جهود فك لغز البكتيريا السامة تركز على مطعم في شمال ألمانيا

السلطات تدقق في نظرية مفادها أن العدوى انطلقت من لقاء لمسؤولين في قطاع الضرائب

صاحب مطعم في بلدة لوبيك بشمال ألمانيا (مع ابنه يسارا)، زاره مسؤولون صحيون، ضمن زيارات مطاعم أخرى، في إطار التدقيق في مصدر البكتيريا «إي - كولاي»، أمس (رويترز)
TT

بينما تتواصل الأبحاث لكشف لغز بكتيريا «إي–كولاي» التي أصابت آلاف الأشخاص وأدت إلى وفاة 19 مصابا، بينهم 18 في ألمانيا، تركزت الأنظار على مطعم في بلدة لوبيك بشمال ألمانيا، قيل إن 17 شخصا أصيبوا بالسلالة البكتيرية عقب ارتيادهم هذا المطعم. وذكرت صحيفة «لوبيكر ناخريتشتن» الألمانية أن هؤلاء الذين أصيبوا بالسلالة البكتيرية عقب ارتيادهم المطعم منهم مسؤولون في مصلحة الضرائب الألمانية وسائحون من الدنمارك. وقال فيرنر زولباخ، عالم الكائنات الحية الدقيقة بجامعة المركز الطبي في ولاية شليسفيج هولشتاين: «لا يمكن إلقاء اللوم على المطعم. إلا أن سلسلة الإمداد والتموين يمكن أن تمدنا بخيوط مهمة عن كيفية تسلل الكائن المسبب للمرض».

ولم ترصد السلطات الألمانية حتى الآن مصدر هذه السلالة البكتيرية التي أودت بحياة 19 شخصا على الأقل في أوروبا، فضلا عن إصابة أكثر من 1700 شخص في 12 دولة. وترتبط الإصابات جميعها بزيارة مناطق في شمال ألمانيا. وتوفيت امرأة ألمانية، وهي مسؤولة في قطاع الضرائب بمنطقة لوبيك، بعد إصابتها بالسلالة البكتيرية. وظهرت على معظم المصابين أعراض تحلل مكونات الدم وانطلاق البولينا وهي من بين الأعراض القاتلة التي تؤثر على الكلى مباشرة.

وقال رئيس اتحاد العاملين بمصلحة الضرائب لوكالة «رويترز» أمس، إن مجموعة مسؤولي الضرائب كانوا يحضرون مؤتمرا ضريبيا وتناولوا الطعام بهذا المطعم في 13 مايو (أيار) الماضي. وقالت صحيفة «لوبيكر ناخريتشتن» إن جميع المصابين تناولوا الطعام بين يومي 12 و14 مايو الماضي.

بدورها، ذكرت مجلة «فوكوس» الألمانية أمس، أن المسؤولين يحاولون إثبات نظرية مفادها أن العدوى انطلقت في مطلع مايو من هامبورغ وظهرت أعراض المرض على المصابين بالسلالة البكتيرية بعد أسبوع، وهو ما يتفق وفترة الحضانة الخاصة بسلالة البكتيريا «إي–كولاي». ويعتقد أن تلوث الأطعمة سببه عدم مراعاة احتياطات النظافة في المزارع أو بعد نقل منتجات هذه المزارع إلى متجر أو مطعم.

وأصدرت السلطات الصحية تحذيرات عديدة لتجنب تناول الخضراوات الطازجة في شمال ألمانيا، وقالوا إنه تم الإبلاغ عن نحو 200 إصابة جديدة بالسلالة البكتيرية الفتاكة خلال اليومين الماضيين.

وحاولت المعاهد الصحية الأوروبية طمأنة المستهلكين بأنه يمكن تجنب الإصابة بغسل الخضراوات والأيدي جيدا قبل الأكل. وتعثرت جهود رصد مصدر العدوى نظرا لتنوع مصادر مكونات السلاطة من الخيار إلى الخس والطماطم، إذ إنها ترد من عدد كبير من المنتجين من عدة دول. ومن بين الدول التي انتشرت إليها العدوى النمسا وجمهورية التشيك والدنمارك وفرنسا وهولندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة.

وبدوره، رجح خبير في منظمة الصحة العالمية أن يكون مصدر العدوى البكتيرية «إي–كولاي» في اللحوم أكثر من الخضراوات. وقال الخبير دوناتو جريسو في تصريحات لصحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية الصادرة أمس: «العنصر المسبب للمرض يمكن العثور عليه في أمعاء الأبقار، وبالتالي في اللحم النيئ مثل التارتار أو الهامبورغر غير المطهي جيدا». وذكر جريسو أنه لم يتمكن حتى الآن من إثبات وجود مثل هذا النوع من البكتريا الخطيرة في الخضراوات أو الفاكهة. وأضاف جريسو أنه إذا كانت لحوم الأبقار هي مصدر هذه البكتريا، فإن ذلك من الممكن أن يكون له علاقة بجرعات المضادات الحيوية الكبيرة التي يتم وضعها في أعلاف الأبقار، حيث تزيد من مقاومة البكتريا.

وقد توصل العلماء الذين يتابعون أبحاثهم على هذه السلالة الفتاكة في أوروبا، إلى أنها ذات درجة سمية عالية، علاوة على قدرتها على إفراز مادة صمغية نادرة تسهم في التصاقها بأمعاء المرضى.

ويخشى العلماء من أن تكون هذه السلالة من البكتيريا، هي أشرس سلالة تصيب البشر من حيث درجة سميتها. ومعظم سلالات «إي–كولاي»، غير ممرضة، بل إنها تمد الإنسان بفيتامين «ب»، إلا أن هذه السلالة التي تروع أوروبا حاليا والمعروفة باسم «0104 إتش 4» فتعرف باسم سلالة شيجا المفرزة للسموم. وبمقدور هذه السلالة الالتصاق بجدران أمعاء المرضى ليتسنى لها إفراز سمومه،ا مما يسبب الإسهال والقيء. أما في الحالات الحادة، فإنها تسبب تحلل مكونات الدم ومهاجمة الكلى، مما يفضي إلى الإصابة بالغيبوبة واعتلال وظائف أعضاء الجسم وربما السكتة الدماغية.

في الولايات المتحدة، سعت السلطات إلى طمأنة المواطنين الأميركيين بأن الغذاء المتوافر آمن، وأنهم لا يعتقدون أن المرض ستنتشر في بلدهم. وقال ديفيد إلدر، مدير البرامج الإقليمية في إدارة الغداء والأدوية، إن العدوى لم تصب الولايات المتحدة. وأضاف أن «الإنتاج الأميركي لا يزال آمنا ولا يوجد سبب يدفع الأميركيين لتغيير أماكن تسوقهم أو ماذا يشترون أو أين يأكلون».

لكن مسؤولين أميركيين قالوا أول من أمس، إن جنديين أميركيين يتمركزان في ألمانيا يشتبه في أنهما أصيبا بسلالة «إي–كولاي». وقال كريس برادين، مدير وحدة الأمراض البيئية التي تنتقل عن طريق الطعام وعن طريق المياه في مراكز السيطرة على الأمراض، «جنديان أميركيان مصابان بالمرض يتم تقييمهما على أنهما حالات مشتبه فيها».