100 ألف يشاركون في تشييع أكثر من 50 قتيلا في حماه.. وعشرات الدبابات تتجمع عند مدخل المدينة

منظمات حقوقية تؤكد سقوط 63 مدنيا يوم «جمعة أطفال الحرية».. وناشطون يحذرون من مجزرة في أدلب

صورة مأخوذة من شريط جرى تحميله على موقع «يوتيوب» تظهر مدنيين يتعرضون لإطلاق نار في حماه من قبل قناصة منتشرين على الأبنية أمس (أ.ف.ب)
TT

خرج في حماه أمس أكثر من 100 ألف شخص للمشاركة في مراسم تشييع عشرات الأشخاص الذين قضوا يوم الجمعة بنيران قوات الأمن في مدينة حماه شمال سوريا خلال مظاهرات مناهضة للنظام، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، في وقت أعلن فيه ناشطون أن عشرات الدبابات، التي قدروها بنحو 60 دبابة للجيش، تتجمع عند المدخل الجنوبي للمدينة.

وقالت المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)، إن القوات السورية قتلت 63 مدنيا على الأقل في هجمات لسحق مظاهرات مطالبة بالديمقراطية أول من أمس، 53 منهم في مدينة حماه وواحد في دمشق واثنان في إقليم أدلب بشمال غربي سوريا. وقتل سبعة أيضا في بلدة الرستن في وسط سوريا التي تتعرض لهجوم عسكري وتحاصرها الدبابات منذ يوم الأحد. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «تأكدنا من مقتل 48 مدنيا الجمعة في حماه (شمال) بنيران قوات الأمن»، مرجحا ارتفاع الحصيلة.

وأشار عبد الرحمن إلى أن مراسم تشييع حصلت بعد ظهر الجمعة في هذه المدينة، قائلا إن سوريا وصلت إلى «شفير الهاوية». وخرجت في حماه أول من أمس، يوم «جمعة أطفال الحرية»، أكبر مظاهرة حتى الآن شارك فيها عشرات الآلاف، وقال ناشطون إن رجال الأمن فتحوا النيران على المتظاهرين. ولم تنس حماه بعد المجزرة التي وقعت فيها عام 1982 على عهد الرئيس حافظ الأسد، عندما أرسل قواته لسحق الإخوان المسلمين، وانتهت بمجزرة قتل فيها ما يصل إلى 30 ألف شخص، وسويت أجزاء من المدينة بالأرض.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن شهود عيان في حماه تحدثت إليهم عبر الهاتف أول من أمس، أن نحو 60 جثة أخذت إلى مستشفى حوراني في حماه، وأن هناك المئات من الجرحى. وقالت امرأة كانت في المستشفى، وتحدثت للصحيفة من دون ذكر اسمها خوفا على سلامتها: «أقسم إنه ليس هناك مكان كاف للجرحى والقتلى. لا يمكن الوصف!». وأشارت إلى أن عدد القتلى قد يكون 65 شخصا، وأضافت: «كان أطفالنا معنا.. لماذا استعمال الذخيرة الحية؟! لماذا كل هذا القتل؟!». وقال رجل آخر قدر عدد القتلى بـ67 شخصا: «كنا نحمل ورودا وننشد للحرية.. وبدأوا في إطلاق النيران علينا من كل الجهات». وأضاف أن «العديد من الجثث كانت مستلقية في الطرقات، لأن قوات الأمن منعت وصول سيارات الإسعاف إلى المصابين الذين كانوا يؤخذون إلى المستشفى بسيارات خاصة ودراجات نارية».

وقال شاهد آخر لوكالة «رويترز»، اسمه عمر، من مدينة حماه، وهو يروي أحداث يوم الجمعة: «بدأ إطلاق النار من فوق أسطح المنازل على المتظاهرين. رأيت عشرات الأشخاص يسقطون في ساحة العاصي والشوارع والأزقة المتفرعة منها. الدماء في كل مكان!». وأضاف: «يبدو لي وكأنه قد أصيب مئات الأشخاص لكنني كنت في حالة من الذعر وأردت البحث عن ساتر».

