ممثلو المعارضة السورية في بروكسل يشكلون 3 لجان لدعم الثورة الشعبية

طالبوا بزيادة الضغط على الأسد.. وخدام: اجتماع أنطاليا سعى لتسوية مع النظام السوري وليس لدعم الثورة

سوريون يرفعون لافتات تدعو لوقف حمام الدم في بلدهم امام مبنى السي إن إن بكاليفورنيا أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا ممثلون للمعارضة السورية في أوروبا مجتمعون في بروكسل، أمس، المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على الرئيس بشار الأسد، مطالبين في الوقت نفسه بإجراء تحقيق مستقل حول القمع الدامي للمظاهرات المناهضة للنظام السوري، في وقت وجه فيه النائب السابق للرئيس السوري، عبد الحليم خدام، مقررات مؤتمر أنطاليا، الذي عقدته المعارضة السورية أخيرا، قائلا إنها لم تقدم أي مشروع لدعم الثورة الشعبية، ولكنها مهدت لتسوية مع النظام.

وقال منظمو مؤتمر «التحالف الوطني لدعم الثورة السورية»، الذي اجتمع يومي السبت والأحد، بحضور أكثر من مائتي شخصية سورية، إن «هناك حاجة إلى مزيد من الضغط على النظام».

وأضاف هؤلاء في مؤتمر صحافي: «من الأهمية بمكان، فرض عزلة دبلوماسية على النظام السوري، وعدم السماح له بأن يكون ممثلا في المحافل الدولية».

وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة عقوبات تستهدف الرئيس السوري وقريبين منه. واعتبر المعارضون أن قيام الرئيس السوري بتشكيل هيئة لإطلاق «حوار وطني» هو بمثابة «مهزلة».

وتابعوا: «لا يمكن الحديث حاليا عن حوار وطني»، بينما القمع مستمر في سوريا.

وأكد المؤتمر على دعم ومساندة الثورة الشعبية السورية، مع الالتزام بسقف مطالب الشعب السوري وسلمية الثورة، وتأسيس مكتب للائتلاف في بروكسل، مع تشكيل ثلاث لجان سياسية وإعلامية وحقوقية لشرح حقيقة الوضع في سوريا للدول المختلفة والكتل والأحزاب، والتواصل مع المؤسسات الدولية، وتنظيم اعتصامات ومظاهرات لحشد الرأي العام العالمي.

كما أكدوا أيضا على إبراز نشاط السوريين في الداخل والخارج، واعتماد آليات محددة لإيصال صوت الثورة للفعاليات الإعلامية، وفضح ممارسات النظام القمعية، وتوثيق الجرائم التي ترتكب، ورفع دعاوى أمام المحاكم المتخصصة، والعمل على نقل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، حسبما جاء في نص البيان الختامي للمؤتمر، الذي جرت قرأته في مؤتمر صحافي.

وشارك في المؤتمر حشد كبير من السوريين من كتل سياسية معارضة وشخصيات مستقلة، ولوحظ وجود تباين في وجهات النظر بشأن تفسير المواقف؛ من رحيل النظام أو تحديد فترة انتقالية. وقال سقراط البعاج، أستاذ جامعي في دمشق (من معارضة الداخل، وخرج قبل الثورة بيومين) لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك بالفعل اختلافا بين الداخل والخارج في سقف المطالب؛ فالمعارضة الداخلية تطالب بالرحيل الفوري لبشار والنظام وحل المؤسسات الحالية، بينما المعارضة في الخارج ترى انتقال السلطة لنائب الرئيس مع فترة عام، لا تشكيل مؤسسات جديدة، ورحيل بشار أيضا».

وعقد هذا المؤتمر غداة مؤتمر آخر عقده معارضون سوريون، الأربعاء الماضي، في مدينة أنطاليا التركية.

وأوضح أحد منظمي مؤتمر بروكسل، الدكتور باسم حتاحت، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن مؤتمرات أخرى ستنظم في الخارج قريبا. وأعرب طبيب الأسنان، بدرلديان بهرو، الذي يقيم في السعودية وجاء إلى بروكسل للمشاركة في المؤتمر عن ثقته «بأن بشار الأسد سيرحل»، وأضاف: «يبقى أن نعرف متى؟ وبأي ثمن؟». وشارك بهرو أيضا في مؤتمر المعارضة السورية في أنطاليا.

إلى ذلك، انتقد عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري، مقررات مؤتمر أنطاليا، الذي عقدته المعارضة السورية يومي الأربعاء والخميس الماضيين، قائلا إنها لم تقدم أي مشروع لدعم الثورة الشعبية، ولكنها مهدت لتسوية مع النظام.

وقال خدام في بيان أصدره، أمس، إن ما جاء في مقررات مؤتمر أنطاليا يعني اعترافا بشرعية النظام، من خلال تبنيها لصيغة تمكن النظام من الاستمرار في الحكم لمدة عام بهيكليته الدستورية والمؤسساتية، مشيرا إلى أن أي انتخابات مقبلة بعد ذلك «ستفرز أكثرية ساحقة من أنصار النظام القائم».

وأوضح خدام أن «النظام ليس شخص الرئيس فقط، وإنما الدستور والمؤسسات الدستورية والحكومية.. وبالتالي فإن بقاء الدستور الحالي مع أي رئيس جديد سيدفع هذا الرئيس إلى الانفراد بالسلطة».

ودعا «المؤتمر السوري للتغيير»، الذي عقد في مدينة أنطاليا التركية، الرئيس السوري بشار الأسد إلى «الاستقالة الفورية»، وإلى «تسليم السلطة إلى نائبه»، مكررا عزمه العمل على «إسقاط النظام».

