طالباني: علاقتنا مع السعودية استراتيجية.. وخسرنا فرصة استضافة القمة بسبب المعالجة الخاطئة لقضية البحرين

الرئيس العراقي في حديث لـ «الشرق الأوسط» : لديَّ مبادرة لمعالجة أزمة العراق بهدوء.. وأتوقع تغييرا حكوميا وشيكا في بغداد

الرئيس العراقي جلال طالباني («الشرق الأوسط»)
TT

من منصة الاحتفال بالعيد الـ36 لتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي في أكبر متنزهات مدينة السليمانية (باركي آزادي)، حيا الرئيس جلال طالباني حشود المحتفلين، بينما كانت ذاكرته تأخذه إلى اللقاء التأسيسي لحزبه عام 1975 في دمشق مع ثلاثة من رفاقه، وكيف أن هذا الحزب اتسعت دائرة أعضائه وأنصاره ليقود أمينه العام إلى منصب رئاسة جمهورية العراق بعدما كانت كل قرارات العفو التي أصدرها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين تستثني طالباني.ومنذ آخر حديث للرئيس طالباني لـ«الشرق الأوسط» في يونيو (حزيران) العام الماضي؛ حيث عقد المؤتمر العام للاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة السليمانية، لم يتحدث الرئيس العراقي لأي وسيلة إعلامية. وفي حواره الذي خص به صحيفتنا بمناسبة ذكرى تأسيس حزبه، وهو أيضا الحوار الأول منذ عودته معافى من رحلة فحوصات طبية اعتيادية أجريت له في الولايات المتحدة، وصفها بأنها «جيدة، وصحتي والحمد لله ممتازة ولا أشكو من أي عوارض صحية»، تحدث الرئيس طالباني عن وضع الاتحاد الوطني بوصفه الأمين العام له، كاشفا للمرة الأولى عن تشابكات انشقاق نائبه السابق في الحزب نوشيروان مصطفى، وعن تشابكات العملية السياسية العراقية، معلنا عن وجود مبادرة له لحل الأزمة «بهدوء عراقي تام». وفيما يلي نص الحوار..

* عندما كنتم أمام هذا الحشد الكبير من أنصار حزبكم في العيد الـ36 لتأسيس الاتحاد الوطني، هل عدتم بذاكرتكم إلى اليوم الذي التقيتم فيه رفاقكم لتأسيس الحزب؟ وهل كنتم تتصورون أن الاتحاد سيأخذ هذا المدى الكبير؟

- نعم، كان هذا شيئا طبيعيا، خاصة أنه كان معي على منصة الاحتفال ثلاثة من رفاقي المؤسسين للاتحاد الوطني، كنا في البداية أربعة أشخاص: أنا والدكتور فؤاد معصوم وعادل مراد وعبد الرزاق ميرزا، وقلت إن هناك اثنين من الإخوة في أوروبا، ومن دون أن أذكر اسميهما، وقلت هما خولاني أن أهنئكم بهذه المناسبة، والسابع، وأقصد الأخ نوشيروان مصطفى، قلت: يمكنه هو أن يهنئكم بنفسه.. هذه الجماهير التي احتشدت احتفالا بالعيد الـ36 لتأسيس حزبنا لم تحتفل في السليمانية فقط، بل في أربيل ودهوك وكركوك، ورانية وشهرزور وكرميان وجمجمال وفي مناطق كثيرة أخرى، شخصت للمتابعين ثلاث حقائق مهمة بالنسبة لنا، هي: أن الاتحاد في حالة انتعاش وتقدم، بالطبع هناك قسم من الإخوة انشقوا وانفصلوا ومعهم عدد من المصوتين (في إشارة إلى انشقاق نوشيروان مصطفى، النائب السابق للأمين العام للاتحاد وتشكيله حركة التغيير)، أمام ذلك هناك أعداد كبيرة من أنصار الاتحاد التحقوا بحزبنا، وهو اليوم في حالة ازدهار وتقدم، الظاهرة الثانية هي أنه يوجد هناك حماس وتصميم في العمل الثوري والاندفاع نحو العمل، والظاهرة الثالثة هي أن غالبية من الشباب التحقوا بنا، وهذا يدحض الأقاويل المغرضة التي تزعم أن الاتحاد هو حزب «الشياب»، أي: العجزة، وتشير الأرقام الدقيقة في تنظيماتنا لأعضاء الاتحاد إلى أن 63% من أعضائه هم من الشباب، وكان العدد الأكبر من المحتفلين في باركي آزادي هم من جيل الشباب ومن كلا الجنسين، ونحن نعتبر هذه الظواهر لافتة للنظر في حزبنا، نحن عندما بدأنا بتأسيس الاتحاد بالتأكيد كنا نأمل أن يحظى الاتحاد بجماهيرية واسعة، لكننا لم نكن نتصور أن يبلغ مداه إلى هذا الحد الكبير، وهذا عائد إلى المكتسبات الكبيرة التي عملنا من أجلها في تأسيس وتحقيق حكم فيدرالي ديمقراطي، وأن تكون رئاسة الجمهورية لشخصية سياسية كردية من الاتحاد.

