صنعاء مدينة أشباح وسكانها يفرون بعد الهجوم على القصر الرئاسي

فرار عشرات الأسر.. ومفوضية اللاجئين قلقة

TT

بدت صنعاء صباح أمس أشبه ما تكون بمدينة أشباح بعد أن فر الآلاف من سكانها إلى خارج المدينة بعد أن أصيب الرئيس علي عبد الله صالح في هجوم على مجمعه لتبدأ جولة جديدة من القتال تدفع اليمن لحافة حرب أهلية. وقد حدثت موجة النزوح هذه على أثر يوم دام شهدته العاصمة اليمنية سقط فيه عدد من كبار المسؤولين اليمنيين إثر هجوم على مسجد قصر رئاسة الجمهورية الذي كان فيه هؤلاء المسؤولون يؤدون شعائر صلاة الجمعة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح الذي أصيب بإصابات لا يعرف حجمها نظرا للتكتم الشديد الذي يلف ظروف وملابسات هذه القضية. وقال مصدر طبي إن عددا من المسؤولين الذين أصيبوا في الهجوم من بينهم رئيسا البرلمان ومجلس الشورى ونائب رئيس الوزراء نقلوا للسعودية جوا للعلاج دون ذكر تفاصيل عن حالتهم. وبعد الرد الحكومي بقصف منازل زعماء قبائل حاشد الذين يقاتلون من أجل الإطاحة بالرئيس وبعد سقوط نحو 200 قتيل خلال الأسبوعين الماضيين تحولت مناطق في صنعاء لمدينة أشباح بعد أن فر السكان طلبا للأمان. وتشعر القوى العالمية بقلق من أن يصبح اليمن دولة فاشلة مما يزيد المخاطر الأمنية بالمنطقة نظرا لمرور نفط الخليج عبر مضيق باب المندب التابع للسيادة اليمنية. وفي الساعات التي سبقت بزوغ الفجر يوم أمس سمع دوي انفجارات وطلقات الأسلحة الآلية من آن لآخر ومع طلوع الشمس ازدحمت الطرق بالمدنيين الذين يحاولون الفرار من القتال الذي امتد لمناطق أخرى في المدينة. وقال علي أحمد احد سكان صنعاء «الرصاص في كل مكان. الانفجارات أفزعتنا. ما من مجال للبقاء أكثر من ذلك». ومنذ تفجر الانتفاضة الشعبية في يناير (كانون الثاني) ضد حكم صالح قتل نحو 400 شخص واستلهم اليمنيون انتفاضتين شعبيتين في تونس ومصر أطاحتا برئيسين أمضيا سنوات طويلة في الحكم. ويدور القتال على عدة جبهات وتنتشر الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن بينما تنشق وحدات عسكرية عن صالح لحماية المحتجين. وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن، قال شاهد عيان «إن صنعاء بدت اليوم كمدينة أشباح بعد أن بدأ الناس يتدفقون للخروج منها بعيدا عن المناطق التي تستعر فيها المعارك بين القوات المؤيدة للرئيس صالح والأخرى المؤيدة لشيخ مشايخ قبيلة حاشد وبسبب شحة المحروقات التي أدت إلى ندرة سير المركبات في شوارع العاصمة» وقال شهود عيان إن تفجر الأوضاع في العاصمة قلل من نسبة المشاركين فيما سمي بجمعة الوفاء لتعز، حيث بدأت الحالة الأمنية تلقي بظلالها على سير الاحتجاجات في العاصمة. ويخشى الكثير من سكان العاصمة من تفاقم الأوضاع الأمنية وخاصة بعد استهداف القصر الجمهوري يوم الجمعة الماضي بهجوم وسقوط عدد من كبار المسؤولين اليمنيين جرحى وعلى رأسهم رئيس الجمهورية. ويبدو أن موجة النزوح من العاصمة جاءت على أثر انتقال المعارك من الأحياء الشمالية القريبة من منزل شيخ قبيلة حاشد إلى الأحياء الجنوبية القريبة من القصر الرئاسي. غير أن تحول العاصمة إلى ما يشبه مدينة أشباح جاء كذلك نتيجة لتخوف المدنيين من الخروج إلى الشوارع وبقائهم في المنازل بعد اشتداد حدة الاشتباكات. كما أن انعدام الوقود والمحروقات أدى إلى شبه شلل في شوارع العاصمة حيث تعاني صنعاء من نفاد المحروقات في أغلب محطات البنزين إلا فيما ندر. وفي ذات السياق عبرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة UNHCR عن قلقها إزاء تصاعد الأزمة في اليمن. وأشار التقرير إلى فرار عشرات من الأسر اليمنية من العاصمة صنعاء بسبب القتال الدائر مؤخرا. وأشارت المفوضية في بيان لها نشر على موقعها الإلكتروني أنها وشركاءها يشجعون الأهالي على اللجوء إلى عائلاتهم أو أصدقائهم حتى تهدأ الأمور. وأوضحت أنها قدمت لنحو 150 عائلة الضروريات مثل الماء وحزم الإغاثة وأن المفوضية تبحث عن أماكن لإيواء عدد من الذين لم يتمكنوا من إيجاد مأوى. وقالت إن العنف في منطقة الحصبة أثر على أسر سبق لها النزوح من محافظة صعدة واضطروا للفرار مرة أخرى بسبب الاضطرابات الحاصلة مؤخرا، حيث تمكنت المفوضية من توفير حماية لـ43 أُسرة وتزويدهم بحزم من المساعدات الطارئة. وقالت المفوضية العليا للاجئين إنها ترعى 200 ألف لاجئ في اليمن، معظمهم من الصومال، و300 ألف نازح من محافظات شمال اليمن. ونبهت إلى «أن الصراع المتصاعد، يجعل من الصعب على المفوضية رعاية هؤلاء الناس».

ويهدد تفاقم العنف في اليمن بمزيد من موجات النزوح مما يجعل الوضع الإنساني في غاية التعقيد وخاصة بعد اندلاع المواجهات في العاصمة صنعاء.