وجاء في البيان الختامي الذي قُرئ في ختام أعمال المؤتمر أن المجتمعين «يلتزمون برحيل بشار الأسد وإسقاط النظام ودعم الحرية، ويدعونه إلى الاستقالة الفورية من جميع مناصبه وتسليم السلطة، حسب الإجراءات المرعية، إلى نائبه».

ودعت المعارضة أيضا «إلى انتخاب مجلس انتقالي يضع دستورا، ثم تتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام، ابتداء من استقالة الرئيس السوري».

وقال خدام في بيانه إن مؤتمر أنطاليا «قدم مشروع تسوية مع النظام، وليس وضع مشروع لدعم الثورة الملتهبة في البلاد التي أجمع فيها الجميع على إسقاط النظام، وبناء دولة ديمقراطية حرة يتساوى فيها المواطنون بالحقوق والواجبات».

وأضاف: «ما جاء في توصيات المعارضة يعني الاعتراف بشرعية النظام الذي سيستمر مدة سنة بهيكليته الدستورية والمؤسساتية، وكذلك استمرار القائمين على العمل الذين وضعهم النظام، وهذه المؤسسات هي الحزب، الجبهة الوطنية، الممسكون بالجيش وأجهزة الأمن وبمفاصل الدولة الرئيسية والفرعية، وبالتالي فإن أي انتخابات ستفرز أكثرية ساحقة من أنصار النظام القائم».

وأوضح خدام أن «النظام ليس شخص الرئيس فقط، وإنما الدستور والمؤسسات الدستورية والحكومية.. والدستور نفسه هو الذي أعطى رئيس الدولة صلاحيات شاملة بالقرار وبالتالي بقاء الدستور الحالي مع أي رئيس جديد سيدفع هذا الرئيس إلى الانفراد بالسلطة». ولفت إلى أن بيان المعارضة لم يتحدث عن المادة الثامنة من الدستور، التي تنص على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة»، متسائلا: «هل هذا التجاهل للانسجام مع حديث الأمين القطري المساعد لحزب البعث، الذي أعلن رفض تعديل المادة الثامنة من الدستور، وبالتالي فهل الهدف من عدم الإشارة إليها تسهيل عملية الحوار المحتملة مع النظام؟».

وقال خدام في بيانه إن توصيات المعارضة تعرضت للحديث عن «الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام كعبارة عامة، ولم تربط بين هذه الجرائم التي ارتكبها النظام والذين أمروا بها وخططوا لها وأشرفوا على تنفيذها؛ سواء جرائم القتل واجتياح المدن والقرى والتمثيل بأجساد الشهداء، كما حدث للطفل الشهيد حمزة الخطيب، كذلك تم تجاهل الإشارة إلى المعتقلين وتعذيبهم، وهنا التساؤل هل تجاهل طلب محاكمة المسؤولين في ارتكاب هذه الجرائم هو جزء من مشروع التسوية؟».

وحول توصية المعارضة برفض التدخل الأجنبي ومناشدة المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف الانتهاكات لحقوق الإنسان، قال خدام إن المعارضة لم توضح الفرق بين مضمون الفقرتين، وقال: «في هذا المجال هل يرى المؤتمرون أن النظام القائم في سوريا الآن نظام وطني؟ وهل النظام الذي يستخدم الجيش وأجهزة الأمن في اجتياح المدن والقرى بالدبابات والأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة نظام وطني؟ وهل المدفع والدبابة اللذان يعودان للجيش وطنيان، على الرغم من أنهما يدمران الوطن؟».

وأشار خدام في هذا الخصوص إلى الدور الإيراني في سوريا، وقال: «ألا يعرف المشاركون بالمؤتمر حجم الدور الإيراني في عمليات النظام الدموية؟ وهل في ذلك تصبح تلك المشاركة الإيرانية مشاركة وطنية؟». وأضاف: «السؤال لماذا تم تجاهلها؟ ألم يستعن النظام بإسرائيل عبر تصريحات رامي مخلوف لجريدة (نيويورك تايمز) التي طالب فيها الولايات المتحدة بوقف الضغط على رئيسه، ثم توجه بالخطاب إلى إسرائيل يبلغها بأن أمن إسرائيل مرتبط بأمن سوريا، وهل مثل هذا الموقف موقف وطني؟».

وأوضح نائب الرئيس السابق أن «النظام بقواته يقوم بذبح المواطنين ويحاول إذلالهم وهم يتظاهرون في مظاهرات سلمية.. هل يجب ترك النظام ليستمر بجرائمه؟ أم يجب البحث عن كل وسيلة تحمي هذا الشعب من القتل والقمع والاضطهاد؟ أليس علينا أن نتحمل المسؤولية الجدية في مطالبة المجتمع الدولي بتحرك جاد لوقف هذه المذابح وشل هذا النظام وتمكين الشعب من تحقيق طموحاته؟ أيهما أكثر عمقا وطنيا؛ حماية الشعب السوري وإنقاذه أم شعارات وهمية مرفوعة دون إدراك ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع؛ سواء عبر ازدياد القتل والتدمير أو ردود فعل تؤدي إلى تمزيق الوحدة الوطنية؟».

واختتم خدام بقوله إن «بيان المعارضة تجاهل الحديث عن مسألتين مترابطتين؛ الأولى قانون العفو الذي أصدره رئيس النظام، والمسألة الثانية الحوار الذي يعده هذا النظام فهل سبب ذلك أن ما ورد في البيان يشكل ورقة عمل للحوار؟».