قيادات الدولة اليمنية في السعودية للعلاج بعد قصف الرئاسة

وساطة سعودية بقيادة «خادم الحرمين الشريفين» وولي عهده ..

متظاهرون في مدينة تعز اليمنية خلال مصادماتهم مع قوات الأمن اليمنية أمس (أ.ب)
TT

تضاربت الأنباء، أمس، عن مغادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج، أو في سياق حل توفيقي جديد لتنحيه عن السلطة، بعدما تطورت الأوضاع في اليمن ووصل إطلاق النار إلى القصر الرئاسي، وبات في حكم المؤكد أن جميع الرؤساء في الدولة اليمنية أصيبوا في القصف الذي استهدف قصر الرئاسة اليمنية، حيث نقل، أمس، رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور علي محمد مجور، ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي، ورئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني، ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، وغيرهم من المسؤولين اليمنيين، وفي مقدمة المصابين الرئيس علي عبد الله صالح الذي تضاربت الأنباء عن وضعه الصحي وسرت شائعات عن نقله، أيضا، إلى السعودية لتلقي العلاج، لكن مصادر رسمية نفت ذلك.

وتحدث مصدر دبلوماسي خليجي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» وقال إن المعلومات التي لديه أن صالح لم يغادر صنعاء بعد، لكنه لم يستبعد مغادرته في أي لحظة، وخص المصدر الدبلوماسي «الشرق الأوسط» بالقول، بطريقة غير مباشرة، إن عدم وجود صالح في الوقت الراهن بصنعاء، ربما يؤدي إلى نتائج تقبل بها دول المنطقة وكذا أطراف دولية، لكنه لم يشدد على بقاء صالح ولكن فحوى حديثه أشار إلى ترتيبات خاصة محلية وإقليمية ودولية لخروج صالح، في إشارة أخرى إلى أن الخروج يجب أن يتم في ظل وجود سلطة قادرة على إدارة شؤون البلاد، وترك المصدر الخليجي الباب مفتوحا أمام جميع الاحتمالات.

وقال مصدر يمني مسؤول إن الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام بشأن مغادرة الرئيس صالح إلى السعودية للعلاج «لا أساس لها من الصحة»، وأكد أن «فخامته في العاصمة صنعاء ولم يغادرها إلى أي جهة خارج الوطن»، وقالت مصادر رسمية إنه «تم نقل رئيس مجلس النواب (البرلمان) يحيى علي الراعي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، ورئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني، ونائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية الدكتور رشاد العليمي، ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الداخلية صادق أمين أبو رأس إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج».

وكان التسجيل الصوتي الذي بثه التلفزيون اليمني لصالح، مساء أول من أمس، والذي بدا فيه صوته متعبا ودليلا على إصابته في القصف على قصر الرئاسة، أثار لغطا في الشارع اليمني، حيث شكك الكثير من الناس في صوت صالح واعتبر البعض أن من كان يتحدث هو أحد الأشخاص «المقلدين» لصالح، الذين تزايدوا في الآونة الأخيرة وباتت مواقع الإنترنت تنشر لهم الكثير من الفكاهات والتعليقات الظريفة على رئيس اليمن.

وبلغت حصيلة قتلى القصف الذي استهدف قصر الرئاسة اليمنية ومنزل المعارض حميد الأحمر، أول من أمس، 30 قتيلا، وقالت مصادر رسمية إن 11 قتيلا سقطوا في القصف الذي استهدف مسجد دار الرئاسة اليمنية، إضافة إلى 124 جريحا وقال مصدر طبي لوكالة الأنباء الفرنسية إن صالح «أصيب إصابة طفيفة في الرأس» وإن حالته «لا تدعو إلى القلق»، وفي المقابل قالت مصادر المعارضة إن 19 شخصا قتلوا في القصف الذي استهدف منزل الأحمر في حي حدة بجنوب صنعاء، إضافة إلى 35 جريحا، وقال مصدر مقرب من الأحمر إن السلطات سمحت بوصول فرق لإجلاء وانتشال القتلى والجرحى من منزل حميد الأحمر بعد مرور أكثر من 24 ساعة على منع سيارات الإسعاف من الوصول.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن عددا من زعامات ووجاهات القبائل اليمنية عاودا للتوسط بين الرئيس علي عبد الله صالح وزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر، الذي كشف عن وجود وساطة سعودية لاحتواء المواجهات الدائرة بين أنصاره والقوات الموالية للرئيس صالح، وقال الأحمر، في بيان صادر عن مكتبه، إنه ملتزم بوقف إطلاق النار بناء على الوساطة السعودية رغم القصف المتكرر لقصره في حي الحصبة، وعلى منازل أشقائه في أنحاء متفرقة من العاصمة صنعاء، وأشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، يقودان الوساطة بينه وصالح.

