اليمن: هادي يقرر وقف المواجهات مع أسرة الأحمر ويتجه للتهدئة

احتفالات في الساحات بخروج صالح.. ومواجهات في محيط القصر الجمهوري بتعز

محتجون مناهضون للرئيس اليمني علي عبدالله صالح يحتفلون أمس بمغادرته إلى الرياض في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

باشر عبد ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية اليمنية، مهام وصلاحيات الرئيس علي عبد الله صالح، الذي نقل إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج، جراء الإصابات التي تعرض لها في القصف، الذي استهدف قصر الرئاسة، الجمعة الماضي، وأسفر عن مقتل 7 من حراس صالح وإصابة عدد من كبار المسؤولين اليمنيين، هذا في وقت احتفل فيه شباب الثورة بخروج صالح من اليمن، رغم تأكيد قيادات حزبية وحكومية أنه سيعود إلى اليمن خلال بضعة أيام.

وفي أول الأيام التي يتولى فيها صلاحيات الرئاسة «مؤقتا»، رأس هادي اجتماعا للقيادات العسكرية والأمنية لمناقشة آخر التطورات الأمنية والعسكرية والسياسية في الساحة اليمنية، وكان لافتا أن الاجتماع شارك فيه نجل الرئيس، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، وأبناء شقيق صالح، والتقى هادي بالسفير الأميركي بصنعاء، جيرالد فايرستاين، وقالت مصادر سياسية إن اللقاء ناقش عملية انتقال السلطة في اليمن، غير أن مصادر رسمية قالت إن اللقاء نوقش فيه «الكثير من القضايا والمواضيع المتصلة بالمستجدات الراهنة على الساحة الوطنية وطبيعة التعاون المطلوب من أجل تأمين كافة الخدمات الأساسية كالنفط والغاز والكهرباء وتثبيت وقف إطلاق النار بصورة كاملة وشاملة والعمل على إخلاء مؤسسات الدولة التي اعتدي عليها».

وأضافت المصادر أنه تمت مناقشة «أهمية تعاون أحزاب اللقاء المشترك لتحقيق النجاحات المنشودة وتغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الأخرى خصوصا أن الظروف الراهنة معقدة وصعبة، إضافة إلى تعاون الجميع، الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وكل الشخصيات الاجتماعية بمختلف وجاهاتها من أجل منع أي عمليات تخريبية أو عدوانية على المصالح العامة والخاصة وتأمين الطرقات وسحب أي وجود مسلح غير شرعي في المدن».

ونص أول قرار أصدره القائم بمهام الرئاسة اليمنية، على إنهاء كافة الاستحداثات الأمنية والعسكرية في حيي الحصبة وحدة، وقام بإيفاد اللواء غالب القمش، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات) إلى الشيخ صادق الأحمر وأشقائه من أجل مناقشة وقف إطلاق النار وإخلاء المنشآت والمباني العامة التي استولوا عليها خلال المواجهات التي دارت بين مسلحيهم والقوات الموالية للرئيس صالح.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن صادق الأحمر، وافق على طلب نائب الرئيس بوقف إطلاق النار وإخلاء المنشآت العامة «على أن تلزم الوحدات والمجاميع المعتدية بالانسحاب»، وأكد حرصه على «استتباب الأمن وعودة السكنية العامة»، وكانت حدة المواجهات المسلحة تراجعت اليومين الماضيين بعد وساطة سعودية بين الطرفين.

من جانبه، دعا الشيخ صادق الأحمر من تبقى من رجال القوات المسلحة والأمن في صف النظام إلى أن يتخلوا عنه ويعلنوا مواقفهم «الداعمة لثورة الشعب السلمية المطالبة برحيل علي صالح.. انضموا إلى ساحات التغيير والحرية واعلموا أن الوطن والشعب باقيان وأن الأفراد مهما علا شأنهم وبلغت منزلتهم راحلون». وأضاف في النداء «صار لزاما عليكم كيمنيين أن يذكركم التاريخ في أنصع صفحاته وبأجمل عباراته مناضلين من أجل اليمن ومن أجل شعبكم الذي يدعوكم لأن تكونوا مع إرادته ومع تطلعاته الهادفة إلى بناء يمن لليمنيين جميعا وليس لفرد أو أسرة، ولتكونوا مدركين أن إعلان موقفكم المناصر للثورة والثوار سيجعلكم في مأمن من تساؤلات أبنائكم الذين سيتساءلون لماذا لم ينضم آباؤنا إلى ثورة الشعب وما هي المميزات التي أعطاهم إياها نظام منهار غير الجهل والفقر والتسلط الذي عم بؤسه على جميع اليمنيين حتى يقفوا معه ضد إرادة الشعب».

