مصريون يحيون ذكرى خالد سعيد مع تعهد الشرطة بتحسين العلاقة مع المواطنين

والدته لـ «الشرق الأوسط»: فخورة به.. وشباب الثورة عوضوني عن رحيله

والدة خالد سعيد مفجر الثورة المصرية تحمل صورته في ذكراه الأولى («الشرق الأوسط»)
TT

مع تعهد الشرطة بتحسين علاقتها مع المواطنين، يحيي مصريون اليوم ذكرى خالد سعيد، الشاب الذي ألهم مئات الآلاف من الشباب للقيام بثورتهم ضد حكم الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، بعد مقتله في يونيو (حزيران) 2010، حيث يحاكَم اثنان من رجال الشرطة بتهمة تعذيبه حتى الموت. وقالت والدته لـ«الشرق الأوسط» إنها فخورة بابنها، وإن شباب الثورة عوضها عن رحيله.

وأدت حادثة سعيد، التي أثارت الجدل في البلاد، مع حوادث أخرى تخص العلاقة بين الأمن والمواطنين، لثورة في مصر عقب ثورة تونس بأيام قلائل، أطاحت بمبارك ووزير داخليته وقيادات من الحكومة والحزب الحاكم سابقا الذي تقرر حله. وأعلنت وزارة الداخلية في ثوبها الجديد اتخاذ إجراءات عدة لتحسن العلاقة بين المواطنين والشرطة، وعلى الرغم من ذلك ما زالت ليلى مرزوق، والدة سعيد، ترتدي ملابس سوداء. وتقضي النهار ممسكة بوسادة بيضاء مطبوع عليها صورة فلذة كبدها الفقيد، تناجيها بصوت خفيض، ثم تقربها من شفتيها وتقبلها بحنان، في انتظار صدور حكم نهائي ضد المتهمين بقتل ابنها.

وفي الذكرى السنوية الأولى لوفاته، التي تحييها الأسرة اليوم (الاثنين) بمحافظة الإسكندرية (نحو 200 كلم شمال غربي القاهرة)، تجمع آلاف الشبان المصريين للتجهيز للاحتفال في الكثير من المحافظات.

ووصف شبان تجمعوا على كورنيش النيل بالأقصر في أقصى جنوب مصر، أمس، سعيد، وهم يحيون ذكراه، بأنه «باعث ومفجر روح ثورة 25 يناير»، وصاحب الشرارة الأولى التي فجرت ثورة مصر.

ودعت صفحة سعيد على موقع «فيس بوك» لمظاهرات اليوم (الاثنين) بنفس الأماكن التي انطلقت منها قبل ثورة 25 يناير، ومنها منطقة كوبري قصر النيل بالقاهرة، وعلى كوبري ستانلي بالإسكندرية، وعند كوبري المدينة بالإسماعيلية، وعلى كورنيش السويس، وأمام قاعة المؤتمرات ببني سويف، وغيرها.

وتقول والدة سعيد إنها تستمد سعادتها من رؤية الشبان المصريين الذين تبنوا قضية ابنها منذ البداية.. «شعرت بأن الشباب قادرون على فعل شيء يشفي غليلي من مقتل ابني».

وتضيف: «عندما يموت الإنسان يمشي في جنازاته أسرته وأصدقاؤه، أما بالنسبة لابني خالد، فمصر كلها سارت في جنازته وتحيي ذكراه الآن».

وكان سعيد عند وفاته يبلغ من العمر 28 عاما، وكان معروفا بين أقرانه بالهوس بالإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، إضافة إلى أنه كان يعمل كصاحب شركة لاستيراد الأجهزة الكهربائية.

ويقول أصدقاؤه إن واقعة سعيد لم تكن كنظيراتها من حوادث الاعتداء على حقوق الإنسان في مصر في ظل النظام السابق.

وحظيت قضية الشاب سعيد بتغطية إعلامية واسعة منذ وقوعها العام الماضي، على الرغم من أنها لم تكن الأولى من نوعها، وأسهم موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيس بوك» في الترويج ضد التعذيب وقمع الشرطة لعدة أشهر.

وفي النصف الثاني من العام الماضي، لم يكن المصريون يتخيلون أن نظام الحكم يمكن أن يسقط، وأن ملايين المصريين يمكن أن يخرجوا إلى الشوارع مطالبين برحيل مبارك ورجال حكومته وحل الحزب الحاكم. وبرباطة جأش غالبت مرزوق دموعها وهي تعرض صورا لخالد في طفولته، بينما كانت زهرة، أخته الكبرى، تقول بعين مليئة بالثقة: «أقسمت لخالد علي قبره أنني لن أترك حقه يضيع أبدا».

وشاركت والدة خالد سعيد ملايين المصريين اعتصامهم في ميادين المحافظات طيلة 18 يوما للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، وأطلق عليها المعتصمون في ميدان التحرير حينذاك لقب «أم المصريين»، لاهتمامها بالشباب الثوار. وقالت: «روح خالد تحيطني في كل مكان، أشعر بروحه تعيش معي.. أعتبر نفسي وهبته من أجل مصر».

وحثت شباب مصر قائلة: «لا تتركوا حقوقكم، لا تخافوا أن تقولوا لا كما قالها خالد».

وتنظر أسرة خالد سعيد لكل هذا الزخم الشبابي المتأهب لإحياء ذكرى وفاة ابنها، وهي ترى صور كبار المسؤولين السابقين خلف القضبان رهن التحقيقات. وتعتبر أن الأمور تتغير إلى الأفضل، بما في ذلك تعامل الشرطة الجديد مع المواطنين، لكن الأسرة تترقب أيضا الحكم الذي سيصدره القاضي في قضية سعيد في الثلاثين من هذا الشهر، بحق رجلي الشرطة المتهمين بقتله.