* هل نستطيع وصف انشقاق مصطفى الذي أشرتم إليه وتشكيل حركة كوران (التغيير) بأنه كان من المحطات الصعبة في تاريخ حزبكم؟

- يعني إذا وصفتموه بأنه من المحطات الصعبة فأنا أوافقك في ذلك، لكننا مررنا بمحطات أكثر صعوبة.

* مثل؟

- مثل كارثة «هكاري» التي أبيدت فيها القوة الرئيسية لمسلحي الاتحاد الوطني الكردستاني، المحطة الأصعب الثانية هي انفصال الإخوة في الحزب الاشتراكي عن الاتحاد؛ حيث جاء هذا الانفصال في بداية الثورة عام 1979 وأخذوا قسما كبير من أعضاء الحزب؛ حيث جاء في سنة حساسة وتزامن مع الثورة الإسلامية (في إيران)، وهذا الانشقاق لعب دورا مؤثرا في عملنا، وانشقاق نوشيروان مصطفى هو الثالث في تاريخ الاتحاد ولا يستهان به، لكن حزبنا تعافى وبقي قويا. أنا كنت أفضل أن يكون الانشقاق الأخير سلميا؛ لأننا في الواقع كنا عبارة عن حزبين في جسد حزب واحد؛ حيث كانت أفكارنا ومواقفنا وسياساتنا ورؤيتنا مختلفة؛ لذلك اقترحتُ على الأخ نوشيروان مصطفى في لقائنا الأخير قبيل الانشقاق أن ينشق كحزب وأن يأخذ ما يشاء من أعضاء الاتحاد ممن يريدون الذهاب معه، ووعدته بأن أقدم له المساعدات المادية أيضا؛ لأنني كنت أعتقد أن بقاءنا على هذه الحالة هو عامل معرقل لعمل الاتحاد، وأن نعمل كحزبين، خاصة أن خلافاتنا كانت حول قضايا أساسية وليست مثلما يحاولون اليوم حصرها بملفات فساد وغيرها، لا.. كانت خلافاتنا فكرية وخطيرة وتتلخص بأسئلة مهمة، حول أشياء مثل الفيدرالية، وهل نريد حكما فيدراليا ضمن العراق، أم محافظات كردية مستقلة، وهل نستمر بالتحالف مع الشيعة، وعن موقفنا من المرجعية الدينية، وكذلك حول مواقف أساسية من العراق عامة والعلاقات مع الجهات العراقية، حتى في المواقف التي تتعلق بكردستان وقضية كركوك وبعض المناطق.. هذه الأسئلة والنقاشات كانت تثار بشكل يومي؛ لهذا كنا نعتقد أن حصول انشقاق هادئ وسلمي وغير معادٍ أمر جيد ومقبول، كأن ننشق كحزبين ونعمل من أجل قضية شعبنا من خلال أفكار كل حزب ونظرياته ورؤيته السياسية.

