعتقد أن القصف المضاد جاء من المنطقة ذاتها. من جانبه نفى مكتب الشيخ صادق الأحمر أي علاقة لهم بالقصف الذي استهدف مسجد قصر الرئاسة، واتهم الأحمر الرئيس صالح بجمع المسؤولين في الرئاسة والإيعاز إلى الحرس الجمهوري لقصف المكان من أجل إيجاد مبرر لقصف منزل حميد الأحمر، وفي بيان صادر عنه، قال صادق الأحمر إن ما حدث في دار الرئاسة هو من «فبركات صالح التي لم تعد تنطلي على اليمنيين»، وإنها «أصبحت مفضوحة»، واعتبر ما حدث، أيضا، أنه محاولة لـ«التغطية على جرائم صالح ومقدمة لجرائم جديدة».

كما اتهم قوات صالح بمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى منطقة حدة لإسعاف الجرحى الذين سقطوا في القصف الذي استهدف منزل حميد الأحمر، وقالت المصادر ذاتها إن قوات صالح قامت، أيضا، بقصف منزل نائب رئيس مجلس النواب، حمير الأحمر، وعدد من المنازل المجاورة له.

وعقب أحداث القصر الرئاسي، تجددت الاشتباكات في حي الحصبة بين قوات صالح ومسلحي الأحمر، وكانت مواجهات عنيفة دارت مساء أول من أمس وفجر أمس في حي الحصبة، حيث قصفت قوات صالح المنطقة وأدى القصف إلى احتراق مبنى «شركة الخطوط الجوية اليمنية» ومبنى «شركة طيران السعيدة»، وأكد شهود عيان اندلاع النيران في «جولة سبأ» بالقرب من «بنك التسليف التعاوني الزراعي»، وقد تبادلت السلطات ومكتب الشيخ الأحمر الاتهامات بشأن التسبب في الحرائق التي طالت تلك المؤسسات والمباني، وحسب شهود عيان فقد أصابت بعض القذائف التي أطلقها أنصار الأحمر مدرسة للبنات ومسجد البكيرية المقابل للمقر الرئيسي لجهاز الأمن القومي (المخابرات) في حي شعوب قرب صنعاء القديمة.

وفي سياق التطورات الأمنية في صنعاء، قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات دارت في منطقة عصر غرب العاصمة، وأخرى جرت في جولة المصباحي، وقالت المصادر إن الاشتباكات دارت بين مسلحين قبليين وقوات حكومية، وأشارت مصادر مستقلة إلى سقوط ما لا يقل عن 5 قتلى في قصف لقوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح على حي حدة، وإلى أن المسعفين لم يتمكنوا من الوصول إلى الجرحى والمصابين، وفي «ساحة التغيير» قال نشطاء ومعتصمون إن قوات صالح تستعد وتحضر لاقتحام الساحة بالقوة وفض الاعتصام على غرار ما حدث في تعز.

وفي محافظة تعز، تمكن شباب الثورة من العودة إلى «ساحة الحرية» في منطقة عصيفرة بشمال المدينة للاعتصام مجددا، بعد أيام على فض قوات الأمن والحرس الجمهوري لاعتصامهم بالقوة عبر المصفحات وإحراق الخيام، وهي الأحداث التي راح ضحيتها قرابة 100 قتيل ومئات الجرحى والمصابين من المتظاهرين المطالبين برحيل صالح، وجاءت عودة المعتصمين إلى الساحة بعد اشتباكات عنيفة شهدتها المدينة بين قوات الأمن والحرس من جهة، ومسلحين من قبائل تعز الذين يقولون إنهم يحمون شباب الثورة من «اعتداءات» قوات الأمن، كما وصفت، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين تمكنوا من إحراق 3 أطقم عسكرية، وإثر ذلك تعرضت أجزاء من المدينة لقصف عشوائي. وأشارت مصادر محلية إلى سقوط 3 قتلى من المتظاهرين، في حين قالت السلطات اليمنية إن 4 جنود قتلوا وجرح 26 آخرين في «اعتداءات مجاميع مسلحة تابعة لأحزاب اللقاء المشترك أقدمت على مهاجمة أفراد الأمن وقوات مكافحة الشغب العزل من السلاح، كما اقتحمت مبنى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وقامت بإطلاق النار بشكل عشوائي على الجنود والأحياء السكنية مستخدمة بذلك الأسلحة الثقيلة والخفيفة».

وقال نشطاء في ثورة الشباب بتعز إن 9 من جنود الأمن المركزي الذين كانوا يتمركزون على مبنى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة المطل على «ساحة الحرية»، أعلنوا، مساء أمس، انضمامهم للثورة وألقوا بأسلحتهم أمام المعتصمين. وخرجت مسيرات مليونية في معظم المحافظات اليمنية لأداء الصلاة في الساحات في ما سميت «جمعة الوفاء لتعز»، وهي مظاهرات منددة بما تعرض له المعتصمون في تعز، الأسبوع الماضي، من قمع عنيف أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى. وفي صنعاء تجمع عدد من أنصار الرئيس صالح في ميدان السبعين، في يوم جديد أطلق عليه اسم «جمعة الأمان».