وفي مدينة درعا الجنوبية حيث تفجرت الاحتجاجات أول مرة قبل 11 أسبوعا، قال اثنان من السكان لـ«رويترز»، إن مئات تحدوا حظر تجول عسكريا ونظموا احتجاجات وهم يهتفون «لا حوار مع القتلة». وأطلقت القوات السورية النار أيضا على مظاهرات في مدينة دير الزور الشرقية وفي منطقة برزة بدمشق. وقال رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الإنسان: «خرج عشرات الآلاف في حماه وأدلب في أكبر مظاهرات منذ بدء الانتفاضة. هذا رد فعل طبيعي لزيادة عمليات القتل وعدم جدية النظام إزاء أي مصالحة وطنية». وأضاف أن شخصا قتل في أدلب.

وأمس، قال ناشطون في صفحة «الثورة السورية» على «فيس بوك»، إنه تم إطلاق نار كثيف في أدلب، على المتظاهرين العزل، في منطقة أورم الجوز التابعة لمدينة أريحا، وأضافوا أن 3 مدنيين على الأقل قتلوا، إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى. وأطلق الناشطون، على الإنترنت، على يوم أمس اسم «سبت شهداء حماه».

كما حذر الناشطون من مجزرة جديدة ترتكب في منطقة جسر الشغور في أدلب، وقالوا إن مروحيات عسكرية تقوم بإطلاق النار بشكل عشوائي على المدنيين هناك. وأشاروا إلى أنه تم إنزال قوات عسكرية من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بواسطة الهليكوبترات عند معمل السكر بجسر الشغور، مضيفين أن أصوات الرصاص الكثيف تملأ المدينة، وأن إطلاق الرصاص يتم على منازل الأهالي والمحلات وعلى المارة في الشارع، «وكأننا في حرب حقيقية». ولاحقا نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ناشط في جسر الشغور، أن 3 مدنيين قتلوا برصاص الأمن خلال تفريق مظاهرة هناك، أمس.

وشيعت دير الزور أمس الطفل محمد صالح الكطام البالغ من العمر 13 سنة من منطقة الجورة، في مسجد التوبة، بعد أن قتل برصاص رجال الأمن في «جمعة أطفال الحرية» أول من أمس. وقال ناشطون أيضا إن الآلاف كانوا يتجمعون في انتظار تسلم جثمان الطفل معاذ الركاض البالغ من العمر 16 سنة، وقتل أيضا أول من أمس على يد قوات الأمن. وتقول جماعات حقوقية إن قوات الأمن السورية قتلت أكثر من ألف مدني في الاحتجاجات، مما أثار موجة غضب دولية. وتنحي السلطات السورية باللائمة في أعمال العنف على عصابات مسلحة يدعمها إسلاميون وقوى خارجية، وتقول إن هذه العصابات تطلق النار على المدنيين وقوات الأمن على حد سواء. ويقول نشطاء إنه كان هناك بعض الحالات التي حاول فيها المواطنون مقاومة قوات الأمن باستخدام الأسلحة الشخصية وحالات أطلقت فيها قوات الشرطة النار على جنود من الجيش رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين. وقال أحد النشطاء، رفض الكشف عن اسمه، إنه قبل إطلاق النار أحرق المتظاهرون مكتب حزب البعث في حماه، وقال إنه لم يتضح كيف بدأ إطلاق النار. ورد الأسد على أكبر تحد شعبي لحكمه بإرسال الدبابات لسحق المظاهرات في مناطق مضطربة معينة، فضلا عن بعض اللفتات الإصلاحية مثل إصدار عفو عام عن السجناء السياسيين وإطلاق حوار وطني.

وأفاد التلفزيون الحكومي من جهته بمقتل «ثلاثة مخربين» في حماه خلال مواجهات مع الشرطة لدى مهاجمتهم مبنى حكوميا. وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن 80 عنصرا من القوى الأمنية جرحوا في حماه.

إلى ذلك، تم الإفراج السبت عن المعارض والكاتب علي العبد الله (61 عاما) عضو قيادة «إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي» بموجب العفو العام الذي أعلنه الثلاثاء الرئيس بشار الأسد. وهذا الكاتب الذي قضى عقوبة بالسجن سنتين ونصف السنة بعد مطالبته بالديمقراطية، والذي كان من المفترض أن يطلق سراحه في يونيو (حزيران) 2010، بقي رهن الاعتقال بعد تصريحات أدلى بها من سجنه حول إيران ولبنان. وكانت السلطات السورية أفرجت مساء الثلاثاء أيضا بموجب العفو عن مئات المعتقلين، من بينهم المحامي مهند الحسني رئيس جمعية غير مرخصة للدفاع عن حقوق الإنسان، والمعارض مشعل التمو رئيس حزب كردي محظور، بحسب المركز السوري لحقوق الإنسان.