* وباعتقادكم أنه صار انشقاقا غير سلمي؟

- لا.. هو انشقاق سلمي، لكنه تحول إلى عدائي، انشقوا عن الاتحاد وركزوا بالهجوم على الاتحاد الذي كانوا هم أنفسهم أعضاء فيه بدلا من أن يكون هناك تعايش سلمي وعمل مشترك. دعني أكشف لكم، وهذا الحديث أقوله للمرة الأولى، في آخر لقاء لي مع الأخ نوشيروان مصطفى، وكان ببيتي في بغداد، وقال لي «أنا لا أستطيع أن أعمل مع هؤلاء الإخوة»، وأعني أعضاء المكتب السياسي وأعضاء قيادة الاتحاد، وللحقيقة هو لم يقل عنهم «الإخوة» بل وصفهم بصفات سيئة ورديئة، وأضاف: «أنا زهقت منهم وأريد أن أؤسس معهدا استراتيجيا للدراسات العلمية، وأجمع نخبة من الأكاديميين والكتاب والسياسيين الأكراد وأن يكون عندنا معهد كردي محترم للدراسات الاستراتيجية يخدم الاتحاد والبارتي (الحزب الديمقراطي الكردستاني) وحتى الحكومة»، فقلت هذا جيد، فقال: «لكنني أريد دعما ماديا لتأسيس هذا المعهد». ووافقت، وطلب دعما كبيرا، وأيضا وافقت؛ حيث طلب كوجبة أولى 10 ملايين دولار، وقد منحناه هذا المبلغ، ثم طلب عقارا في السليمانية هو عبارة عن تل واسع لإقامة المعهد على أرضه، وطابقين في بناية، وافقنا بشرط أن يقيم هذا المعهد الاستراتيجي، لكنه ذهب وأسس شركة باسمه ومن دون أن يشرك أحدا معه سواء بالشركة أو امتلاك العقار وأسس محطة فضائية وأصدر جريدة، بخلاف الاتفاق الذي قام بيننا لإقامة معهد دراسات استراتيجي، وراح يهاجمنا، يعني يهاجمنا بفلوسنا وبالمساعدات التي منحها الاتحاد له.. نحن وافقنا على مقترحه ودعمه كونه قد عمل معنا وتعب فنحن قضينا عمرا طويلا مع بعض تقريبا أكثر من 30 سنة من العمل المشترك، وأنا شخصيا أقدر جهد الناس الذين عملوا معنا من أجل القضية الكردية ولا أبني مواقفي على ما يحصل اليوم، بل أستند إلى تاريخ ومواقف الأشخاص. كان هذا الانشقاق كبيرا وليس هينا؛ حيث انفصل عنا 12 قياديا بمن فيهم النائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني رفيق الدرب الطويل.

* هل أثر انشقاق نوشيروان مصطفى على المستوى الشخصي بالنسبة لكم باعتباره كما وصفته كان رفيق الدرب الطويل؟

