«جمعة أطفال سوريا» تشهد كبرى المظاهرات ضد نظام الأسد.. ومجزرة جديدة في حماه

أهالي درعا يحرقون أعلام إيران وروسيا والصين.. وأطفال يشاركون في التجمعات

أطفال يشاركون في مظاهرة بكفرنبل في يوم «جمعة أطفال سوريا»، في صورة مأخوذة من شريط على موقع «يوتيوب»، أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت سوريا أمس كبرى المظاهرات منذ بدء الحركة الاحتجاجية منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، وخرج مئات الآلاف من السوريين الغاضبين في عدد من المدن السورية يطالبون بإسقاط النظام، في «جمعة أطفال سوريا»، في ما يبدو أن مقتل الأطفال على أيدي رجال الأمن، وتعرضهم للتعذيب، يثير غضبا واسعا بين السوريين.

ودفعت حماه أمس الحصة الأكبر من القتلى، إذ سقط 34 قتيلا على الأقل من المدنيين، بينما جرح العشرات في المظاهرات التي شارك فيها عشرات الآلاف، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطين آخرين. وأعلن رامي عبد الرحمن، مدير المرصد الذي يتخذ مقرا له في لندن، «قتل ما لا يقل عن 34 شخصا في حماه برصاص قوات الأمن، لكن هذه الحصيلة قد ترتفع نظرا لإصابة عدد من الأشخاص بجروح بالغة». واستمر إطلاق النار على المتظاهرين المدنيين لوقت متأخر أمس في حماه، بحسب ما قال ناشطون على الإنترنت، وخصوصا في حي البرازية والعليليات. وأشار الناشطون إلى إمكانية ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من مائة برصاص قوات الأمن، وبثوا نداءات خلال النهار للتبرع بالدم للمستشفيات في المنطقة. وقالوا إن أغلب الإصابات كانت في الرأس والرقبة برصاص القناصة المنتشرين على أسطح المباني، إضافة إلى إصابات أخرى في مختلف أنحاء الجسم والقسم العلوي تحديدا عند التعرض للإطلاق النار العشوائي من البنادق الآلية. وذكرت صفحة «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، على موقع «فيس بوك»، أن هناك أكثر من 40 جثة في مستشفى الحوراني وأن المستشفيات بشكل عام تشكو من نقص الدم والمواد الإسعافية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد المشاركين في المظاهرة في حماه فاق الـ50 ألف شخص. وأضاف «مظاهرات اليوم (الأمس) هي الأضخم في سوريا منذ بدء الاحتجاجات على الرغم من قرار العفو الذي أصدره الرئيس (بشار) الأسد. هذا يدل على أن الشعب لم يعد يثق بالنظام».

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية، إن ناشطين أكدوا أن قوات الأمن أطلقت النار «بشكل مباشر» على المتظاهرين بالقرب من مقر حزب البعث في المدينة. وقال أحد الناشطين «لقد سقط بين 25 و30 شهيدا، وهناك مئات الجرحى أيضا». وأضاف «لقد قاموا بإطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين، ولم يحاولوا تفريقهم بالغاز المسيل للدموع. استخدموا الغاز المسيل للدموع فقط بعد أن قاموا بإطلاق النار». وأكد الناشط أن المتظاهرين كانوا يرددون «بشكل سلمي» هتافات مطالبة بالحرية وتدعو لإسقاط النظام. وتحدث ناشط آخر عن عدد أكبر من القتلى «قد يتجاوز الخمسين». وأضاف «ما جرى مجزرة حقيقية».

في المقابل، أعلن التلفزيون الرسمي السوري عن «مقتل ثلاثة مخربين خلال اقتحامهم وحرقهم لمبنى حكومي في حماه وتصدي قوات الشرطة لهم». وفي عام 1982، أوقع قمع شديد لانتفاضة قادتها حركة الإخوان المسلمين في حماه ضد نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد، 20 ألف قتيل.

وفي شمال سوريا، احتشد عشرات آلاف الأشخاص أتوا من المناطق المجاورة، في معرة النعمان، كما قال ناشط. وتظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص أيضا في القامشلي وراس العين وعامودا، كما أكد الناشط الكردي في مجال حقوق الإنسان حسن برو. وفي الساحل الغربي، تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في مدينة بانياس الساحلية (غرب)، كما قال أحد النشطاء. وفي الجنوب، أطلقت قوات الأمن النار في الهواء لتفريق مظاهرة في جاسم قرب درعا مهد المظاهرات، كما ذكر ناشط في مجال حقوق الإنسان اتصلت به وكالة الصحافة الفرنسية.

