كردستان: أجواء إيجابية تسود لقاء أحزاب المعارضة والسلطة

قيادي إسلامي لـ «الشرق الأوسط»: لدينا رغبة جدية في التفاهم والاتفاق

TT

بعد انتظار طويل وسجالات إعلامية متواصلة بين أحزاب السلطة والمعارضة، احتضن البرلمان الكردستاني أخيرا اللقاء الثاني المؤجل للأحزاب الخمسة وسط أجواء مشجعة رصدت «الشرق الأوسط» ملامحها قُبيل بدء المحادثات بدقائق من خلال الأحاديث الودية التي تبادلها عدد من أعضاء الوفود الخمسة، والتي ساهمت في تلطيف أجواء اللقاء بعد شهور كثيرة من التشاحن الإعلامي الذي أقلق رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الذي ركز جل جهوده مؤخرا من أجل وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين تلك الأحزاب، بغية تهيئة الأجواء المناسبة أمام عقد هذا اللقاء المرتقب، الذي تعلقت الآمال الشعبية به بشدة للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالإقليم بما يرضي جميع الأطراف (السلطة والمعارضة)، وكذلك الشارع الكردي، الذي وإن غاب ممثله عن اللقاء فإن مطالبه الأساسية فرضت نفسها على أجندة المحادثات التي بدأت يوم أمس بقاعة المادة 140 بمبنى البرلمان الكردستاني.

وبدأ الاجتماع بين الأحزاب الخمسة في الساعة الـ11 والنصف بحضور قياداتها المؤلفة من ملا بختيار وسعدي أحمد بيرة عن المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، وعز الدين برواري ومحمود محمد عن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وقادر الحاج علي ويوسف محمد عن حركة التغيير، ومحمد فرج وأبو بكر كارواني عن الاتحاد الإسلامي، ومحمد حكيم وعبد الستار مجيد عن الجماعة الإسلامية.

وكان اللقاء يفترض أن يدخل فيه المجتمعون بمناقشة المشاريع التي سبق وأن أكد كل طرف الالتزام بها، وهي مشروع البرلمان الكردستاني المؤلف من 17 نقطة التي تمسكت أحزاب السلطة بها وطالبت بالتفاوض على أساسها، مقابل مشروع للمعارضة المؤلف من 22 نقطة، الذي رفضته أحزاب السلطة لاحتوائه على نقطة حل البرلمان والحكومة، إضافة إلى المشروع الإصلاحي الذي أعلنه الزعيم الكردي مسعود بارزاني في خطابه بعيد النوروز، ولكن أطراف السلطة فوجئت بتقديم المعارضة لمشروع جديد يتكون من خلاصة المشاريع الثلاثة المذكورة، وهو مشروع تحدث عنه لـ«الشرق الأوسط» محمد فرج عضو المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي بقوله «أعددنا مشروعا جديدا باسم المعارضة يشكل خلاصة المشاريع الإصلاحية الثلاثة المقدمة في الفترة السابقة، وأقصد مشروع المعارضة المؤلف من 22 نقطة ومشروع البرلمان 17 نقطة والبنود الواردة بخطاب رئيس الإقليم، وحددنا في هذا المشروع الجديد الآليات المقترحة لتنفيذ البنود الواردة فيها، ولكن أطراف السلطة وجدت هذا المشروع جديدا، لذلك طلبت إعطاءها مهلة لمراجعة المكتبين السياسيين لحزبي السلطة لدراسة المشروع الجديد واتخاذ القرار اللازم بشأنه، على أن نعاود الاجتماع يوم الأربعاء المقبل لنخوض في التفاصيل أكثر من ذلك». وأضاف «هذا اللقاء كان مهما جدا فقد أذاب الجليد بيننا وبين أحزاب السلطة واتفقنا خلاله على أسس ومبادئ عامة تشدد على مواصلة الحوار، وأعتقد أن الاجتماع شكل بداية جيدة لانطلاق مفاوضاتنا اللاحقة بشكل إيجابي بهدف التوصل إلى اتفاقات تنهي الأزمة السياسية الحالية بالإقليم».

من جهته، أكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني سعدي أحمد بيرة «أن أجواء اللقاء كانت إيجابية، وتلقينا من وفد المعارضة مشروعا كان جديدا بالنسبة لنا، حيث بدا أنهم صاغوا مشروعا يشكل خلاصة لجميع المشاريع المطروحة بهدف التوصل إلى سياقات متفق عليها للخروج من المحادثات برؤية مشتركة تحدد آلية تنفيذ البنود الواردة بالمشاريع الإصلاحية بمجملها، وطلبنا منهم إعطاءنا مهلة لمراجعة المشروع الجديد مع مكاتبنا السياسية وقررنا أن نجتمع مرة أخرى في البرلمان من أجل الرد على ذلك المشروع».

ووصف محمد حكيم عضو المكتب السياسي للجماعة الإسلامية والمتحدث الرسمي باسمها اجتماعات أمس «بأنها شكلت بداية جيدة للعمل من أجل تنفيذ المشاريع الإصلاحية باتجاه تحقيق المطالب الشعبية»، وقال «المشاريع التي تبادلناها خلال الاجتماع ضمت نقاطا إيجابية كثيرة سواء مشروع البرلمان المؤلف من 17 نقطة أو خطاب رئيس الإقليم أو مشروع المعارضة، وعلى ضوء تلك المشاريع قمنا بصياغة مشروعنا الجديد الذي نعتقد بأنه سوف يضع إطارا شاملا للمشكلات الأساسية بالإقليم ويستجيب لمجمل المطالب الشعبية».

وحول البند الوارد بمشروع المعارضة، الذي يطالب بحل البرلمان والحكومة قال حكيم «لم نثر هذا الموضوع لأننا لم نرد أن نعكر أجواء المحادثات التي بدت لنا مشجعة، فقد حاولنا قدر الإمكان أن تسير المحادثات وهي في بدايتها بطريقة هادئة لكي لا نفوت هذه الفرصة المهمة على شعبنا».

وشارك عبد الستار مجيد عضو المكتب السياسي للجماعة الإسلامية رأي زميله بالقيادة بوصفه أجواء المحادثات بأنها كانت إيجابية وأنها شكلت بداية جيدة للانطلاق نحو حلول الأزمة، وقال في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» هذه الجولة من المحادثات كانت مهمة للغاية، خصوصا بأجوائها المشجعة التي نرى أنها ستساعد على التغلب على خلافاتنا، وأعتقد أنه يجب أن تتوج هذه اللقاءات التي ستتواصل في المرحلة القادمة بتفاهمات واتفاقات تنهي الأزمة السياسية بالإقليم.

ولتوثيق موقف حركة التغيير التي تتزعم جبهة المعارضة الكردية من الاجتماع حاولت «الشرق الأوسط» أخذ تصريح من رئيس الوفد قادر الحاج علي، لكنه اعتذر عن الإدلاء بأي تصريح، مؤكدا «أن جميع الأطراف المشاركة بالاجتماع اتفقت على عدم الإدلاء بتصريحات إعلامية إلى حين انتهاء هذه الجولة الجديدة من المحادثات والتوصل إلى اتفاقات مشتركة بشأن الأزمة السياسية بالإقليم».