- نعم، أثر في نفسي كثيرا ولفترة طويلة لم أكن قادرا على كتابة مقال ضده، حتى إن الكثير من الإخوة، بمن فيهم الإخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ظنوا أن هذا الانشقاق تم بتدبير مني مع الأخ نوشيروان، وتساءلوا عن سبب عدم كتابتي ضده أو الرد أو الهجوم عليه، كان ذلك صعبا عليَّ أن أكتب ضد صديق عملنا معا لمدة 35 سنة، ماذا أكتب؟ وماذا أقول عن تاريخي وتاريخه؟ كنت متألما مما حدث، ومع ذلك وعندما عقد مؤتمرنا العام، في العام الماضي، أجبرنا في صياغة التقرير العام على أن نتحدث عن هذا الانشقاق. على العموم قلنا إن هذا كان الانشقاق الثالث في مسيرة الاتحاد، وقد طوينا صفحات الانشقاقين السابقين وانتصرنا عليهما، واليوم أقول بثقة إننا طوينا كذلك صفحة هذا الانشقاق وانتصرنا عليه وإن الاتحاد عاد إلى قوته وشعبيته إلى ما كان عليه قبل الانشقاق وأفضل من حيث جماهيرية الحزب وعدد المنتمين إليه وعمله. وإذا لاحظنا فإن «كوران» حصلت على أصوات كثيرة في انتخابات برلمان إقليم كردستان، لكن نسبة أصواتهم هبطت في انتخابات البرلمان العراقي، كما هبطت شعبيتهم كثيرا في انتخابات النقابات والاتحادات المهنية في الإقليم التي تخص مثلا المعلمين والأطباء والمهن الصحية والمرأة والعمال والطلبة والمهندسين والكثير من النقابات والاتحادات؛ حيث حققت قوائم التحالف الكردستاني (يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين: الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) فوزا بأغلبية كبيرة وهبطت نسبة مرشحي «كوران» إلى 13% في بعض التنظيمات المهنية، ومع ذلك فإن حركة كوران لا تزال تتمتع بجماهيرية واسعة في الساحة الكردية.

* قلتم في خطابكم في باركي آزادي أمام جماهيركم: «آمل من الإخوة في المعارضة ألا يعتبروا نداءنا هذا للمصالحة ضعفا؛ فالاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي اليوم أقوى من أي وقت مضى؛ لذا فإن نداءنا هذا نابع من القلب والإخلاص للتصالح وخدمة أبناء شعب كردستان».. فهل تعتقدون أن هناك من يعتقد أن الاتحاد يمر بمرحلة ضعف؟

- نعم.. ليس هذا فحسب، بل إن الكثير من قوى المعارضة كانت تبشر بنهاية الاتحاد وأنه لم يعد له وجود، وفي فترة الـ62 يوما التي اعتصم خلالها المتظاهرون في ساحة السراي وسط السليمانية، ونحن لم نتخذ ضدهم أي إجراءات قانونية أو جماهيرية، كانت قوى المعارضة تقول إن الاتحاد انتهى ولم يعد له أي وجود، وبعضهم قال يجب أن نجهز لأعضاء الاتحاد تذاكر السفر إلى الخارج، ولم يتبق إلا أن يسفرونا من بلدنا ومدينتنا، بينما قال بعض رجال الدين المسيسين إنه لم يتبق سوى دفعة واحدة وسيسقط الاتحاد، وهناك من الأحزاب الإسلامية ما أعلن الجهاد، فعندما باغتناهم لإزالة هذا التجمع غير القانوني خلال ليلة واحدة وبقوة جماهيرية كبيرة وبتأييد شعبي كبير في السليمانية؛ حيث إن الناس وزعت الحلوى ابتهاجا بانتهاء هذا التجمع، صدمت قوى المعارضة، وكان رفاقنا في الحزب مستائين؛ لأننا لم نتخذ أي قرار بمجابهة الاعتصام بالقوة وهددوا من خلال رسائل وصلتني من أعضاء الاتحاد قالوا فيها إذا لم تتحركوا لإنهاء التجمع فسوف نتحرك نحن؛ لأن في ذلك إهانة للقوانين وللاتحاد وتهديدا لمصالح الناس؛ إذ إن ما حدث عبارة عن نهضة جماهيرية ضد المعتصمين لأن بقاءهم كان قد هدد معيشة ودخل الناس الذين يعتبرون وسط السليمانية القلب التجاري النابض لعملهم، في هذه المظاهرات جرح المئات من أفراد الشرطة، وعلى عكس المظاهرات كلها في العالم التي يتعرض فيها المتظاهرون للإصابات فإن شرطتنا وضباطنا هم من تعرضوا لإصابات بعضها خطير، وهذا دليل ديمقراطية الأوضاع هنا وليست ديكتاتورية التصرف.