واحتشد آلاف المتظاهرين أيضا في دمشق والقرى المجاورة، كما قال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي. وقال ناشطون على الإنترنت إنه جرى إطلاق النار على مجموعة من المتظاهرين في برزة البلد بدمشق، مما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل، وعدد من الجرحى. وأكدت وكالة الأنباء السورية من جهتها أن «مئات الأشخاص» احتشدوا في حماة وتحدثت عن تجمعات في محافظة أدلب (شمال غرب). وتحدث التلفزيون السوري عن «نحو 10 آلاف» متظاهر في حماه. وأظهر شريط تم تحمليه على «يوتيوب» مجموعة من الشبان السوريين في درعا، يحرقون أعلام إيران وروسيا والصين. وتعارض موسكو وبكين مشروعا أوروبيا - أميركيا لإدانة النظام السوري في مجلس الأمن.

وذكرت صفحة «لجان التنسيق السورية» على موقع «فيس بوك»، أن مظاهرة خرجت في ريف دمشق، في جديدة عرطوز، وقطع نحو ألف متظاهر الطريق العام إلى قطنا لمدة نحو نصف ساعة وهم يهتفون للحرية.

وفي دير الزور، قال ناشطون إن 8 قتلى على الأقل سقطوا بنيران الأمن، بينما جرح أكثر من 25 آخرين، مشيرين إلى أن معظم الإصابات في الصدر. وأضافوا لاحقا أن الجيش والأمن يحاصرون منطقة الوادي في حي الجورة، وأن إطلاق النار مستمر على المتظاهرين من الأسلحة الفردية وأخرى محمولة على آليات الجيش والمدرعات. وذكروا أن عدد المصابين وصل إلى أكثر من 35 أكثرهم أصيب في صدره ولا يمكنهم الوصول إلى المستشفيات، وأشاروا إلى أن مستشفى الأسد محاصر، ولا يمكن لأحد الوصول إلى الجرحى الموجودين فيه، وأضافوا أن هناك أنباء تتوارد عن «تصفية الجرحى».

وخرجت في داعل المحاصرة، مظاهرة تأييد لحماه. كما خرج في أرقة نحو 3 آلاف متظاهر، كذلك في قرية حزانو في أدلب. وذكر ناشطون أن عدد المتظاهرين في أريحا وفي أدلب وصل إلى 150 ألفا. وخرجت مظاهرة عارمة في كفرنبل في أدلب، وأظهر شريط جرى تحمليه على موقع «فيس بوك»، أن المتظاهرين رفعوا يافطات كتب عليها «الشعب السوري: على الأسد التنحي فورا»، كما رفعوا يافطات كتب عليها «كفرنبل، جمعة أطفال الحرية» وأضافوا تاريخ الأمس. وحملوا أيضا لافتات كتب عليها: «اللهم فك عقدة لسان الجامعة العربية الخرساء». كما هتف آلاف المتظاهرين وهم يمشون «الشعب يريد إسقاط النظام».

وفي القامشلي، حمل عشرات الأطفال علما سوريا عملاقا، بينما مشوا في مظاهرة شارك فيها الآلاف وهم يهتفون للحرية، بحسب ما أظهر شريط مصور على هاتف جوال ونشر على موقع «فيس بوك».

وفي حمص، قال ناشطون إنه جرى إطلاق نار في الرستن من بنادق آلية، وأضافوا أن قوات الأمن يرافقها الجيش، اقتحمت البيوت في حملة اعتقالات واسعة. وأشاروا إلى انشقاق نحو 25 عنصرا من الجيش بعد أوامر لقصف الأحياء وإطلاق النار على المدنيين.

وبث موقع «أوغاريت» الإخباري، شريطا لمظاهرة ضمت الألف في أدلب في منطقة جسر الشغور وسمع صوت مصور الشريط يقول «اليوم جمعة أطفال الحرية» ويذكر التاريخ، ومن ثم يضيف أن المظاهرة هي «لإسقاط النظام». ورفع المتظاهرون الأعلام السورية، كما سمع صوت تسجيل أغنية تدعو للحرية. ورفعت يافطات من بينها واحدة كتب عليها «الشعب يريد حياة من دون مخابرات».

ووردت أنباء من درعا عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى هناك، وقال ناشطون إن نحو 30 دبابة اقتحمت كلا من الحراك ودرعا البلد، وجرت حملة اعتقالات في المدينة بعد المظاهرة التي انطلقت من الجامع العمري.

في هذه الأثناء، توقفت خدمة الإنترنت في معظم المدن وخصوصا دمشق واللاذقية، بحسب ما ذكر سكان العديد من الأحياء في المدينتين لوكالة «فرانس برس». وقال العديد من السكان إن «الإنترنت مقطوعة» في دمشق منذ الصباح. وأكد ناشط حقوقي «في اللاذقية الإنترنت مقطوعة» أيضا. وكان تم قطع خدمة الإنترنت ليوم في بداية أبريل (نيسان) الماضي بسبب عطل نجم عن الضغط على الشبكة، بحسب شركة الاتصالات السورية.