جسر الشغور تتخوف من تكرار سيناريو الثمانينات

اسمها يعود الى عام إلى معالم أثرية ترجع إلى عام 1080

جانب من المظاهرات التي شهدتها مدينة معرة النعمان (صورة من الأنترنت)
TT

في حين تضاربت الأنباء أمس عن تحليق طائرات هليكوبتر فوق مدينة جسر الشغور وإطلاقها النار عشوائيا على السكان، لا تزال المدينة التي تقع شمالي محافظة إدلب تعيش أجواء متوترة منذ يوم «جمعة أطفال الحرية» حيث خرجت فيها مظاهرات حاشدة نصرة لبقية المدن السورية فتم إطلاق النار عليها من قبل عناصر الأمن ليسقط عدد من الضحايا وكثير من الجرحى.

وقد نشرت صفحة «أخبار جسر الشغور الحرة» على «فيس بوك» مقاطع فيديو تبين ما قالت إنها «المجازر التي تعرض لها أبناء المدينة في اليومين الماضيين»، وأعلنت عن «تجدد إطلاق النار على المتظاهرين وسقوط ثلاثة منهم يوم السبت أثناء تشييع قتلى يوم الجمعة».

ويتخوف أحد الناشطين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من اقتحام الجيش للمدينة حيث إن «الدبابات تحاصر جسر الشغور من جميع المداخل وهناك خوف من اقتحامها والتنكيل بها كما حدث في مدن أخرى»، ويشير إلى «حملة اعتقالات واسعة وعشوائية تطال الشباب الذين ينزلون في المظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية، إضافة إلى اعتقال أشخاص ليست لهم علاقة بما يحدث تصادف وجودهم في أماكن المداهمات».

وقد بدأت المدينة التي يزيد عدد سكانها على 37 ألف نسمة، بالتحرك والمشاركة في المظاهرات التي تعم البلاد منذ شهر تقريبا، فخرجت مظاهرات قليلة العدد إلى أن تبلورت بشكل واضح في «جمعة أطفال الحرية».

ويشير شاهد عيان من المدينة إلى أن «قوات الأمن والشبيحة قامت بإحراق المحاصيل الزراعية التي لم تحصد بعد بمنطقة الفريكة والقرقور، حيث إن معظم سكان المدينة يعتمدون على الزراعة بشكل رئيسي لتحصيل دخلهم السنوي». و«الجسر» تعتبر من المدن ذات الإنتاج الزراعي الوفير وأغلب مزروعاتها من الأشجار المثمرة، ولعل الزيتون أشهر مزروعاتها، وهي تمتاز به عن غيرها من المدن السورية، ولهذا تكثر معاصر الزيتون فيها.

ويقول أبو طارق، أحد سكان جسر الشغور الذين عاصروا «أحداث الإخوان المسلمين» في المدينة وهرب من البلاد منذ ذلك الحين إن «النظام السوري يريد أن يقتل أبناء وبنات الآباء والأمهات الذين قتلهم في الثمانينات»، ويسرد أبو طارق بعضا من تلك الأحداث حيث «هبت الجسر مع حماه وحمص وحلب لمواجهة نظام (الرئيس السوري السابق) حافظ الأسد فأضربت المدينة يومي السبت والأحد، وفي يوم الاثنين 10/3/1980 خرجت مظاهرة بدأها طلاب المدرسة الثانوية وانضم إليها أعداد كبيرة من المواطنين تندد بالنظام الحاكم، فوصلت إلى البلدة نحو خمس وعشرين طائرة محملة بجنود الوحدات الخاصة يقودها العميد علي حيدر يعاونه عدنان عاصي مدير مخابرات إدلب. نزلت الطائرات حول البلدة في مناطق معمل السكر وحمام الشيخ عيسى وساحة البريد ومحطة القطار. لم ينم أهل البلدة في تلك الليلة حيث استمر قصف مدافع الهاون طوال الليل ثم بدأت قوات الوحدات الخاصة بحملة اعتقالات، وقتلوا من المعتقلين نحو الخمسين شخص، كما أحرقوا محلات تجارية بعد أن نهبوا ما فيها، خاصة محلات الذهب، في حين كانت كتيبة ثانية تعتقل الرجال من أحياء أخرى وتجمعهم في أماكن تمركزها فتذيقهم أقسى أنواع التعذيب كالضرب بالكابلات الحديدية وحرق لحاهم وصعقهم بالكهرباء. وفي اليوم الثالث، قامت الجرافات بتحميل الجثث من الشوارع ودفنها في مقابر جماعية دون كفن أو جنازة، كما نقل عدد كبير من رجال جسر الشغور إلى مدينة إدلب بعد تحميلهم في السيارات مكبلي الأيدي والأرجل بالأسلاك، يضربونهم ضربا شديدا، ثم انتقلت هذه الوحدات إلى قرى جسر الشغور الجانودية والحمامة وشغر». ويتخوف أبو طارق من «تكرار السيناريو نفسه الآن في ظل الصمت الدولي والعربي على الجرائم التي تقترف».

يذكر أن اسم جسر الشغور أطلق على هذه المدينة التي تعود بعض المعالم الأثرية فيها إلى عام 1080، نسبة إلى الجسر الحجري الممتد فوق نهر العاصي المار منها. أما كلمة الشغور، فيعتقد أنها مأخوذة عن كلمة «الثغور» التي تعني المناطق الحدودية التي يخشى دخول العدو منها، وجسر الشغور كما هو معروف من المناطق الحدودية، فأصل التسمية «جسر الثغور»، ومن ثم تحولت إلى جسر الشغور لأنها أخف في النطق وأسهل، كما يمكن نسبة كلمة الشغور إلى قلعة الشغر الموجودة شمال غربي المدينة، وفي اللغة العربية «الشغور» هي الأرض الخصبة الكثيرة المياه.