* هناك من يتحدث عن وجود خلافات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، ما تعليقكم؟

- نعم توجد خلافات داخل الاتحاد الوطني، وأريد أن أكون أكثر صراحة معكم، في جميع مراحل الاتحاد الوطني الكردستاني كانت توجد خلافات في داخله، لكن الخلافات الحالية تختلف عن سابقاتها، هذه المرة الخلافات ليست آيديولوجية، أو سياسية، هي خلافات شخصية أحيانا، وخلافات عمن يكون في هذا المكان أو لا يكون، لا توجد خلافات عميقة داخل حزبنا الآن، ولم يكن الاتحاد الوطني موحدا في تاريخه مثلما هو موحد الآن.

* هل هناك خلافات داخل الاتحاد حول موقع الدكتور برهم صالح كرئيس لحكومة الإقليم؟

- لا.. نحن انتخبنا بالإجماع الدكتور برهم على أن يكون رئيسا لحكومة إقليم كردستان، وبالإجماع نؤيده، وفي كل اجتماعات قيادة الاتحاد نؤكد تأييد الدكتور برهم، خاصة أنه أبدع في مسؤوليته كرئيس للحكومة وحقق إنجازات ضخمة فيما يتعلق بالإعمار والتعليم، سياستنا نحن كانت تؤكد التوجه إلى البيوت الطينية ونقصد بيوت العمال والكادحين والفلاحين في القرى والمناطق الفقيرة لمساعدة أهلها، وبدأت الحكومة بالفعل تعطي اهتمامها ومساعدتها لبناء القرى وتشجيع أهلها بالعودة إليها وتعمير المناطق الفقيرة في المدن.

* هذا يعني أنكم راضون عن أداء رئيس حكومة الإقليم..

- نعم راضون جدا، ولو أن طموحاتنا لا نهاية لها بأن يتطور الأداء لمساعدة الجميع وأن تتوسع المشاريع في جميع المدن.

* هل تعتقدون أنه سيتم التجديد للدكتور صالح لعامين مقبلين كرئيس لحكومة الإقليم؟

- هذا مرتبط بموقف إخواننا في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ولم يتم الحديث أو بحث هذا الموضوع حتى الآن.

* هل تعتقدون أنكم شركاء حقيقيون في حكم العراق وقيادته؟

- نعم نحن شركاء حقيقيون.

* جاء في خطابكم في باركي آزادي أيضا: «إن الوضع في العراق، للأسف، لم يستتب بشكل نهائي، ولم تتم معالجة المشكلات في بغداد بصورة جيدة، كما لم تنفذ الاتفاقات المبرمة كاملة؛ لذلك نعمل على تشكيل حكومة ائتلافية ديمقراطية تمثل جميع مكونات العراق بما فيها شعب كردستان».. فهل تقصدون في الاتفاقيات مبادرة الرئيس مسعود بارزاني؟ وهل هناك تغيير محتمل في الحكومة الاتحادية، مثلا؟

- نقصد مبادرة الأخ بارزاني، واتفاقات أخرى بين القوى السياسية، بينها اتفاقات بين التحالف الكردستاني والتحالف الوطني، وهناك خلافات لم تُحل بين أطراف من الكتلة العراقية، ولا أقول بين الكتلة العراقية، بل بين أطراف منها وأطراف من التحالف الوطني، وتوجد الآن خلافات بين رئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان، وهذه الخلافات تعرقل العملية السياسية؛ لذلك نحن بحاجة إلى معالجة لحل هذه الخلافات كلها وتشكيل حكومة ائتلاف وطني حقيقية برئاسة الأخ نوري المالكي تعالج القضايا المطروحة وقضايا الخدمات خاصة.

* هل هذا يعني أن هناك تغييرا وزاريا مقبلا؟

- حتما سيكون هناك تغيير في بعض الوزارات إن لم يكن في جميع الوزارات.

* ألا تعتقدون أن الحكومة العراقية تعاني تضخما في عدد الوزارات؟

- نعم هناك تضخم، بدءا بالرئاسة ومرورا بالحكومة وحتى دوائر الدولة.

