منصور هادي رجل المهمات في وقت المهمات

نائب الرئيس اليمني عسكري ينزع فتيل التوتر

عبد ربه منصور هادي
TT

عرف نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بابتعاده عن الأضواء ربما لشخصيته العسكرية التي كان لها دور بارز في حسم معارك حرب صيف 1994 لصالح قوات الوحدة اليمنية التي كانت تسمى آنذاك بقوات الشرعية. وعلى الرغم من هدوئه وعدم ميله للظهور فإنه وصف بأنه على درجة عالية من الكفاءة العسكرية والمهارات القتالية، كما أنه يعد من أبرز وجوه وشخصيات محافظة أبين في جنوب البلاد في الفترة الحالية وهو يتقلد أكبر منصب تقلده جنوبي في الجمهورية اليمنية بعد نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الذي خرج من اليمن بعد حرب 1994 المذكورة. وصفه الأميركيون بأنه محل اتفاق داخل اليمن ويحظى باحترام من قبل الفرقاء السياسيين في البلاد.

ولد عبد ربه منصور هادي - الذي تولى مهام رئيس الجمهورية بعد مغادرة الرئيس اليمني البلاد للعلاج في المملكة العربية السعودية - في قرية ذكين، مديرية الوضيع، بمحافظة أبين، عام 1945، وتخرج عام 1964م من مدرسة «جيش محمية عدن» العسكرية الخاصة بالتأهيل وتدريب أبناء ضباط جيش الاتحادي للجنوب العربي إبان الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن. ابتعث إلى بريطانيا، فالتحق بدورة عسكرية لدراسة المصطلحات العسكرية، ثم التحق بدورة عسكرية متخصصة لمدة عام ونصف العام، وفيها أجاد اللغة الإنجليزية، وتخرج سنة 1966م. عاد إلى مدينة عدن ثم ابتعث إلى القاهرة لدراسة عسكرية متخصصة على سلاح الدبابات حتى 1970م. عام 1976م ابتعث إلى روسيا للدراسة المتخصصة في القيادة والأركان أربع سنوات حيث كانت تربط اليمن الجنوبي آنذاك علاقات استراتيجية بالاتحاد السوفياتي.

عمل قائدا لفصيلة المدرعات إلى أن تم الاستقلال سنة 1967م، وبعد الاستقلال عُين قائدا لسرية مدرعات في قاعدة (العند) في المحور الغربي للجنوب، ثم مديرا لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة تدريب القوات المسلحة. سنة 1972م انتقل إلى محور (الضالع)، وعُين نائبا ثم قائدا لمحور (كرش)، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال، ثم استقر في مدينة عدن مديرا لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إداريا، ثم رئيسا لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبد الفتاح إسماعيل الرئاسة. حين أبعد عبد الفتاح إسماعيل عن الحكم، وتولى الرئاسة خلفا له الرئيس علي ناصر محمد؛ ظل في عمله إبان فترة صراع دموي ريفي في شمال اليمن بين النظام في شمال اليمن والجبهة المدعومة من نظام جنوب اليمن. سنة 1983م، رُقي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنيا بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفياتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة. عمل مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها ماليا وإداريا، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية، وظل في شمال اليمن حتى يوم 22 مايو (أيار) 1990م، تاريخ تحقيق الوحدة اليمنية. عُين هادي قائدا لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994م وفي مايو 1994م صدر قرار رئيس الجمهورية بتعيينه وزيرا للدفاع. عام 1994م عين نائبا لرئيس الجمهورية. تدرج في الترقيات العسكرية ابتداء بدرجة ضابط في جيش الجنوب العربي عام 1966م حتى رتبة الفريق عام 1997م. له بعض المؤلفات منها: الدفاع في المناطق الجبلية في استراتيجية الحرب، وهو بحث نال به درجة الأركان من روسيا. ويقال إنه أحد المسؤولين اليمنيين الذين استهدفهم قصف مسجد «دار الرئاسة» في صنعاء، لكنه نجا بعد تلقيه العلاج ليعود لممارسة نشاطه السياسي. وتسلم عبد ربه مهامه الجديدة بعد مغادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لتلقي العلاج في المملكة العربية رفقة مجموعة من أركان نظامه. كما التقى نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور الأحد مع السفير الأميركي في صنعاء. وأعلن البيت الأبيض أن جون برينان كبير مساعدي الرئيس الأميركي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب تحدث الليلة الماضية مع نائب الرئيس اليمني، دون المزيد من التفاصيل. وفي أول عمل له منذ توليه مهام رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وجه عبد ربه منصور هادي أمس، بإنهاء جميع المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية، وأنصار الشيخ صادق الأحمر، في منطقتي الحصبة وحدة، وذلك في أول قرار له منذ تسلمه مهام رئاسة الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، عقب إسعاف الرئيس علي عبد الله صالح، مساء أمس، إلى الرياض. كما وجه هادي، بإنهاء جميع الاستحداثات الأمنية والعسكرية بمنطقتي الحصبة وحدة، وكلف اللواء غالب القمش، واللواء محمد القاسمي، بالتواصل مع الشيخ صادق الأحمر، وإخوانه، من أجل إبلاغه بطلب الحكومة بوقف إطلاق النار، وإخلاء المنشآت الحكومية التي سيطر عليها أنصاره خلال الأسبوعين الماضيين من المواجهات بين الطرفين. وقد وافق الشيخ صادق الأحمر على طلب الهدنة، ووقف إطلاق النار، على أن تلتزم الوحدات الأمنية والعسكرية، والمجاميع المسلحة المناصرة لصالح، بالانسحاب من المنطقة، مؤكدا حرصه على استتباب الأمن وعودة السكينة العامة. ولكن إلى أي حد سينجح نائب الرئيس اليمني في إخماد الحرائق المشتعلة في معظم أرجاء البلاد، وإلى أي مدى سيتم التواصل بينه وبين المعارضة في الداخل والأطراف الدولية الأخرى لإدارة الأوضاع في اليمن خلال فترة لا يعلم إلا الله مداها؟ كل ذلك يظل مرهونا بشبكة من العوامل الداخلية والخارجية التي يبدو أنها ستهيئ الظروف في اليمن لحلول سلمية للأزمة بعد أن أوشكت البلاد على الدخول في الحرب الأهلية.