بان كي مون يترشح لولاية ثانية مدفوعا بمواقفه الداعمة للربيع العربي

دبلوماسيون يأخذون عليه قربه من القوى الكبرى.. والتجديد له سيحرره من القيود

بان كي مون (رويترز)
TT

لا يملك بان كي مون، المرشح لولاية ثانية على رأس منظمة الأمم المتحدة، شخصية سلفه كوفي أنان القوية، إلا أن هذا الرجل الشغوف بالعمل نال تقديرا مهما في العالم بسبب مواقفه الشجاعة حيال الربيع العربي. ويتوقع، حسب دبلوماسيين بالمنظمة الدولية، أن يعلن بان كي مون اليوم الاثنين رسميا ترشيح نفسه لفترة ثانية مدتها خمس سنوات على رأس المنظمة الدولية.

يجوب بان، 66 سنة، وهو وزير خارجية سابق لكوريا الجنوبية، العالم بلا توقف. ويقول مسؤول في الأمم المتحدة: «خلال السفر، هو دائما أول من يستيقظ من النوم وآخر من ينام». وفي نيويورك، «يصل إلى مكتبه عند السابعة والنصف صباحا، ويغادره في قرابة الثامنة مساء، لكنه غالبا ما يعمل في منزله خلال المساء أو في عطلة نهاية الأسبوع»، على حد قول المسؤول.

أما المتحدث باسمه مارتن نيسيركي، فعليه أن يستيقظ يوميا عند الساعة الرابعة والنصف فجرا ليقوم بجولة أفق على صحف العالم ليقدم تقريرا لبان حول التطورات العالمية.

وقد تولى بان منصب الأمين العام للأمم المتحدة في 1 يناير (كانون الثاني) 2007 بعد الإصلاح الرامي إلى جعل هذه المنظمة أكثر فعالية وشفافية وأقل تكلفة، وهي العناوين التي أخذها على عاتقه. وخلال ولايته الأولى، حرص بان كي مون على عدم إثارة غضب الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا). وهذه الدول هي التي ستصدر حكمها على ترشيحه قبل الاحتكام إلى تصويت كامل لدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

إلا أنه يبدو أقرب إلى الولايات المتحدة منها إلى باقي الدول، بحسب بعض الدبلوماسيين. وتعرض في بعض المراحل لانتقادات روسيا بسبب غض الطرف من جانبه على استقلال كوسوفو عام 2008، ثم خلال الحرب التي استعرت بين روسيا وجورجيا في أغسطس (آب) 2008.

كما يبدي بان حرصا كبيرا على عدم إغضاب العملاق الصيني، متجنبا توجيه انتقادات تطال سجلها الملطخ بكثير من الشوائب في مجال حقوق الإنسان. ومن أبرز نقاط الضعف التي تؤخذ عليه، افتقاده شخصية قوية، ولغته الإنجليزية غير المتينة بما يكفي، فضلا عن ضعفه في اللغة الفرنسية. إلا أن صورته لمعت بوضوح مؤخرا في عيون المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب مواقفه المؤيدة للثورات الشعبية في العالم العربي؛ إذ لم يتوان عن توجيه انتقادات حادة في معرض تأييده للثوار ودعوته الحكام إلى الحوار والانفتاح، وفق ما لاحظت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع. ولا تنقص بان، الشجاعة؛ إذ إنه نشر في أبريل (نيسان) الماضي، تقريرا تسبب في إحراج كبير لسريلانكا المتهمة بارتكابها «جرائم حرب» محتملة خلال قمعها لحركة نمور التاميل، كما وقف بصلابة في وجه رئيس ساحل العاج المخلوع لوران غباغبو. ويقول دبلوماسي غربي: «لقد فاجأ معارضيه عبر إظهاره القدرة على تبني خطاب عالي النبرة حول حقوق الإنسان وحماية المدنيين، خصوصا في العالم العربي أو في ساحل العاج. في ساحل العاج، كان التزامه عاملا حاسما في حل النزاع».

أما فيليب بولوبيون العضو في منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية فيقول: «على الرغم من أن الولاية الأولى للأمين العام كانت مخيبة للآمال على صعيد حقوق الإنسان، فإنه استعاد مؤخرا صوته من خلال إطلاق مواقف أكثر صلابة في شأن مصر وليبيا وساحل العاج». ويضيف: «حالما يتحرر من القيود المفروضة على إعادة انتخابه، لن يعود لديه أي عذر لرفض إعلان معارضته عندما يلزم لأي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن».

بدأ بان كي مون مسيرته كدبلوماسي عام 1970 بعد حصوله على إجازة من جامعة سيول الوطنية التي انتقل منها إلى جامعة هارفارد المرموقة في الولايات المتحدة. وباشر التعامل مع الأمم المتحدة عام 1975 موظفا في قسم الأمم المتحدة بوزارة الخارجية الكورية الجنوبية. وبان المولود في 13 يونيو (حزيران) 1944، متزوج وله ابن واحد وابنتان.