* هل تعنون رئاسة الجمهورية؟

- نعم رئاسة الجمهورية أيضا تعاني التضخم.

* هل تعتقدون أن هناك ضرورة لوجود ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية؟

- لا.. وتعال لترى العدد الكبير من الموظفين وأطقم الحمايات.

* هل يحتاج رئيس الجمهورية نائبا واحدا فقط؟

- لنقل نائبين فقط، وفي الحقيقة أنا كنت أميل في حالة وجود ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية أن يكون أحدهم تركمانيا وكنت أتمنى أيضا أن تكون هناك امرأة، عند ذاك لا مانع من أن يكونوا ثلاثة نواب، لكن التركيبة الحالية غير متنوعة: اثنان من التحالف الوطني، وواحد من الكتلة العراقية، لكن التركمان تم إهمالهم وكذلك النساء كان يجب أن تكون هناك نائبة لرئيس الجمهورية.

* هل قدم الدكتور عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية، استقالته لكم بالفعل؟

- نعم.

* وهل قبلتم استقالته؟

- حتى الآن لم أقبلها، لكنه إذا أصر عليها فسوف أقبلها.

* وهل للاستقالة أسباب؟

- نعم.

* هل لنا معرفة هذه الأسباب؟

- هو من يجب أن يعلنها ولست أنا. يعز عليَّ أن يقدم الدكتور عادل عبد المهدي استقالته وابتعاده عن الرئاسة والقصر الجمهوري؛ فهو من الشخصيات الوطنية العراقية التي لا يمكن الاستغناء عنها. لا يمكن الاستغناء عن كفاءة وعقل وحكمة وثقافة وأخلاق عادل فأنا أعرفه منذ 40 عاما، ونحن صديقان وتعاونَّا في الماضي؛ لذلك يعز عليَّ كثيرا أن أراه خارج رئاسة الجمهورية.

* عُرفتم بخبرتكم السياسية الطويلة وبحكمتكم في حل المشكلات السياسية.. ترى هل عندكم خارطة طريق لحل الأزمة السياسية في العراق؟

- نعم.. أنا أعتقد أن المشكلة السياسية الموجودة في العراق يمكن حلها، لكنها تحتاج إلى التعامل معها بهدوء ومن دون ضجة إعلامية أو سياسية، وأنا عندما أعود إلى بغداد (عاد أمس) سأباشر هذا العمل بطريقة هادئة وأتصل وألتقي جميع الأطراف السياسية وسأطرح معالجات أرجو أن تكون مقبولة من الجميع.

* هل هذا يعني أن هناك مبادرة لكم لحل الأزمة السياسية العراقية؟

- إن شاء الله سأتصل بجميع الأطراف وأقدم مقترحاتي.

* فيما يتعلق بموضوع المناصب، مثل المجلس الأعلى للسياسات الوطنية والوزارات الأمنية..

- سيتم بحث وطرح النقاط كلها، لكن بلا ضجيج إعلامي أو سياسي أو برلماني أو حزبي وإنما بهدوء عراقي شديد.

* طُرحت آراء من قبل بعض السياسيين قبل تشكيل الحكومة تحدثت عن أن الرئيس العراقي يجب أن يكون عربيا وليس كرديا، كيف نظرتم إلى ذلك؟

- هذا أولا مخالف للدستور، والمادة السابعة من الدستور تقول إن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، فلا فرق بين عربي وكردي وتركماني، سواء أكان مسلما أم مسيحيا أم صابئيا أم يزيديا، والجميع متساوون أمام القانون، ونظرية أن يكون الرئيس العراقي عربيا جاء بها بريمر (بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق عام 2003)؛ فهو في بداية تشكيل الحكومة التقانا أنا والرئيس مسعود بارزاني، وقال إنه يجب ألا يكون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء كرديين، وأضاف أنه من الممكن أن يكون نائب رئيس الجمهورية أو الوزراء كرديين.. نحن عارضنا هذه الفكرة وقلنا نحن لم نطرح أنفسنا أو نرشح لرئاسة الجمهورية، لكن هذا المبدأ لا يمكن قبوله؛ لأنه مخالف لمبدأ المساواة بين العراقيين، ولمبادئ الحقوق والديمقراطية في العراق؛ لهذا رفضنا وما زلنا نرفض، ليس لحصر رئاسة الجمهورية بالأكراد وإنما من أجل أن تكون هناك مساواة، فإذا تم انتخاب عربي أو كردي أو تركماني كفء فأهلا وسهلا، كل عراقي تتوافر به الشروط من حقه الترشح لرئاسة الجمهورية، وهذا الموقع ليس حصرا للأكراد أو العرب أو التركمان.

