أميركا: «تيتش فور أميركا» برنامج تعليمي يستهدف الأماكن الفقيرة

مخاطر المال تصطدم بتحديات الجغرافيا

TT

كان لدى سامانثا شيروود طموحات كبيرة حينما استقرت على اختيار تخصص دراسات الأسرة في جامعة كونكتيكت، كتغيير قواعد الخدمة الاجتماعية أو تكوين شبكة أمان أكثر قوة لمد يد العون للأفراد ذوي الحاجة. لقد أدركت أنها يمكنها تغيير العالم بجهود كبيرة واسعة النطاق، وأنها ربما تستطيع الحصول على منصب متميز ومرتب كبير من خلال مضيها قدما في هذا الطريق.

لقد انضمت شيروود، 25 عاما، لبرنامج «تيتش فور أميركا»، البرنامج الذي يقوم بإرسال خريجي الجامعات المتميزين إلى المدارس الواقعة في أكثر المناطق فقرا، متخذة قرارها بأن أفضل وسيلة لصنع اختلاف ستتمثل، كما جاء على لسانها يوم الاثنين، في «أن أوجد في ذلك المكان حيث تكمن التحديات».

إن العالم الذي تسعى لتغييره هو غرفة فصل دراسي لمادة العلوم بمدرسة متوسطة في جنوب برونكس ممتلئة بطلاب في الصف السادس يبدو عليهم التلهف لسماعها وهي تحدثهم عن تقلبات الحياة، بينما كانت تستمع إلى حكاياتهم عن الأزمات التي عصفت بحياتهم في مرحلة المراهقة والتي أوجعت قلوبهم.

والآن، للعام الثالث من عملها بالتدريس محققة مكاسب قيمتها نحو 45.000 دولار، أتت في مواجهة مباشرة مع مكان تكتنفه تحديات: «فهي ستكون على الأرجح من بين مدرسي مدينة نيويورك البالغ عددهم 4.100 الذين من المنتظر أن يتم تسريحهم من العمل في ظل الميزانية التي كشف عنها عمدة نيويورك مايكل آر بلومبرغ مؤخرا».

ونظرا لأن قانون الولاية يلزم بأن يكون آخر مدرسين تم تعيينهم هم أول من يتم تسريحهم - مع وجود استثناءات بسيطة بالنسبة لهؤلاء المدرسين الذين يصعب العثور عليهم في تخصصات مثل التعليم الخاص وتدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية - فإن كثيرا من هؤلاء الذين سيتم تسريحهم، إذا تم التصديق على الميزانية من قبل مجلس المدينة، هم من الشباب المثاليين أمثال شيروود، ممن جمعهم العمدة والإصلاحيون المماثلون له في التفكير وأرسلوهم إلى بعض أكثر الفصول الدراسية تحديا في المدينة.

قالت شيروود: «آيديولوجيتي الخاصة والتزامي بأن أترك تأثيرا في هذا العالم بدرجة ما يجعلانني أكثر ميلا للعمل بجدية لكي أرى طلابي الصغار يجيدون في عملهم».

ويكون المدرسون الذين يأتون إلى المدينة من خلال برامج خاصة مثل «تيتش فور أميركا» أو «نيويورك سيتي تيتشينغ فيلوز» عرضة للتسريح كآخرين غيرهم، لكن يشير متحدثون عن هذه البرامج إلى أن معظم المدرسين المشاركين فيها كانوا بمنأى عن إجراءات التسريح نظرا لأن وظائفهم كانت أكثر الوظائف التي تعاني المدينة من عجز فيها، ومن ثم حملوا تراخيص الحاجات الملحة (وكانت شيروود تحمل ترخيص تعليم عام للمرحلة الابتدائية). وطبقا لنموذج أعدته المدينة في فبراير (شباط)، سيكون بضع مئات من هؤلاء المدرسين الموضوعين على قائمة التسريح قد قاموا بالتدريس لفترة تقل عن خمس سنوات؛ و650 منهم في عامهم الأول أو الثاني.

وفي مذكرة أرسلت للمدارس يوم الثلاثاء، أمر المستشار دينيس إم والكوت بتجميد كل عمليات طاقم الموظفين، بما فيها طلبات تغيير التراخيص أو تغيير تاريخ الخدمة التي ربما تؤثر على ترقيتهم.

وإذا كانت حالة شيروود نموذجا لحالة هؤلاء المدرسين، فإنها من الممكن أيضا أن تكون رمزا لهؤلاء، ومن بينهم بلومبرغ، ممن يحاولون الضغط على المسؤولين من أجل إلغاء قانون الولاية، المعروف باسم «من يدخل أخيرا يخرج أولا». وقد حقق الطلاب الأذكياء المتحفزون والأكفاء - الذين يمثلون 72 في المائة من طلاب مدرستها - أعلى الدرجات في اختبارات العلوم في الولاية منذ أن تم اختيارها لإدارة قسم العلوم بالمدرسة في 2009 - وذكرت أنها كانت تأمل في أن يتم تثبيتها في نهاية يونيو (حزيران) وأن تشق طريقها المهني في مدارس المدينة، لكنها غير متأكدة الآن.

في المقام الأول، ترغب في أن يتم تقييمها بناء على أدائها، وليس بناء على الفترة التي أمضتها في وظيفتها.