وبعد أن تأكد وجود الرئيس علي عبد الله صالح في الرياض للعلاج، عمت الأفراح الشوارع وساحات الاعتصامات في معظم المحافظات اليمنية في أوساط شباب الثورة، وتمثلت تلك الأفراح في الزغاريد والرقص على أنغام الأغاني والأناشيد الوطنية وتبادل التهاني وأيضا عقر الثيران وتوزيع اللحوم، واعتبر شباب وشابات الثورة أن يوم مغادرة صالح بات يوم عيد وفرحة كبرى.

وأعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم أن الرئيس علي عبد الله صالح سيعود إلى البلاد خلال بضعة أيام، كما نفت مصادر رسمية أن تكون عائلة الرئيس صالح قد غادرت البلاد برفقته، كما تردد من أنباء، وبات موضوع عودة صالح وعملية انتقال السلطة، حديث الشارع اليمني أكثر من الاهتمام بصحة صالح أو الجهة التي تقف وراء القصف الذي استهدف قصره، وفي هذا السياق دعت اللجنة التنظيمية العليا للثورة الشبابية الشعبية إلى البدء في تشكيل مجلس رئاسي مؤقت لإدارة المرحلة الانتقالية والعمل على صياغة دستور جديد يلبي تطلعات الشعب اليمني.

وزفت اللجنة «التهاني والتبريكات إلى أرواح شهدائنا الإبرار ثم إلى الثوار في جميع الساحات وكافة أبناء الشعب اليمني العظيم برحيل رأس النظام المستبد في يوم سيخلده التاريخ كأحد أعظم أيام الشعب اليمني الأبي مؤذنا بعهد جديد، عهد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة». وأضاف بيان اللجنة، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنها «تدعو الشعب اليمني للنزول إلى الساحات للاحتفاء برحيل الطاغية وإعادة الفرحة إلى كل زاوية من زوايا الوطن التي حرمها منها نظام صالح البائد». ودعا شباب الثورة «أولئك الذين غرر بهم صالح إلى يومنا هذا إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ وطننا الحبيب نصنعه معا وطنا يتسع للجميع دون تمييز ويحترم حقوق اليمنيين ويوفر لهم حياة كريمة»، ودعوا القوى الوطنية والأطياف السياسية للبدء بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت يمثل كافة القوى الوطنية يتولى تكليف حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية وتشكيل مجلس وطني انتقالي يمثل الشباب وكافة القوى الوطنية والعمل على صياغة دستور جديد يلبي تطلعات الشعب اليمني للحرية والكرامة والعيش الكريم، وأكدوا أن «مرحلة جديدة من النضال السلمي ستبدأ الآن»، ولهذا فإنهم «سيواصلون اعتصاماتهم حتى تتحقق كافة أهداف». ولم تكتمل أفراح ثوار تعز، فعندما خرجوا في مظاهرة للتعبير عن فرحهم بخروج صالح، تصدت لهم قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي التي قامت بإطلاق قذائف الدبابات والمدفعية على «ساحة الحرية»، وأسفر القصف عن مقتل شخصين، على الأقل، وإصابة عدد كبير من المتظاهرين، وبعد القصف، توجه مسلحون إلى القصر الجمهوري في المدينة وحاولوا اقتحامه، غير أن مواجهات واشتباكات عنيفة جرت بينهم وبين حراسة القصر، حيث سقط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين.

وانبرى مسلحون في تعز يطلقون على أنفسهم «صقور الثورة»، لمواجهة قوات الأمن والحرس الجمهوري التي تقمع المتظاهرين، وذلك بعد أن قتل أكثر من 100 متظاهر، الأسبوع الماضي، ولكن السلطات اليمنية قالت إن المجاميع المسلحة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وأحزاب اللقاء المشترك، واتهمتها بمهاجمة النقاط الأمنية والمؤسسات ونهبها.

وقتل 9 جنود يمنيين في كمينين نصبهما مساء السبت عناصر من «القاعدة» في محيط مدينة زنجبار الجنوبية التي يسيطر عليها التنظيم، حسبما أفاد مسؤول عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية الأحد. وأعلن المسؤول أن قافلة عسكرية تعرضت مساء السبت «لكمين في منطقة دوفس جنوب زنجبار مما أدى إلى مقتل 6 عسكريين آخرين بالإضافة إلى خسائر كبيرة في العتاد». وأوضح أن القافلة قدمت من مدينة عدن (جنوب) لتعزيز اللواء الميكانيكي 25 المحاصر من قبل عناصر «القاعدة» في زنجبار، عاصمة محافظة أبين. وأضاف المسؤول أنه في وقت لاحق «تعرضت قافلة أخرى لكمين ثانٍ في منطقة الكود (قرب زنجبار) وأدى ذلك إلى مقتل 3 عسكريين وإصابة 6 بجروح». وقتل عشرات العسكريين والمدنيين إضافة إلى عدد من عناصر «القاعدة» في مواجهات مستمرة بين التنظيم والقوات الأمنية منذ السيطرة على زنجبار في محافظة أبين.