* ما رأيكم في تناقض مواقف الأطراف السياسية مع وزارة الخارجية العراقية حول التدخل في موضوع مظاهرات البحرين أو سوريا؛ فوزارة الخارجية تؤكد عدم تدخل العراق في الشأن الداخلي للدول الأخرى بينما هناك تدخل في الشأن البحريني؟

- وزارة الخارجية وحدها من يمثل السياسة الخارجية للعراق، وهي تعكس موقف البلد الرسمي، أما الآخرون الذين تتعارض مواقفهم مع الموقف الرسمي لوزارة الخارجية فهم لا يمثلون إلا أنفسهم، والعراق بلد ديمقراطي ومن حق الجميع أن يبدوا آراءهم، لكن هذه الآراء لا تمثل رأي الجمهورية العراقية.

* هل تعتقدون أن الفرصة فاتت على العراق لاستضافة القمة العربية؟

- نعم.. كانت معالجة موضوع البحرين غير دقيقة، وهذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير.

* وكذلك فقدان فرصة عضوية مجلس التعاون الخليجي..

- نحن لم نطلب أن نكون أعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والعراق عندما يتعافى لن يركض لاهثا للانضمام إلى أي منظمة عربية، بل عليهم أن يركضوا وراء العراق، دول الخليج العربي كلها لا يمكنها الاستغناء عن العراق، لا عن ثرواته أو كفاءاته أو دوره السياسي والجغرافي والتاريخي، لا تنظر إلى العراق في كبوته بل في نهضته، سينهض العراق جبارا وقويا وكبيرا وسوف يحسب له الآخرون ألف حساب.

* الرئيس العراقي الكردي جلال طالباني تربطه علاقات متينة مع غالبية القادة العرب أكثر من أي سياسي عراقي عربي.. هل هذه مفارقة؟

- لا.. ليست مفارقة، بل من الطبيعي أن تكون لسياسي عراقي يتمتع ببعد نظر وفهم للأحداث نوع من العلاقات المتميزة مع الإخوة العرب، وجلال طالباني أدى واجبه كعراقي أولا في بناء علاقات متميزة مع الإخوة العرب ونال شرف هذه العلاقات، وهذا ليس جديدا عليَّ، ودعني أقُل: إن أول علاقة بين الأكراد والحركة القومية التقدمية في الخمسينات نشأت نتيجة جهود الحزب الديمقراطي الكردستاني عن طريق جلال طالباني عندما كان أحد قادته، وأول لقاء بيننا وبين حزب البعث في سوريا صار عام 1955 ثم تكونت لنا علاقة عام 1957 مع الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ثم مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والرئيس الجزائري أحمد بن بلة ومع الملك الحسين، العاهل الأردني الراحل، ومع الكثير من الملوك العرب، وفي مقدمتهم العاهل السعودي الراحل الملك فيصل، واستمرت حتى اليوم؛ إذ نعتبر العلاقة مع السعودية ضرورية واستراتيجية، ومن مصلحة العراق والعرب أن تكون علاقة العراق بالسعودية جيدة ومتينة ويجب ألا تؤثر المواقف أو الاختلافات الطارئة على هذه العلاقة؛ لذلك أنا لم ولن أؤيد أي تصريحات علنية تسيء لهذه العلاقة أو تتسبب بخلافات بين العراق والمملكة العربية السعودية.