المصريون يقدمون الاقتصاد على الديمقراطية في أولوياتهم

دراسة ممولة من الحكومة الأميركية: 15% من المصريين يتأثرون سياسيا بشخصيات دينية

TT

اعتبر استطلاع للرأي، جرى تمويله من قبل الحكومة الأميركية ونشرت نتائجه أمس، أن غالبية المصريين الذين أيدوا الثورة التي اندلعت هذا العام، فعلوا ذلك بصورة أساسية بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.

وسلط الاستطلاع الضوء أيضا على التوقعات الكبرى التي ينتظرها المصريون من حكومتهم المقبلة، حيث توقع ثمانية من بين 10 مشاركين في الاستطلاع أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية العام المقبل.

ويشكل هذا تحديا هائلا أمام من سيتولى مسؤولية إدارة البلاد، خاصة مع تراجع السياحة والاستثمارات الأجنبية مؤخرا على نحو أسفر عن تفاقم المشكلات الاقتصادية الحادة بالفعل داخل البلاد.

وأجرى الاستطلاع المعهد الجمهوري الدولي، وهو منظمة مناصرة للديمقراطية ومقربة من شخصيات أميركية بارزة من الحزب الجمهوري. ويعد إجراء الاستطلاع في حد ذاته دليلا على التغيير الكاسح الذي هز مصر منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في ثورة شعبية، في فبراير (شباط) الماضي. وفيما سبق، واجهت المنظمات الممولة من واشنطن الداعمة للديمقراطية، قيودا صارمة على نشاطاتها في مصر.

ويقدم الاستطلاع، الذي حصلت «واشنطن بوست» على نسخة مسبقا منه، لمحة عن دولة تمر بفترة سياسية غير واضحة المعالم. واعترف سبعة من بين 10 مشاركين في الاستطلاع بأنه لم يسبق لهم التصويت في أي انتخابات سابقة، التي كانت تعج بأعمال التزوير. وفي المقابل، قال جميع من شملهم الاستطلاع تقريبا (95 في المائة) إنهم من المحتمل للغاية أو من المحتمل أن يشاركوا في الانتخابات البرلمانية في سبتمبر (أيلول) المقبل.

كان أعضاء بالكونغرس الأميركي وسياسيون مصريون علمانيون قد أبدوا قلقهم من إمكانية أن تحصد جماعة الإخوان المسلمين، التي ظلت محظورة لفترة طويلة، عددا كبيرا من المقاعد في الانتخابات المقبلة بسبب شبكتهم الواسعة على مستوى المواطنين العاديين، إلا أن غالبية المشاركين في الاستطلاع (65 في المائة) قالوا إنهم لم يحددوا بعد أي الأحزاب سينتخبونها.

وقال 15 في المائة فقط إن آراءهم السياسية تتأثر بقوة بشخصيات دينية، بينما أشارت نسبة أكبر إلى أقاربهم وقادة عسكريين.

من جانبه، أعرب سكوت ماستيك، مدير شؤون الشرق الأوسط لدى المعهد الجمهوري الدولي، عن اعتقاده بأن الاستطلاع سيساعد الأحزاب السياسية المصرية وجمعيات المجتمع المدني وآخرين على تفهم المزاج العام في مصر، وكشف الاستطلاع عن وجود حماس شديد في أوساط المصريين تجاه الثورة واستقالة مبارك، لكن ماستيك استطرد بأن «الاستطلاع يوضح أن بعض القضايا ذات طابع شديد الواقعية، مثل الوضع الاقتصادي، تأتي على رأس قائمة أولويات المواطنين».

وأبدى قرابة ثلثي من شملهم الاستطلاع عن تأييدهم للمظاهرات التي اندلعت في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، بسبب سخطهم حيال المستويات المعيشية المتدنية ونقص فرص العمل. في المقابل، أرجع 19 في المائة فقط تأييدهم للمظاهرات إلى غياب الديمقراطية.

وسعيا للاستجابة للغضب العام، زاد المجلس العسكري المؤقت الدعم الموجه للسلع الاستهلاكية، مثل الوقود والطعام. وأيد محاكمة الكثير من كبار مسؤولي نظام مبارك، وفي أحدث القضايا، صدر، أول من أمس (السبت)، حكم غيابي بالسجن المشدد لمدة 30 عاما ضد وزير المالية السابق، يوسف بطرس غالي، لإدانته بقضايا فساد.

وكشف الاستطلاع أن ثلثي المصريين يرغبون في أن تقترب مصر إلى الولايات المتحدة أكثر من إيران، لكن هذا لا ينفي الحيرة التي يشعر بها كثير من المصريين تجاه الحكومة الأميركية التي كانت داعما قويا لمبارك.

وكان استطلاع لمعهد «بيو» في وقت سابق من العام قد كشف أن 20 في المائة فقط من المصريين لديهم وجهة نظر إيجابية حيال الولايات المتحدة.

جدير بالذكر أن استطلاع المعهد الجمهوري الدولي تم تمويله من جانب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وأشرفت عليه شركة «ويليامز آند أسوشتس»، والتي تتخذ من ماساتشوستس مقرا لها. وشمل الاستطلاع 1200 مقابلة أجريت ما بين 14 و27 أبريل (نيسان). وفي الاستطلاع هامش خطأ يبلغ 2.78 في المائة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»