وقالت المصادر إن بعض الزعامات القبلية هي من قامت بنقل الوساطة السعودية إلى صالح والأحمر، وأشارت إلى أن الوساطة السعودية تلقى قبولا لدى كافة الأطراف، خاصة في ظل تكبد جميع الأطراف خسائر فادحة في الأرواح وخسائر مادية كبيرة سوف تتكبدها الخزينة العامة للحكومة اليمنية جراء تدمير وإحراق الكثير من المباني الحيوية والهامة في القصف والقصف المتبادل، غير أن بعض المراقبين يشككون في صمود أي هدنة لوقف إطلاق النار ويعتبرونها هشة طالما بقيت الأوضاع على ما هي عليه على الأرض.

وخلال 11 يوما عاشت العاصمة اليمنية على إيقاع المواجهات العنيفة بين الطرفين وخلالها تمكن أنصار الأحمر، حتى اللحظة، من السيطرة على عدد من المباني الحكومية التي ما زالت في حوزتهم.

ومرة أخرى أكد كبار قادة القوات المسلحة اليمنية المؤيدين للثورة الشبابية على سلمية الثورة وتمسكهم بذلك، ووصفوا، في بيان جديد لهم، تصرفات الرئيس علي عبد الله صالح بـ«الجنونية» وبـ«المحاولات الهادفة إلى جر الوطن إلى الاقتتال والحرب الأهلية»، وحذروا من «مغبة ذلك وعواقب هذه الأفعال».

وفي ظل هذه التطورات، استمر نزيف الرئيس علي عبد الله صالح لقواته العسكرية التي تعلن انضمامها لثورة الشباب، فقد أعلن قائد وأفراد معسكر خالد بن الوليد في محافظة تعز تأييدهم للثورة، وهذا المعسكر من أهم وأشهر المعسكرات في اليمن، وكان صالح قائدا له قبل توليه السلطة في اليمن الشمالي عام 1978، كما انضمت الفرقة المدرعة رقم 33 إلى صف شباب الثورة، وأعلن قائدها، يحيى الحاشدي هذه الخطوة، وهذه القوة العسكرية تسيطر على مناطق شاسعة من جنوب غربي اليمن.

وعقب القصف الذي استهدف القصر الرئاسي بصنعاء، تصاعدت حدة الفرار من العاصمة من قبل سكانها، فقد تزايد عدد السكان الذين يغادرون العاصمة وأمتعتهم محمولة على شاحنات من مختلف الأحجام، وتزامن هذا النزوح مع إجلاء رعايا الكثير من الدول الأوروبية والعربية من صنعاء وغيرها من المدن إلى بلدانهم، خشية اندلاع حرب أهلية.وفي محافظة تعز، دوى، مساء أمس، انفجار عنيف في مبنى جهاز الأمن القومي (المخابرات)، لكن لم تتوفر معلومات عن حجم الأضرار والإصابات التي لحقت بالمبنى، في ظل توجه جديد في تعز، حيث ظهر مسلحون في المناطق التي يتواجد فيها المعتصمون ويقول هؤلاء المسلحون، وأيضا المتظاهرون، إنهم من أجل حماية المعتصمين المطالبين برحيل صالح وإن «الدفاع عن النفس حق شرعي»، رغم ما يتم تأكيده عن سلمية الثورة الشبابية.وبدأ شباب الثورة في تعز، التنسيق لتشكيل لجان شعبية لحماية أحياء المدينة ومديريات المحافظة، بعد أن قام مسؤولون أمنيون متهمون أمام القضاء بارتكاب «جرائم» بحق المدنيين، بمداهمة مبان تابعة للنيابة العامة والاستيلاء على ملفات التحقيقات الخاصة بهم.

وعلى خلفية ما توصف بـ«المجزرة» التي جرت الأسبوع الماضي في تعز، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى والمصابين، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية الأميركية الشهيرة بتجميد أموال العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، نجل الرئيس اليمني، قائد الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، وابن عمه العميد الركن يحيى محمد عبد الله صالح، أركان حرب قوات الأمن المركزي، وذلك بسبب تورطهما في تلك الأحداث وغيرها من عمليات القمع للمتظاهرين والمعتصمين في الكثير من المحافظات اليمنية.