قالت شيروود: «لم أحصل على شيء سوى تقارير مرضية، مديرو المدارس يرغبون في أن أعمل لأجلهم. لقد أثبت كفاءتي في حجرة الدراسة». وأضافت، متحدثة عن المدرسين ذوي الخبرة الأكبر: «الحقيقة هي أن هناك مدرسين تم تثبيتهم ولا يقومون بوظائفهم».

تعتبر المدرسة التي تعمل بها شيروود «موت هول في»، الكائنة في شارع 172 شرق حي ساوند فيو، نموذجا لتلك المدارس التي سيتم تسريح عدد كبير من المدرسين العاملين بها. وهي تعد حديثة نسبيا (افتتحت في عام 2005)، ويتألف فريق عملها بالأساس من مدرسين مبتدئين، وذكر مديرها، بيتر أورسوزلاني، أن 60 في المائة منهم قد أمضوا خمس سنوات أو أقل في التدريس.

ويمكن القول إن غالبية طلاب «موت هول في» البالغ عددهم 378 طالبا من السود أو من أصل لاتيني، و87 في المائة على درجة من الفقر، تأهلهم للتمتع بمزايا برنامج الغداء المجاني. جدير بالذكر أنه لا يتحدث طالب واحد من بين كل خمسة طلاب الإنجليزية في المنزل، ويتطلب العدد نفسه تقريبا خدمات تعليمية خاصة. ولا تزال المدرسة تحتل المرتبة الأولى في درجات مادة الرياضيات بين المدارس المتوسطة في منطقتها، وحصلت على درجة «A» في تقرير التقدم الخاص بالمدينة هذا العام.

وفي اليوم الدراسي الأول كل خريف، تقطع شيروود على نفسها عهدا أمام طلابها قائلة: «أضمن لكم أنكم إذا أتحتم لي أن أوجهكم وعملتم بجد، فستغادرون حجرة الدراسة وأنتم ملمون بقدر أكبر من المعلومات عن العلوم مما كنتم عليه عند وصولكم إلى المدرسة».

ويجمع أسلوبها ما بين المبدأ المجرب وحرية الإبداع. وتعمل صباح أيام السبت من أجل مساعدة الطلاب في الاستعداد للاختبارات القياسية بالولاية، وفي الشهر المقبل، سيخوض ثلث طلاب الصف الثامن بالمدرسة اختبار «ريجنتس»، وهو اختبار مطلوب اجتيازه فقط في الصف التاسع.

قالت: «أيا كانت الخطوة التي يمكن للطلاب اتخاذها وأيا كان الدعم الذي يمكننا تقديمه لهم، فإن الأمر يحتاج الجهد الإضافي المبذول». وأضافت: «يحصل نظراؤهم في المدارس الحكومية في شاباكوا على كل تلك الفرص، ولا يوجد سبب يدعو إلى عدم حصول طلابي الصغار في برونكس عليها».

كما تولت شيروود أيضا مهمة تجديد منهج العلوم في المدرسة، بالتركيز في كل صف دراسي على موضوع واحد، مثل الأرض أو علم الأحياء. وهي تقوم بدور مساعد في طرح العدد الأول من الصحيفة المدرسية. وفي الفصل، تحث الطلاب على امتلاك المادة، بتشجيعهم على صياغة الدروس بالصورة التي تروق لهم: ففي العام الماضي، حولت مجموعة عرضا تقديميا حول كيفية تأثير الكواكب على فصول السنة إلى نشرة إخبارية؛ بينما قدمت مجموعة أخرى عرضا تقديميا في صورة مقطع فيديو مصحوب بموسيقى.

قالت شيروود: «علينا أن نمنح الأطفال الفرصة لاكتشاف القيمة الجمالية التي ينطوي عليها ما يتعلمونه. فليس من المفترض أن يتم تلقينهم العلم بالملعقة وأن يحفظوا المعلومات عن ظهر قلب».

وأشارت شيروود إلى صور التسريح من العمل بأنها أنواع من الحلول لمشكلات الميزانية التي تعاني منها المدينة، ولكنها ذكرت أنه في حالة كونها ضرورية، فيجب أن يكون الأداء هو المعيار الذي يحدد من يجب أن يبقى ومن عليه الرحيل. وفي العام الماضي، انضمت إلى مجموعة «معلمون من أجل التميز» (إديوكيتورز فور إكسلنس)، وهي مجموعة من المدرسين الذين يؤيدون نظام الأجور المعتمدة على الجدارة، هو نظام تقييم يضع في الاعتبار درجات اختبارات الطلاب وتحديد متطلبات تثبيت المدرسين.

ومع بدء انتشار أخبار حول التهديد بالتسريح من العمل، وجدت شيروود نفسها تعود بذاكرتها إلى وقت تخرجها في الجامعة، حينما أخبرها بعض أقاربها أنها تتمتع بدرجة عالية جدا من الذكاء أكثر مما هو مطلوب لكي تصبح مدرسة، مقارنة بدرجة الذكاء التي يحتاجها طبيب أو مهندس.

وأشارت شيروود قائلة: «ألم يحتاجوا جميعا إلى مدرسين ليتعلموا ما كانوا بحاجة إليه للقيام بالوظائف التي شغلوها؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»